تسعى تركيا بكل ما تملك للحصول على مساومة جديدة مع الروس وكذلك الإيرانيين، وبالعودة للاتفاقات المبرمة بين كل من تركيا وروسيا منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي رسمه مسار أستانة عام 2017 وما نتج عنه من تفاهمات تتعلق بتبريد خطوط القتال في المنطقة الواقعة بين سكة قطار حلب -دمشق وطريق الترانزيت بين المدينتين/M5 و”اتفاق سوتشي” أيلول (سبتمبر) 2018 وملحقاتها من مذكرات وخرائط وتقسيم المناطق إلى نقاط خفض تصعيد في أربع مناطق من درعا إلى إدلب وما بينهما في ريف دمشق وحمص، وانتشار نقاط المراقبة التركية والإيرانية في منطقة إدلب وانتهت التفاهمات العريضة لذلك المسار بعد التوافق بين الرئيسين اردوغان وبوتين بالتوقيع على اتفقا موسكو في 5 آذار (مارس) 2020 لكنها لم تنفذ وحاولت موسكو عدم استفزاز أنقرة مجددا وفرض ما جرى التوافق عليه.
وتتمثل النظرة التركية للاتفاقات بتعهدات موسكو إبعاد ما تصنفها أنقرة بتنظيمات “إرهابية” عن شريطها الحدودي، مقابل ضمان تركيا للنشاط التجاري على الطريق الدولي (M4) وإنشاء منطقة أمنية على عمق 6 كم من جانبي الطريق، بينما تبنت موسكو مؤخرًا رؤية جديدة لم تحتويها اتفاقات أستانة وسوتشي السابقة من خلال إنجاز خطوات فعلية في مسار ترعاه للتطبيع بين أنقرة ونظام الأسد، وتحقيق إجراءات فعلية كافتتاح السفارات بين دمشق وأنقرة، وربما عقد لقاء على مستوى القمة بين اردوغان وبشار الأسد.
تركيا تسعى لترسيخ علاقاتها مع إيران وروسيا على الأراضي السورية وكسبهم، كان ذلك واضحاً من خلال عدةً خطوات خطتها تركيا، فلكسب روسيا حليفة سوريا عليها أن تحسن من علاقاتها مع الدولة المجاورة “سوريا”، فقد قدمت مقترحاً خلال اجتماعات تطبيع العلاقات بينهم برعاية روسية العام الماضي نص على تسليم سجلات عناصر الفصائل المسلحة العاملة بإمرتها في إدلب مقابل تسليمها مدينة إدلب وكافة المعابر الحدودية السورية، إن كل هذه التحركات والاتفاقات والاجتماعات والالتفافات وهدف تركيا الأسمى على أراضي سوريا هو ضرب الإدارة الذاتية المتمثلة بشمال شرق البلاد بحجة حماية “أمنها القومي”، تمول “داعش” مادياً وعسكرياً، تقصف وتهجر لتشتيت انتباه القوى العسكرية فيشمال شرق سوريا وتنعش خلايا مرتزقة داعش مجدداً، وتلعب على وتر الطائفية وتعدد المكونات في ديرالزور من خلال تحريض العشائر العربية وأبنائهم ضد مشروع الأمة الديمقراطية، تدمر المنشآت الخدمية وتقطع شرايين الحياة الأساسية من مياه وكهرباء ووقود وكأن لا شاغل لها في كل العالم سوى الإدارة الذاتية.
وبالرغم من كل ذلك ستبقى تفشل بمخططاتها رغم تعددها، كل ذلك بفضل وعي أبناء شمال وشرق سوريا، وإدراكهم أن مشروع الأمة الديمقراطية الذي تدعو إليه الإدارة الذاتية هو الةحيد الكافل لحقوقهم ويضمن حرياتهم.