خطوات عزل البيئة الداعشية وتفكيكها ومنعها من العودة إلى الحياة

بعض النظريات الأمنيّة تؤكّد أنّ السيكولوجيّة البشريّة تحمل في دواخلها بذور العنف، لهذا يجب السيطرة عليها إمّا بالالتزام الداخلي للإنسان، أو المتابعة مِـن المجتمع، خصوصاً مجتمعات الشرق الأوسط التي انتقلت من سلطة القائد الأوحد والزعيم الذي يمارس سلوك (نصف آلهة) إلى سلطة اللاهوت والحكم باسم الدين التي مثلتها التيارات المتطرفة، ومن هنا تأتي خطوات مكافحة عودة التنظيمات المتطرفة التي يشكّل داعش وجهها الأقبح والأكثر شهرة.

في الأهداف نحو صناعة مشروع يُعنى بِـمكافحة التطرّف والإرهاب، تُلحَظ النظريات الأمنيّة والاستخباريّة جميعها ومنها ما يؤكّد أنّ التنظيمات المتطرفة يمكن تجميدها وعزلها فقط، ولا يمكن القضاء عليها مطلقاً، لهذا يكون العمل على خطّة مستدامة قادرة على مراقبة التطرف وتطويقه وعزله وبخاصة في كل مجتمع بحيث تُراعي خصائصه وقدراته، ومدى تضرره مِـن التطرف، وهنا تكون المجتمعات شرق الأوسطيّة المتضررة من داعش ضمن الخط العلاجي السابق ووفق الرؤية المقترحة الآتية:

  1. بناء منظومة أمنيّة خاضعة لِـ رقابة الدستور وسلطته ضمن ضوابط القانون الإنساني الدولي: لأنّ غياب منظومة الحوكمة والمتابعة القانونيّة للأنظمة الحاكمة، وأجهزتها السياديّة العنيفة وعلى رأسها الأجهزة الأمنية والدفاعيّة التي تمّثل بيئة صالحة لاستقبال التطرف وتفريخه، وهنا تكمن أهميّة العمل على محاكاة نموذج مؤسسات قانونيّة ذات سلطة سياديّة تهتم بتسريح التشكيلات العسكريّة وشبه العسكريّة الأمنية الاستخباراتيّة والدفاعيّة المساهمة في تصعيد العنف في الدول المتضررة بالنزاعات ودمجها.
  2. تطوير منظومة العمل التفاعلي التربوي: إيجاد بيئة تعليميّة حديثة وبرامج تُعنى بِالأطفال المتسربين من المدارس والمعرضين للسيطرة والاستخدام من قبل التنظيمات المتطرفة، وحمايتهم أسرياً وتعليمياً بوساطة بيئة آمنة متكاملة تهتم بالأسرة والطفل.
  3. تفعيل جانبي الاستقرار الاجتماعي الأسري: وهما أولاً الجانب السكني وثانياً الأمن الغذائي، عبر مسح المناطق المتضررة بِـ فرق محليّة على الأرض تعمل على جمع البيانات والمعطيات، وتقديم الحلول والحاجات المتعلقة بتثبيت الأمن الاجتماعي والتكوني للمجتمعات المستهدفة بالنشاط.
  4. تعزيز مفهوم تمكين المرأة: ودعم فاعليتها وحضورها في المجتمعات المغلقة والمتضررة بالحروب وبسياسات الأنظمة القمعيّة، وهذه ضرورة وجوديّة لِـهزيمة النهج الشاذ المتطرف، وتتطلب استراتيجية محليّة واعية تنظر إلى بناء المرأة بوصفه ـسلاحاً ناعماً مضاداً لسياسات التطرف الفاعلة في تفكيك المجتمعات.
  5. التأمين والمحافظة على مكان الأقليات وتموضعها: وزيادة حضورهم في المحافل المحليّة للوصول إلى أداء يؤمِّن استقرار المكونات المُشكلة للمجتمعات المتضررة بالنزاعات كلها وسيادتها.