في ظل تصاعد خطاب الكراهية والعدائية ضد اللاجئين السوريين والمطالبات في طرد السوريين وترحيلهم شملت المؤيدين للحكومة السورية والمعارضين في لبنان، طالب الأمن العام اللبناني من السوريين، غير المستوفين لشروط النزوح أو العمل أو السكن بصورة قانونيةّ، إخلاء المنازل والأماكن التي يشغلونها في مناطق بمحافظة الشمال اللبناني، تنفيذا لقرارات الحكومة ومجلس الأمن المركزي والمحافظين، في مختلف المناطق اللبنانية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأضاف المرصد أنه وقبل أيام، دعت بعض المجالس البلدية في لبنان، إلى منع تجول العمال الأجانب لا سيما السوريين من الساعة الثامنة مساء ولغاية السادسة صباحا، إضافة إلى تقديم أوراق ثبوتية مع صورتين شخصيتين لكل فرد من أفراد العائلة في مبنى البلدية، ورفض استقبال نازحين “غير مستوفين الشروط القانونية من خارج البلدة”.
وأبلغت المواطنين اللبنانيين للتعاون مع السلطات المحلية، حفاظا على الأمن العام في البلدات، وحرصًا على سلامة الجميع من مقيمين وعاملين.
كما دعت المالكين إلى تسجيل الإيجارات المكتومة منها وغير المكتومة في قلم البلدية، والتصريح عن أسماء كل اللاجئين السوريين والأجانب من مالك العقار خلال أسبوع ، على أن يتحمل صاحب العقار مسؤولية المستأجرين لديه.
في ذات السياق، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أمس إنه، في الأشهر الأخيرة، احتجزت السلطات اللبنانية سوريين تعسفيا وعذبتهم وأعادتهم قسرا إلى سوريا، وبينهم نشطاء في المعارضة ومنشقون عن الجيش.
وثّقت هيومن رايتس ووتش بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2024 بإقدام “الجيش اللبناني” و”المديرية العامة للأمن العام”، وهو جهاز الأمن اللبناني المشرف على دخول الأجانب وإقامتهم، على الإعادة القسرية بحق منشق عن الجيش السوري وناشط معارض. وفي قضية منفصلة، احتجزت مخابرات الجيش اللبناني لفترة وجيزة وعذّبت رجلا سوريا، زُعم مشاركته في مظاهرة تضامنية مع النساء في غزة. يكافح لاجئون سوريون آخرون للبقاء في لبنان رغم أوامر الترحيل والبيئة العدائية المتزايدة التي تفاقمت جرّاء إقدام المسؤولين على اتخاذ اللاجئين كبش فداء.
ووفق تقارير إعلامية، قال رمزي قيس، باحث لبنان في هيومن رايتس ووتش: “فرض المسؤولون اللبنانيون لسنوات ممارسات تمييزية ضد السوريين المقيمين في البلاد كوسيلة لإجبارهم على العودة إلى سوريا، التي ما زالت غير آمنة. الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والترحيل بحق السوريين الذين يواجهون خطر الاضطهاد المثبت إذا عادوا هي نقاط تمعن في تلطيخ سجل لبنان في التعامل مع اللاجئين”.
وفي مارس/آذار، أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” على علم بـ”ترحيل 13,772 فردا من لبنان أو إرسالهم إلى الحدود السورية في حوالي 300 حادثة في عام 2023″، بما في ذلك 600 في يوم واحد في 8 نوفمبر/تشرين الثاني. ذكر التقرير أيضا “اتخاذ السلطات المحلية في 27 بلدية إجراءات تحد من قدرة اللاجئين السوريين النازحين في جنوب لبنان على إيجاد مأوى بديل”، في إشارة إلى تهجير عشرات الآلاف من جنوب لبنان في أعقاب القتال عبر الحدود بين إسرائيل والفصائل المسلحة اللبنانية والفلسطينية المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
يشكّل ترحيل السوريين النشطاء في المعارضة والمنشقين عن الجيش انتهاكا لالتزامات لبنان كطرف في “اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب” وبموجب مبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي العرفي، والذي يعني عدم إعادة الأشخاص قسرا إلى بلدان يواجهون فيها خطرا واضحا يتمثّل في التعرض للتعذيب أو غيره من أشكال الاضطهاد.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومات الأخرى التي تقدم التمويل للجيش اللبناني والأمن العام الضغط عليهما لإنهاء عمليات الترحيل غير القانونية وباقي الانتهاكات لحقوق السوريين. ينبغي للحكومات المانحة أيضا وضع آلية علنية لتقييم تأثير تمويلها على حقوق الإنسان، والضغط على لبنان للسماح بآلية إبلاغ مستقلة لضمان عدم مساهمة التمويل في انتهاكات حقوقية أو إدامتها.