مع اقتراب الذكرى السنوية للمؤامرة الدولية على المفكر والفيلسوف الكردي عبد الله اوجلان , اصدر حزب الاتحاد الديمقراطي بياناً بهذه الذكرى وجاء فيه :
“يصادف منتصف شهر شباط الحالي مرور عشرين عاماً على المؤامرة الدولية التي استهدفت فيلسوف الأمة الديمقراطية قائد الشعب الكردستاني عبدالله أوجلان. وإننا إذْ نصفها بالمؤامرة فهذا ليس سوى إحدى أهم أسباب الحجم الكبير للمؤامرة وكم القوى والدول والأطراف التي ساهمت فيها, فمؤامرة بهذا الحجم وبهذا العدد من الأطراف المشاركة لا تكون لتستهدف شخصاً عادياً, بل إن القوى المشاركة فيها كانت تدرك تماماً المركز الذي يشغله القائد عبدالله أوجلان من حيث أنه بفكره ونموذج نضاله إنما كان يشكل العائق الأكبر أمام قوى الهيمنة العالمية ونظام الحوكمة الماليّة من أجل تنفيذ أجنداتها في الشرق الأوسط، وعموم المناطق العالمية. فما كانت هذه المؤامرة سوى إيذاناً بمرحلة جديدة كانت بداية الحرب العالمية الثالثة التي تموقعت اليوم في الشرق الأوسط من قلبها كردستان وسوريا.
استهدفت أطراف المؤامرة القائد APO ظناً منها بأنها بمجرد اعتقاله وأسره فإنها سوف تخمد روح النضال والمقاومة لدى الشعب الكردستاني؛ إلا أن الأطراف المشتركة ما لم تكن مدركة له بأن أفكار القائد أوجلان هي فلسفة وبراديغما قد تشرّب بها الشعب الكردستاني وعموم القوى الديمقراطية التي تمثل اليوم إرادة الشعوب واصرارها على العيش المشترك. وأن أسر القائد سوف يرفع من وتيرة النضال والكفاح أضعافاً مضاعفة؛ فرابطة القائد والحركة المجتمعية والشعب هي وحدة متكاملة ولن تستطيع أية قوة أو مؤامرة في الكون من أن تفصلهم عن بعضهم. كما أن تلك القوى المعادية للإنسانية لم تدرك أنها بفعلتها هذه سوف تتعمق أزمتها أكثر وأكثر، وأن الحداثة الديمقراطية بما تمتلكها من قوة وآليات مجتمعية للحل الديمقراطي في عموم الشرق الأوسط؛ كفيلة أن تتصدى لجميع المؤامرات المحاكة ضد إرادة الشعوب كما حال مؤامرة 15 شباط وأفرغوها من مضمونها تماماً.
إن التاريخ الإنساني المليء بالنضالات المريرة للشعوب المتطلعة إلى التحرر من نير العبودية بريادة فلاسفة ومفكرين وأنبياء كان كفيلاً بأن يمنح الشعوب المضطهدة طليعة ثورية بقيادة استثنائية وعصرانية تمثلت في شخصية القائد الفيلسوف أوجلان الذي حلّل بعمق القضايا المجتمعية ووضع لها الحلول الجذرية منطلقاً من حقيقة ميزوبوتاميا أرضاً وشعباً بكونها مهداً للحضارة الديمقراطية. والأطراف المتآمرة المتمثلة بقوى الحداثة الرأسمالية المعتاشة والتي تضمن استمراريتها على مآسي الشعوب وإشعال الحروب وعلى الصناعوية البغيضة وعلى استعباد المرأة وإفساد المجتمعات, استهدفت القيم الإنسانية وقيم الحرية والعدالة الإجتماعية والديمقراطية من خلال شخص القائد بأسره وفرض العزلة عليه. إلا أن حقيقة فلسفة القائد أوجلان أصبحت تجري في أجساد الشعب الكردي وشعوب المنطقة التي باتت متيقنة بأن في فلسفة الأمة الديمقراطية الخلاص المجتمعي من مكائد الدولة القومية الأحادية أو المركزية وتحقيق الأسس المتينة للعيش المشترك؛ فقد أضحت فلسفة ونموذج حياة وقد تجاوزت تلك الفلسفة إطار الشعب الكردي بل أصبحت الكتب التي تضم تلك الفلسفة صرحاً علمياً وأكاديمياً ومحط استلهام للحركات الديمقراطية وتنظيمات المرأة والشباب، فلم تعد مقتصرة على الكرد وحدهم.
كما نؤكد بأن مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا والذي يدخل عامه الخامس كتب له النجاح؛ لا بل مثّل أعلى درجة من درجات حل الأزمة السورية وفق مساره السياسي سواء من جانب التصدي والقضاء على الإرهاب وتحوّله إلى رمز عالمي حمى العالم بأسره؛ أو تمثيل الحل عن طريق تجسيد التغيير والتحول الديمقراطي في سوريا كان بسبب اعتماد مكونات هذه الإدارة من قوى وأحزاب سياسية وشخصيات وفعاليات مجتمعية على فلسفة الأمة الديمقراطية. من أجل ذلك نرى بأن الأنظمة الاستبدادية الداعمة للإرهاب في مقدمتها النظام الفاشي التركي يقدم التنازل تلو التنازل ومستعد لكافة أشكال الانحناءات فقط من أجل إفشال هذا المشروع. مع العلم بأن كل محاولات النظام التركي نصيبها الفشل ويعتبر في الوقت ذاته بأن دليل إضافي على حقيقة المشروع الديمقراطي المجسد لفلسفة القائد أوجلان المنطلقة بدورها من حرية الشعوب وأمنها وسلامها.
إننا في الوقت الذي نعلن وأعلنا على الدوام إدانتنا واستنكارنا بأشد العبارات والمواقف للمؤامرة الدولية والعزلة المفروضة على القائد APO وأننا سنبقى نناضل مستنيرين بفكره وفلسفته ونؤكد على أن لا حرية للشعب الكردي وعموم شعوب الشرق الأوسط بدون حرية القائد أوجلان فإننا نطالب جميع القوى والشخصيات الديمقراطية وجميع المؤسسات الحقوقية في العالم، وندعو كل من يهمه السلام في الشرق الأوسط والعالم إلى العمل من أجل إطلاق سراحه، وأن يقوموا بكل ما يلزم من أجل حرية القائد عبدالله أوجلان لأن الضمير الإنساني العالمي لم يعد يحتمل أن يستمر بقاء هذا القائد والفيلسوف الإنساني بعيداً عن شعبه وعن قضايا الديمقراطية والنهوض بمجتمعاتنا لتحقيق الشرق الأوسط الديمقراطي. وفي هذا المضمار فإننا نحيي مقاومة المناضلة ليلى كوفين التي تدخل يومها المئة وهي مضربة عن الطعام رفضاً منها لهذه المؤامرة، ونحيي جميع المناضلين والمناضلات الذين يحذون الحذوَّ نفسه في رفضهم العزلة المطبقة على القائد أوجلان المخالفة لأبسط مواثيق حقوق الإنسان والعهدة الدولية، وندعو جميع محبي السلام في العالم تكثيف نضالاتهم السلمية لإنهاء العزلة في طريق حرية فيلسوف الأمة الديمقراطية”.
وانتهى البيان بالشعارات “تسقط مؤامرة 15 شباط، الحرية للقائد عبدالله أوجلان”.