التنافس الإيراني الروسي في سوريا صراع داخل الجبهة الواحدة، إذ أن كلا البلدين حتى اللحظة لم ينجح برغم كل التناقضات التي تحيط بهما في إيجاد شريك آخر ومناسب بذات الأهداف يمكنه استبدال الآخر به.
مِن وقتٍ لآخر خلال السنوات الأخيرة، تخرج تصريحات من مسؤولين إيرانيين وروس، تكشف المكتوم بشأن صراع النفوذ بين البلدين في سوريا.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال خلال اجتماع عقده مع نظيره السوري بشار الأسد في عام 2018، إنه بعد بدء العملية السياسية في البلاد ولا بد من إخراج القوات الأجنبية من سوريا.
وفي تفسير لكلام بوتين حول الأطراف المعنية بالمغادرة أوضح مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، أن الحديث يجري عن جميع الوحدات العسكرية الأجنبية المتواجدة في سوريا بما في ذلك الأميركيون والأتراك وحزب الله، وبالطبع الإيرانيون.
وهذا أول صدام علني بين الحليفين الروسي والإيراني، ويقول مراقبون إن الأمر كان متوقعا فرغم أن الجانبين في الخندق ذاته الداعم لنظام بشار الأسد، بيد أن لكل طرف حسابات تتعارض ومصالح الأخر.
وقالت طهران في ذاك الوقت إنه لا أحد يستطيع أن يجبرها على مغادرة سوريا، في ما بدا تحدّيا لموسكو.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي بأن وجودهم في سوريا هو بناء على طلب من حكومة ذلك البلد وهدفهم هو محاربة الإرهاب، مضيفا أن إيران ستواصل مساعداتها لسوريا طالما هناك خطر للإرهاب، وطالما أن حكومة ذلك البلد تريد من إيران مواصلة مساعدتها.
ويقول محللون إن الموقف الروسي من استمرار الوجود الإيراني، ليس فقط وليد الرفض الغربي، بل أيضا لأن موسكو لن تقبل بأن يزاحمها الإيرانيون على النفوذ في سوريا، وهي بالطبع لا تريد تكرار خطأ الإدارة الأميركية في العراق.
تعرف إيران خلافها مع روسيا بأنه يأتي من البوابة الإسرائيلية. فروسيا بحسب المسؤولين الإيرانيين لم تكن يوما إلى جانب إيران فيما يتعلق بإسرائيل. هذه التصريحات قالها حسين جابري أنصاري، النائب السابق لوزير الخارجية الإيراني في عام 2019 حيث أكد أن هناك اختلافا في وجهات النظر بين طهران وموسكو فيما يخص إسرائيل، مؤكداً في الوقت ذاته وجود مصالح مشتركة مع روسيا في سوريا.
في يناير 2024 وعقب اغتيال العديد من قادة الحرس الثوري الإيراني في دمشق، لمّحت صحيفة “جمهوري إسلامي” الإيرانية، إلى مسؤولية روسيا، حين تساءلت: هل عجزت منظومة الدفاع الروسية “أس 400” عن مواجهة الهجمات الإسرائيلية؟
ونفذت إسرائيل مئات الضربات في سوريا ضد أهداف إيرانية وأخرى تابعة لميليشيا “حزب الله” اللبناني، لكنها نادرا ما تعترف بها، وتتم غالبية الضربات بعد تنسيق أمني وعسكري مع قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية.
بجانب ذلك، هناك خلاف بشأن النفوذ في المناطق الساحلية المطلّة على البحر الأبيض المتوسط في سوريا، ففي حين أعلنت سوريا نيّتها تأجير ميناء طرطوس لروسيا، تحدّثت عن تسليم محطة الحاويات في ميناء اللاذقية إلى إيران، وفق بعض التقارير.