منذ الأزل وتحارب تركيا الكرد وتواجدهم أينما كانوا، لأنها تعلم علم اليقين أنها ظالمة لهم ومستولية على جزء واسع من أرضهم وتنتهك حقوقهم وترتكب أبشع الجرائم الإنسانية بحقهم على أراضها وخارج حدود بلادها في أي مكان يتنفس به كردي واحد، ولو استطاعت لمسحت هويتهم واجتثت جذورهم، لكن إن قتلت تركيا كردياً واحداً سيولد بدلاً عنه المئات بل الآلاف.
ولتطفئ نارِ حقدها على الكرد، فما لها سوى أن تهاجمهم بين الحين والآخر على الحدود السورية شمال شرق البلاد وتوقع قتلى وجرحى مدنيين عدا عن إلحاق الضرر بالمنشآت الحيوية والخدمية، هذا الاعتداء يكون من خلال طائرات مسيرة، أما في المناطق التي تحتلها خاصة في عفرين المدينة الكردية، فتفعل ما يحلو لها من قتل واغتصاب وخطف وفرض إتاوات وتهجير قسري دون أي رادع من أي جهة حقوقية دولية إنسانية.
ومن يعتدي على شعبٍ مسالم آمن في بلده بكل هذه الوسائل دون أي مبرر ولا حق، فماذا سيفعل إن احتفل الكرد بعيدهم القومي، ألا وهو “عيد النوروز”، في كل عام يحتفل فيه الكرد بالنوروز، تتصدر تركيا عناوين الأخبار بانتهاكات بحقوق الكرد، فتارة تعتقلهم على أرضها، وتهاجمهم في حملة مداهمات واسعة تعتقل العشرات وتقتادهم إلى جهة مجهولة، وتارةً أخرى تفصلهم من وظائفهم الحكومية وصور أخرى متعددة للانتهاكات التركية اللامنتهية.
أما في نوروز هذا العام، فقد انتشر على مواقع التواصل الافتراضي، مقاطع لتعرّض عدد من عوائل الكرد في مدينة لوفن، لهجوم من قبل المئات من الأتراك، أثناء عودتهم من احتفالات نوروز، ومرور قافلتهم في بلدة هيوسدن زولدر في أقاليم ليميورخ شمال بلجيكا.
ودمر العنصريين الأتراك العديد من المركبات وهاجمت العشرات من الأشخاص الذين لجأوا إلى أحد المنازل، ويظهر في المشاهد المنتشرة على مواقع التواصل الافتراضي أن المجموعة العنصرية تحاول دخول المنزل مع رفع “تكبيرات”.
وبحسب شهود عيان، فإن عنصريين حاولوا إحراق نحو 40 شخصاً كانوا محتميين في أحد المنازل، وأحرقوا الرموز الكردية، كما أصيب العديد من الأشخاص، لكن لم يتم الحصول على معلومات واضحة بعد.
كما انتشرت على مواقع التواصل الافتراضي مشاهد مصورة للعنصريين الأتراك وهم يحاولون قتل شاب، وفي مشاهد أخرى، يظهر بعض الأشخاص مستلقين على الأرض بلا حراك وتوجيه الإهانات والشتائم باللغة التركية ضدهم.
وبعد مرور نصف ساعة، استطاع العشرات من شباب الجالية الكردية في كل من هولندا وبلجيكا الوصول إلى المنزل، وبدأوا بمساندة الشرطة البلجيكية في حماية العوائل.
وعقب الحادثة، احتجت الجالية الكردية في مدينة لوفن، مطالبين بالقبض على المهاجمين ومعاقبتهم على الفور، كما تم التعرف على صور بعض المهاجمين ونشرها في وسائل التواصل الافتراضي.
وكأي شعب مضطهد مغترب، من الطبيعي أن نرى تكاتف وتلاحم الجالية الكردية في بلجيكا ووقوفهم مع أبناء قوميتهم ضد ما يتعرضون له من ظلم واعتداء، فرأينا المظاهرات والاحتجاجات الواسعة المؤيدة للكرد، لكن مظاهر الشغب وأعمال التخريب ليست من صفات ولا من الأخلاقيات التي قام عليها الكرد، ويجدر التنبيه إلى أنه ومهما زادت حدة الاستفزاز والاعتداء من قبل العنصريين الأتراك ضد الجالية الكردية، فإنه يتوجب عليهم أخذ الحيطة والحذر وعدم التعرض لقوى الأمن وقوى حفظ النظام في بلجيكا، وأي دولة أخرى تشهد احتجاجات وتظاهرات، حيث يتعمد الأعداء لاستفزاز الجالية الكردية ليجبروهم على ارتكاب أعمال تخريبية وتصبح حجة تتمسك بها تركيا وتصنفهم ضمن “الإرهاب”، فالجالية الكردية تعيش في الشتاة، وتمثل أقلية في الدول التي تعيش فيها، لذا عليها التقيد بالقوانين الناظمة للحياة في تلك الدول. وعدم الإنجرار إلى الاستفزاز والتهور، الذي يساعد تركيا كدولة من الاستفادة منها في هذه القضية، وقلبها ضد الكرد، في وقت كانوا فيها الضحية وأصحاب الحق، وكانوا هم المغدورون الذين تعرضوا للهجوم في بادئ الأمر.