حجر الرحى تاريخ يروي نفسه منذ مئات السنين

تعتبر مقاطعة دير الزور غنية بالحياة الاجتماعية والتي تحتفظ بعاداتها وتقاليدها منذ القدم والتي كانت تعد وسائل للحياة التي تسهل عليهم قضاء حوائجهم دون الحاجة إلى الوسائل الحديثة اليوم.

ومن هذه الوسائل والتي تعتبر اليوم تراثا يحتفظ به الأهالي (حجر الرحى) حيث كان لها استخدامات عديدة بالإضافة لاعتبارها رابط اجتماعي يجمع بين أهل الحي الواحد.

وعن هذا الموضوع التقينا السيدة “صبحة الخليفة” ذات الـ63 عام إحدى نساء بلدة أبو حردوب في ريف دير الزور الشرقي والتي تحدثت لنا عن حجر الرحى قائلة: “إن حجر الرحى هو من الآثار القديمة التي كان يستعملها أهالي دير الزور لطحن الحبوب بكافة أنواعها وتجاوز تاريخ صنعه أكثر من قرن ونصف من الزمن ولازالت السيدة “صبحة الخليفة” تحتفظ به ك تراث شعبي وخوفاً من نائبات الزمان”.

وأشارت السيدة “صبحة الخليفة ” أن نساء الحي كانت تجتمع كل يوم في منزل لطحن حاجتهم من الحبوب والتي تعينهم على سداد لقمة عيشهم وخاصة لاعتبارها الوسيلة الوحيدة التي كانت متوفرة في ذلك الوقت وأن النساء يجتمعن على الرحى ليتناوبن على إدارتها فيتقابل كل اثنتين منهن على حجر الرحى والثالثة تقوم بغربلة المسحوق الناتج ومن ثم طحنه من جديد حتى يصبح طحين ناعم صالح للخبز.

وأوضحت السيدة “صبحة الخليفة” تتراوح كمية الطحين المطحون في الجلسة الواحدة من خمسة عشر إلى ثلاثين كيلو غرام في الجلسة الواحدة والتي تستمر حوالي ساعة ونصف تقريبا بتكرار العملية عدة مرات حتى يحصلن على مادة طعين ناعمة او حسب نوعية الحبوب المستخدمة.

وعن صناعتها قالت السيدة “صبحة الخليفة” أنها تصنع من الحجر الأسود والذي يأتي من حماة وحمص أو من رأس العين وغيرها ويصنع يدوياً وباستخدام بعض الآلات الخفيفة ويصنع لها عمود ارتكاز في المنتصف يسمى (جب الرحى) ليحكم عملية الدوران وفي القسم العلوي يوضع لها ممسكة ليساعد في تدويرها والصخرتان العلوية والسفلية تصنعان بحرفية لتحكم عملية الضغط وطحن الحبوب بأفضل شكل وانعم صورة له وفي حال أصبح أدائها غير جيد يمكن صيانتها باستخدام أدوات بسيطة لتعمل بشكل افضل.

وعن استخداماتها أضافت السيدة “صبحة الخليفة” أنهم يطحنون عليها القمح والشعير والذرة الصفراء والبيضاء والعدس والحمص وجميع أنواع الحبوب ويستفاد من طحن الحبوب في صناعة بعض الوجبات التي كانت تعتبر رئيسية في الماضي مثل الخبز والقرصة والحمص المطحون والعدس والبرغل وغيرها وأن لها طعم مميز يختلف عن الذي يصنع اليوم.

ونوهت السيدة “صبحة الخليفة” ان الرحى كانت ضيف شرف على جميع بيوت الحي فهم يتقاسمون أيام اقامتها بحسب حاجتهم لها وانه تطوف على البيوت بالترتيب ويستفيد منها سكان الحي في طحن حبوبها وزيادة تعاونهم والفتهم الاجتماعية.

وأفادت السيدة “صبحة الخليفة ” النساء كن يتبادلن أطراف الحديث والأهازيج والعتابة وبعض ألوان الغناء الشعبي الجميل ليقضين عملهن المتعب في جو من الفرح والسرور.

وأشارت السيدة “صبحة الخليفة ” أن العمل على الرحى متعب جداً لكن هو افضل من عمل الطواحين الحديثة وأنهن كن يستمتعن بطحن الحبوب في المنزل دون الحاجة إلى العناء إلى الطاحونة حيث يفقد الخبز معظم مكوناته او ان الالآت تحرقه بعملية الطحن.