تغيـ.ـير ديمـ.ـغرافي وانـ.ـتهاكات عـ.ـرقية.. تركيا تخـ.ـتبئ وراء اسم دعـ.ـم الازمـ.ـة السورية

لا يقتصر الوجود التركي في المناطق الشمالية في سوريا على الجانب العسكري فقط، بل تعمل سلطات الاحتلال التركي بالتعاون مع الفصائل المسلحة التابعة له على نشر الثقافة واللغة التركية، إلى جانب احتكار المشاريع الاقتصادية الرئيسية في منطقة عفرين.
في كانون الثاني/يناير 2018، أطلق الاحتلال التركي والفصائل المسلحة الموالية له عملية عسكرية في المنطقة، تهدف إلى السيطرة على منطقة عفرين الكردية، التي كانت تحت حماية المقاتلين الكرد منذ بداية الأزمة السورية.
سيطر الاحتلال التركي رفقة فصائل المعارضة الموالية له على عفرين بعد نحو شهرين من المعارك مع وحدات حماية الشعب، لتبدأ بعدها بتغيير هوية المنطقة عبر توطين عائلات عناصر الفصائل التابعة له وإسكانهم في منازل السكان الأصليين.
مارست فصائل ماتسمى بالمعارضة السورية التابعة للاحتلال التركي أنماطاً عدة من انتهاكات حقوق الإنسان بحق السكان الأصليين في منطقة عفرين، من اعتقالات تعسفية وفرض إتاوات والاستيلاء على ممتلكات النازحين.
وطالت الإتاوات سيارات المدنيين الخارجة والداخلة إلى عفرين وأصحاب الجرارات الزراعية، وحتى المنح المالية والمساعدات الإغاثية المقدمة لمتضرري الزلزال.
وتسببت الحملة العسكرية حينها بنزوح أكثر من 300 ألف شخص من السكان الأصليين، وتمركزوا في مخيمات في مناطق الشهباء في ريف حلب على بعد عشرات الكيلومترات فقط من منازلهم. ولا يزال التهجير مستمراً بحقهم حتى الآن من خلال سياسة التضييق عليهم بشتى الوسائل.
وحلّ مكانهم في عفرين نازحو دوما والغوطة الشرقية وحمص وحماه وغيرها من سكان المناطق التي استعادتها الحكومة من الفصائل التي تسمى بالمعارضة الموالية للاحتلال.
ارتكبت ماتسمى فصائل الجيش الوطني السوري والشرطة العسكرية الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والإخفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وأخضعت عشرات الأشخاص لمحاكمات عسكرية جائرة في ظل إفلات من العقاب. أبلغت نساء كرديات محتجزات عن تعرضهن للعنف الجنسي، بما فيه الاغتصاب، واحتُجز أطفال لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر مع أمهاتهم.
كما أنها تمثل تصعيداً واضحاً “لجرائم العقاب الجماعي” التي تواصل قوات الاحتلال إيقاعها بالسكان المدنيين في تحلل واضح من التزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي، ويجب أن يتحمل المجتمع الدولي، لاسيما الدول الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، مسؤولياته القانونية والأخلاقية بالتحرك العاجل لوقف جرائم الحرب التركية، وتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين.
في ٢٩ شباط/فبراير الفائت، أصدرت “هيومن رايتس ووتش” تقرير قالت فيه، إن “تركيا تتحمل مسؤولية الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب المحتملة التي يرتكبها عناصر قواتها والجماعات المسلحة المحلية التي تدعمها في الأراضي التي تحتلها تركيا في شمال سوريا”. تحمّل السكان الأكراد وطأة الانتهاكات لأنه ينظر إليهم بسبب علاقاتهم المفترضة مع القوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال وشرق سوريا.
وأضافت أن “الانتهاكات والإفلات من العقاب في مناطق شمال سوريا التي تحتلها تركيا عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني والعنف الجنسي والتعذيب من قبل فصائل مختلفة في تحالف فضفاض من جماعات مسلحة”، وهو “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، وكذلك “الشرطة العسكرية”، وهي قوة أنشأتها “الحكومة السورية المؤقتة” والسلطات التركية في 2018، ظاهرياً للحد من الانتهاكات.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن القوات المسلحة ووكالات المخابرات التركية متورطة في تنفيذ الانتهاكات والإشراف عليها.
ووثّقت رايتس ووتش أيضا انتهاكات الحق في كل من السكن والأراضي والملكية، بما فيها عمليات النهب والسلب الواسعة، فضلا عن الاستيلاء على الممتلكات والابتزاز، وفشل محاولات المساءلة في الحد من الانتهاكات أو تقديم تعويضات للضحايا.
وحملت رايتس ووتش تركيا مسؤولية “الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب” التي ترتكبها قواتها والفصائل المسلحة التابعة لها التي تدعمها في الأراضي التي غزتها في شمال سوريا.
ويمارس الاحتلال التركي انتهاكات يومية بحق السكان الكرد، دون وجود رادع قانوني، ورغم وجود محاكم لكن دورها شكلي، كون القاضي والجاني من الفصائل.  
ولا تزال المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب المحتملة في الأراضي التي تحتلها تركيا بعيدة المنال. كما أن هذه الممارسات تهدف لإحداث تغيير ديمغرافي ومحو هوية المنطقة. 
كما تم تصنيف عفرين ضمن 10 مدن الأكثر خطراً في العالم. إذ حلّت في المرتبة الثامنة على قائمة أخطر دول العالم للعام 2024، وذلك بحسب تقرير صادر عن صحيفة MATT Group.