كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن نداءات ومطالب عشائرية في مناطق دير الزور؛ أكثرها محقة وواقعية ولا أرى بأن نقاشها أو تحقيقها بالأمر الصعب على الإدارة الذاتية أو قوات سوريا الديمقراطية، كون الاثنان ساهما بكل الجهود في تغيير الوقائع عملياً في المناطق المذكورة والتي عانت من تنظيم داعش وممارسته تارة وتارة أخرى من النظام السوري الذي ما زال يصرّ على جعل العشائر العربية شمّاعة لتحقيق ما فقده على الأرض بسبب فكره وعنجهيته ألا وهو السيادة الشكلية التي لطالما يريدها النظام حتى ولو ذهبت سوريا كلها في واقع الأمر.
فما يهمه هو الشكلية التي يلازمه على الدوام بعد أن بات يدرك أنه لم يعد كما كان، وهذه الخاصية يعرفها كذلك من يطبل للنظام ويحاول حتى اللحظة الضحك على اللحى بتلك المسرحيات وذلك الإعلام الأجوف.
المشكلة في دير الزور تكمن في أن هناك من يريد أن يجعلها رأس حربة لتنفيذ أجنداتهم على حساب العشائر ورموزهم حيث تركيا تحاول جاهدة الوصول لذلك المحور لزيادة التوغل في سوريا من جهة وكذلك للوصول إلى الموصل وشنكال عبر ذلك الخط بعد أن باتت تركيا تضمن أرياف حلب وكذلك إيران لدوام المشروع المعروف بالهلال الممتد طهران- بغداد- دمشق-بيروت.
أيضاً النظام يريد أن يقول أنا ها هنا ولكن لا يهمه سوى التطبيل بحكم أنه هو ذاته من أفقد تلك المناطق التي تواجد فيها وهرب منها أمام داعش ليترك العشائر ومنهم العكيدات والشعيطات أمام آلة قتل داعش والعشائر لن تنسى لطالما لا زالت مقابر تلك المنطقة تتحدث عن مئات الضحايا الذين ذهبوا نتيجة سياسات النظام هذه.
التحالف لن يكتفي بمظهر المتفرج لهذه الجهود وهنا التعويل وكي لا يتم فهم الأمر بشكل خاطئ ليس على التحالف بقدر ما هو على الحسابات الاستراتيجية في هذه المنطقة، منطقة تم دحر داعش فيها ويوجد فيها جهود فعّالة لبناء إرادة شعبية هناك تتمثل في شكل المجالس المدنية النوعية فكيف سيترك السماح للنظام في أقل تقدير أن يسرح ويمرح؟
على ما يبدو تجربة الاستقرار والتفعيل الشعبي في تلك المناطق لا تروق لا للنظام ولا لغيره وهذه التحديات مهما حاول فيها النظام من تغيير لساحة الحرب وإشعالها بعيدا عن داره كما يتم في دير الزور فإن ذلك لن يجدِي نفعاً! النظام الذي لا يستطيع البت في أي قرار بما فيه تفعيل الحوار الوطني السوري مع شمال وشرق سوريا ويقول لمن يطرح عليه الموضوع يجب عليكم أن تسألوا حميميم أو مركز المصالحة فأي خلاص سيجلبه النظام ومن يطبل له في دير الزور مثلا؟! وقس على ذلك وامش، ففي سوريا حكايات كثيرة كالتي تم ذكرها. لذا كي لا يخدع أحد مرة أخرى بروايات النظام فما يفعله ويقدمه من شخصيات على أنها تناصره في هذه المناطق ليس إلا وهم، فكما ذكرت مقابر دير الزور مليئة بمن قضوا نتيجة حكم داعش الذي أفسح له النظام الطريق في دير الزور فهل يتوقع أحد أن يتم لدغ العشائر من ذات الجحر مرتين؟!