اختتمت الجولة الـ 21 من اجتماعات أستانا الخاصة بالملف السوري بتاريخ 25 كانون الثاني الماضي، وذلك بإصدار بيان ختامي تعامى عن الاحتلال والهجمات التركية على الأراضي السورية، وبشكل عمومي ودون الخوض في التفاصيل، تحدث البيان عن أهمية مواصلة العمل على إعادة العلاقات بين حكومة دمشق والاحتلال التركي.
واستغلت دولة الاحتلال التركي هذه الاجتماعات لاحتلال عفرين عبر عقد صفقات مع روسيا، إذ تم إفراغ الغوطة الشرقية من فصائل تركيا لقاء السماح لتركيا باحتلال عفرين، حيث حققت مصالح ما تسمى الدول الضامنة، فروسيا استطاعت أن تخفف هجمات الفصائل على دمشق، وبالتالي ساعدت الأخيرة في استعادة مناطق جديدة وفرض الحصار على مناطق أخرى وتجويع سكانها، وجعل الفصائى فيها يستسلمون، كما سمحت هذه الجولات باحتلال مناطق سري كانيه وكري سبي في شمال وشرق سوريا، في تشرين الأول من العام 2019.
ومنذ الجولة الـ 21 حاولت الدول ما تسمى بالضامنة، دفع التطبيع بين حكومة دمشق والاحتلال التركي، حيث تم مناقشة خريطة الطريق الروسية بشأن ذلك.
وكما هي العادة، وقبل كل جولة لمسار أستانا، تشهد مناطق ما تسمى “خفض التصعيد” جولة من القصف والاشتباك المتبادل، حيث شنت الطائرات الروسية خلال الأيام الماضية غارات عنيفة في إدلب ومحيط تلال الكبينة في ريف اللاذقية الشمالي، وسط الحديث عن استعدادات هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) للقيام بما اسمته عملية عسكرية واسعة ضد مواقع قوات حكومة دمشق في حلب وإدلب.
وفي ظل هذه التطورات، دفع جيش الاحتلال التركي بتعزيزات عسكرية جديدة إلى نقاطه في جبل الزاوية في جنوب إدلب.
على الرغم من أن الأجواء في شمال غرب سوريا، تشير إلى أن التفاهمات ضمن مسار أستانا بين الاحتلال التركي وروسيا وإيران، تتجه إلى الانهيار، إلا أن ذلك يعد صعباً وخاصة أن النتائج لن تكون في صالح هذه الأطراف، ووفقاً لما يتوقع بأن الأطراف المحلية في هذا الصراع تحاول استغلال الظروف الإقليمية والدولية.
من جهة، تسعى الفصائل لتوسيع مناطق احتلالها على حساب قوات حكومة دمشق، وخاصة أنها تنظر إلى ما تسميهم الفصائل التابعة لإيران وخاصة حزب الله التي تدعم قوات حكومة دمشق، منشغلة بالتصعيد مع إسرائيل، وبالتالي يشكل ذلك فرصة لها.
ومن جهة ثانية، يمكن أن يستغل الاحتلال التركي الضغوط من قبل الفصائل على حكومة دمشق بهدف دفع الأخيرة وروسيا وإيران لدعم عدائها بشكل صريح ومباشر للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا.
ويعود ثلاثي الصفقات، المتمثل بروسيا وإيران والاحتلال التركي، اليوم، إلى طاولة ما يسمى بـ “مسار أستانا” المتعلق بالأزمة السورية، وذلك بالتزامن مع تطورات إقليمية ودولية ساخنة.
كما إن التصعيد المستمر في شمال غرب سوريا ومناطق ما تسمى “خفض التصعيد” التي أقرّتها دول حلف أستانا، هو سيد الموقف.
كما أن هذه الأطراف ستحاول توسيع عمليات التنسيق بين بعضها لحماية مصالحهم الاقتصادية في سوريا كي لا تتأثر بتداعيات التصعيد في دول الجوار.
فيما يؤكد مراقبون إن دولة الاحتلال التركي ستحاول الضغط على كل من روسيا وإيران لتشكيل نوع من التحالف غير مباشر ضد الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
ويذهب المراقبون كذلك في تحليلهم إلى أن إمكانية التوافق بين الأطراف الثلاثة على حساب المطالب السورية، كما يشكل المسار عامل اختبار جديد لحكومة دمشق، لتثبت ما ترفعه من شعارات حول الوطنية والاستقلال.