كان مجلس الاتحاد الأوروبي أقرّ في أبريل /نيسان 2017 الإستراتيجية الأوروبية إزاء سوريا التي عُدّلت مرارًا، إلى أن أصبحت تقوم على “ثلاث لاءات” هي: “لا للتطبيع مع دمشق، لا لرفع العقوبات، لا لإعمار سوريا ما لم يتمّ تحقيق تقدّمٍ ملموسٍ في العملية السياسية حسب القرار الدولي رقم 2254”.
في الواقع السوري، لم يحدث أيّ تغييرٍ جديّ منذ أن بسط حكومة دمشق بمساعدةٍ إقليميةٍ حضوره على بعض المناطق السورية، ما أرسى نوعًا من التوازن الأمني والسياسي في البلاد. لكنّ هذا الأمر كرّس حضورًا روسيًا وإيرانيًا وتركيًا وأميركيًا وعمل بطريقةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرةٍ على إبعاد اللاعب الأوروبي، وأضعف وجوده في المنطقة، الأمر الذي انعكس سلبًا على مصالح شركاته، فحفّز ذلك الدول الأوروبية لوضع إستراتيجية جديدة تحاكي الواقع الراهن في سوريا.
لا يتعلّق الاهتمام الأوروبي المستجدّ تجاه سوريا بسعي بعض دول الاتحاد إلى خلق توازنات إستراتيجيّة جديدة فقط، فعلى ما يبدو هناك تبدّل جذري في سياستها المعتمدة مع دمشق، والتي ستحمل أبعادًا متنوعة، على رأسها تكريس تواجدها في المنطقة من البوابة السورية، لمنافسة روسيا في سوريا والمنطقة، وتضييق الخناق على النفوذ الإيراني، مع مسعى جدي لضبط الانفتاح التركي على سوريا.
وكشفت تقارير أوروبية أن الحكومة الإيطالية أقنعت الاتحاد الأوروبي بتعيين مبعوث خاص في سوريا، وأن الشخص الذي وقع الاختيار عليه، هو ذو خبرة في الشأن السوري، وكان سفيراً للنمسا لدى تركيا ومصر، وهو كريستيان بيرغر.
وذكرت الصحيفة أن ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عيّن بيرغر، مبعوثاً خاصاً جديداً للاتحاد الأوروبي في سوريا.
وأشارت التقارير أن قرار الاتحاد الأوروبي بتعيين بيرغر جاء بعد ضغط إيطالي في بروكسل، انطلاقاً من أن روما تعتبر محور مناورة تطبيع العلاقات مع حكومة دمشق.
كما ذكرت تقارير أن هناك مسعى جديداً لإقناع المستشار الألماني، أولاف شولتس، بخصوص الاعتراف “بالمناطق الآمنة” في سوريا، وذلك لإعادة اللاجئين إليها، وبأن برلين باتت منفتحة على إجراء محادثات مع حكومة دمشق بشأن ملف الهجرة.
ويعتقد المحللون في هذا الصدد، أن التقارب الأوروبي إزاء دمشق هو جزء من المعادلة الإقليمية للتطبيع مع سوريا، حيث هناك جهوداً عربية ودولية تبذل لإعادة التوزان مرة أخرى في العلاقات مع دمشق، وهذا يرجع لرؤيا عربية شاملة في هذا المسار.
ويرى الاخرون أن الغاية من ذلك التقارب هو محاولة أوروبية للتخفيف من أعداد اللاجئين على أرضها وذلك للكلفة الاقتصادية، بالإضافة للتهديدات الأمنية على أرضها.
وذكرت التقارير الاعلامية بأن اوروبا بحاجة للتعاون مع دمشق في مسار إعادة اللاجئين، وبالتالي ستضطر أوروبا إلى عقد صفقة عاجلة أم آجلة للتخلص من الضغوط الاقتصادية المتراكمة عليها بسبب كثرة أعداد اللاجئين، ومن ثم أعتقد هذه المسألة هي مهمة للغاية لأوروبا.