اضطرت أم علي لدفع رشوة بقيمة 400 ألف ليرة سورية (780 دولار أميركي) لإطلاق سراح زوجها الذي كان معتقلا لدى جهاز الأمن الجنائي التابع لنظام الأسد.
وبالفعل، أطلق سراح الزوج بعد شهرين و10 أيام، “طمأننا المحامي بأن أموره سليمة، وأن متاعبنا انتهت، غير أن زوجي كان قلقا فاقترح علي تغيير المنزل، وهكذا فعلنا”، تقول أم علي ضمن شهادة نشرت في تقرير لرابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صدنايا صدر، الاثنين.
خرج زوج أم علي من السجن وهو في حالة مزرية؛ حيث فقد من وزنه نحو 20 كيلوغراما بسبب ظروف الاعتقال.
لازم الخوف الرجل الذي اعتقل للمرة الثانية بعد حوالي شهرين، لتبدأ العائلة بتحضير رشوة جديدة، حيث يبتز النظام السوري عائلات السجناء.
ويجبر ضباط النظام أهالي المعتقلين في السجون السورية على دفع رشاوي للسماح لهم بزيارة أبنائهم أو للإفراج عنهم.
ويكشف تقرير الرابطة أن النظام السوري يستخدم عمليات الإخفاء القسري والاعتقال، وسيلة لجني الأموال ومراكمة الثروات، وزيادة نفوذ الأجهزة الأمنية وقادتها والنافذين في الحكومة وبعض القضاة والمحامين، حيث تعود هذه العمليات الابتزازية بمدخول مالي ضخم جدا على أجهزة النظام الأمنية.
وتظهر المعلومات والأرقام أن النظام السوري جنى من عمليات الابتزاز المالي التي مارسها على أهالي المعتقلين مقابل تزويدهم بمعلومات عن أبنائهم، أو وعود بالسماح لهم بالزيارة في أماكن الاعتقال، أو إطلاق سراحهم ما يقارب 900 مليون دولار أميركي منذ العام 2011 وحتى الآن، بحسب التقرير.
وأجرت الرابطة 508 مقابلة مع عائلات مختفين قسرا منذ خريف العام 2018 وحتى الآن.
قال أكثر من ربع المشاركين في الدراسة وبالتحديد 129 مشاركا في عينة المختفين قسرا، إنهم دفعوا مبالغ مالية للحصول على معلومات عن ذويهم، ووصل المبلغ الذي دفعته هذه العائلات إلى أكثر من 500 ألف دولار أميركي.
في حين أفاد أكثر من7 في المئة أو 38 شخصا إلى أنهم دفعوا أموالا مقابل وعود بالزيارة، مشيرين إلى أنهم دفعوا مبالغ وصلت إلى أكثر من 250 ألف دولار أميركي.
وقالت الرابطة إن “عمليات احتجاز الأشخاص وخطفهم وإخفائهم هي أيضا استراتيجية من قبل السلطات لتمويل أنفسهم ومؤسساتهم بعد انطلاقة الثورة السورية في 2011، وخصوصا بعد بدء فقدان النظام السيطرة على مناطق شاسعة في البلاد في 2012 والسنوات التي تليها”، مشيرة إلى أن النظام لم يكن يستهدف النشطاء فحسب بل أي شخص يستطيع أن يجمع منه أموالا.
بحسب التقرير فإن العام 2012 هو عام الاختفاء القسري في سوريا وجيش النظام هو المسؤول عن أكثر من ثلث حالات الاختفاء القسري التي حصلت في البلاد، تليه شعبة الأمن العسكري حوالي 19 في المئة على الأقل. ثم إدارة المخابرات الجوية، وشعبة الأمن السياسي بحدود 5 في المئة تقريبا، وقد حدثت أكثر عمليات الاختفاء القسري في محافظة دمشق تليها محافظة ادلب، ويعد سجن صيدنايا هو المكان المفضل لدى النظام لممارسة عمليات الاختفاء القسري.
وقال المشاركون في الاستقصاء من عينة المختفين قسرا، إنهم دفعوا أموالا لمحامين أو وسطاء أو رجال أمن أو مخابرات أو شبيحة مقابل وعد بزيارة ذويهم.
اللافت للنظر، أن من بين الذين دفعوا مبالغ مالية من أجل وعود بزيارة ذويهم المختفين قسرا، لم يتمكن سوى شخص واحد من مقابلته، مقابل 41 شخصا قالوا إنهم دفعوا أموالا ولم ينفذ الوعد بالزيارة.
ويقول، دياب سرية، المنسق في رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا إن “هذا التقرير هو الأول من نوعه الذي يتم فيه الفصل بين قضية الاختفاء القسري والاعتقال. ولو أن الفصل بينهما صعب جدا، كون كل معتقل هو مشروع مختفي قسرا في سوريا، كما تظهر البيانات والمعلومات التي يقدمها التقرير أن النظام في سوريا لا يمارس عمليات الإخفاء القسري بحق المعارضين السياسيين فقط، بل أصبح يستهدف جميع الأشخاص الذين يعتقد بأنه قادر على تحصيل المال من عائلاتهم، ومراكمة الثروة والنفوذ لدى قادة الأجهزة الأمنية، وبعض المتنفذين في حكومة النظام”.
مصدر الحرة