” حصار الشهباء “

عمد النظام السوري إلى فرض حصار اقتصادي خانق على منطقة الشهباء الواقعة في الجهة الشمالية الغربية لمدينة حلب والتي يقطنها مكونات عديدة ومنهم الكرد والعرب والتركمان بالإضافة إلى عشرات الآلاف من مهجري عفرين الذين نزحوا قسراً جراء احتلال التركي لمنطقة عفرين في مطلع عام 2018، ولا تختلف السياسة التي يتبعها النظام عن الفصائل المرتزقة الموالية لتركيا الذين يتوزعون على مساحة جغرافية واسعة تشمل” مارع – منغ ومطارها -تل جيجان – عين دقنة – تل جرجي – جرابلس – الباب – اعزاز – دارة عزة – كلجبرين – مرعناز”، أما سيطرة قوات النظام  تشمل  المساحة الجغرافية والتي تمتد من سد الشهباء وأم حوش وتل رفعت وحربل ودير جمال مروراً بشيراوا وصولاً لمحيط نبل والزهراء التي تنتشر فيها عناصر إيرانية.

وأفسحت سياسة فرض الحصار مجالاً أمام زيادة معاناة عامة الشعب نتيجة تردي مستوى المعيشي وتدهور الوضع الاقتصادي جراء الحصار المفروض، ولم تستثني من ذلك القطاع الصحي لتدني مستوى الخدمات الصحية بعد إغلاق المعبر الرئيسي المؤدي إلى المنطقة بالتزامن مع تفشي جائحة كورونا.

واستمراراً لسياسة الحرب وإركاع المدنيين، منع النظام من دخول المواد الإغاثية والسلع الأساسية من المحروقات والمواد الطبية إلى المنطقة، إلى جانب عرقلة حركة المرور أمام المدنيين إلى مدينة حلب، وهذه المساعي من قبل النظام يتم بتواطئ مع تركيا وتدخل ضمن إطار سياسة الحرب الجديدة، ووسط صمت دولي رهيب حيال ما يحدث للمهجرين ولا سيما مهجري عفرين.

ويهدف النظام بذلك السياسات إلى إجبارهم على التسليم، ومن ثم إفراغ المنطقة من سكانها، وهذه الممارسات لا تخدم النظام السوري فقط وإنما تركيا والمجموعات المرتبطة بها التي تعتبر من إحدى أساليب الحرب الجديدة ضد مهجري عفرين.

وفي إطار ذلك، عمد عناصر النظام إلى إغلاق المعبر الذي يؤدي إلى قرية أحداث التابعة لمنطقة الشهباء، حيث تنتشر خمسة حواجز للفرقة الرابعة على الطريق الواصل بين منطقة الشهباء ومناطق سيطرة النظام، وهذه الحواجز تمنع من دخول المواد الأساسية من السلع الغذائية والمحروقات” الغاز والمازوت” والأدوية إلى المنطقة.

وهذا فالخدمات التي توفرها الإدارة الذاتية هناك لا تفي بالغرض بسبب فرض النظام مبالغ مالية طائلة على الشاحنات والتي تصل إلى ملايين الليرات والقيود المفروضة على حركة النقل، ولاحتواء المنطقة على حوالي 5 مخيمات ” سردم، برخدان، عفرين، العودة، الشهباء” التي قامت الإدارة بإنشائها، بعد احتلال الدولة التركية لمنطقة عفرين، ويبلغ عدد مهجري عفرين في مناطق الشهباء بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان” حوالي 250 ألف نسمة ويعيش أكثر من 133 ألف نسمة في المخيمات و120 ألف نسمة يعيشون في المنازل شبه مدمرة وغير مؤهلة للسكن”، ما يجعل توفير الخدمات في غاية الصعوبة.

مما لا شك فيه الوضع السائد في غاية الصعوبة، الأمر الذي زاد سوءاً لجوء النظام إلى فرض ضرائب باهظة على المواد الغذائية والأدوية والمحروقات التي تدخل المنطقة، وبحسب مركز توثيق الانتهاكات في شمال شرق سوريا، “بأن النظام يمنع من مرور المساعدات الإنسانية ومادة الطحين والمازوت عبر حواجزها إلا بعد فرض ضرائب باهظة تصل إلى مليون ونصف ليرة سورية على كل شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية قادمة من مناطق شمال شرق سوريا إلى الشهباء و 3 ملايين على شاحنات الوقود، و 7 ملايين ليرة سورية على شاحنات الأدوية”، وقوبلت هذه السياسة بالرفض من قبل الأهالي، وعلى أثر ذلك خرجوا بمظاهرات تطالب بفك الحصار على المنطقة.

ولم يقتصر الحصار على القطاع الاقتصادي فقط، وإنما شمل القطاع الصحي أيضاً، حيث سعى النظام إلى عرقلة حركة المرور أمام الحالات الإسعافية إلى حلب ومنع من مرور الأطباء المختصين من حلب إلى الشهباء لمعالجة المرضى، علماً أن  القدرة الاستيعابية لدى مسفى أفرين المشفى الوحيد في المنطقة غير قادرة على استيعاب حالات الإسعافية وخاصةً بعد تفشي جائحة كورونا، هذا إلى جانب افتقارها للكوادر الطبية والأجهزة والمعدات والأدوية، مما نجم عن ذلك زيادة حالات مأساوية إلى جانب زيادة عدد الوفيات، حيث بلغ عدد الوفيات خلال فترة وجيزة حوالي 50 حالة وفاة بحسب مصادر طبية.

وبهده السياسة أصبحت مصير الآلاف مهددة، بالإضافة إلى القصف المستمر من قبل الفصائل المرتبطة لتركيا، وما يؤكد ذلك استهداف المنطقة بالقذائف العشوائية والذي بلغ خلال شهر أيلول / سبتمبر من هذا العام أكثر من 377 مرة، حسب ما تم توثيقه من قبل منظمة حقوق الإنسان عفرين -سوريا.

 

NRLS