قد سبق لتركيا منذ بداية الأزمة السورية أن ساعدت الفصائل المتناحرة على نهب وسرقة المعامل والمصانع في حلب ونقلها إلى تركيا حتى قبل سيطرة جيشها على بعض المناطق. واستمرت الأوضاع على ماهي عليه بعد السيطرة على المنطقة.
إلا أن تركيا لا تفعل كل ذلك بشكل مباشر، بل عن طريق الفصائل المسلحة الموالية لها. وفي سبيل تحقيق ذلك فإنها لا تتوانى عن افتعال العديد من الخلافات والاشتباكات بين الفصائل لتعزيز أيدي بعضها على حساب البعض الآخر بحسب درجة موالاتها للمخابرات التركية.
المعابر، سواء أكانت تلك التي بين الحدود التركية وبين مناطق سيطرتها أو تلك التي تقع بين مناطق النفوذ داخل الأراضي السورية تعتبر مصدراً كبيراً للاقتصاد والأموال بالنسبة لتركيا، وهي أيضاً السبب وراء صراعات متكررة بين الفصائل بسبب العائدات الضخمة التي تدرّها.
تركيا تود ضـرب عصفورين بحجر واحد ، اولا إضـعاف اكبر إحدى الفـصائل وإخضاعها للشروط والتعليمات ، وثانيا الفوائد الاقتصادية التي تدر دخلا محترماً إلى بنوك تركيا من المـعابر السورية سواء كانت الحدودية أو داخل السوري بين المدن.
فبحسب المصادر فإن المعـابر الحدودية جميعها تخضع لإشراف مدير واحد، وتوضع الرسوم الجمـركية المتحصلة منها في أحد البنوك التركية بعد خـصم المصاريف التشغيلية للمـعابر ورواتب الموظفين.
وحسب المراقبون تود تركيا إشـعال نيـران المعـارك والحـ.ـروب بين الفصـيلين من خلال سحب إدارة معابر من مرتـزقة العمـشات وتسليمها إلى مجالـس المحلية والتي هي تحت تصـرف وسيطرة فصـيل المرتـزق سـلطان مـراد .
حيث في الآونة الأخيرة بدأت تركيا بتنفيذ ما أسمته بـ “بإعادة هيكلة” للفصائل المسلحة ومناطق نفوذها، وتتضمن عملية الهيكلة تسليم المعابر الحدودية لما يسمى بالمجالس المحلية التي أنشأتها سابقاً في مناطق سيطرتها. إلا أن باطن الأمر يبدو مختلفاً.
ويقول مراقبون أن المخابرات التركية افتعلت بطريقة ما صراعاً دامياً بين كل من فصيل العمشات وفصيل السلطان مراد، للسيطرة على المعابر، وصل إلى حد الاشتباك وتبادل القصف بالأسلحة الثقيلة، الأمر الذي استدعى بالضرورة تدخلاً تركيا، ولكن هذه المرأة عبر المجالس المحلية. إلا أن المجالس المحلية نفسها تم تشكيلها من قبل السلطات التركية التي وضعت عليها منسقين موالين لها تابعين لفصيل السلطان مراد.
تركيا استطاعت عبر افتعال اقتتال دام من تحقيق جملة مكاسب، منها تعزيز مشروعها المسمى بإعادة الهيكلة وتعزيز دور المجالس المحلية، وثانياً إعادة المعابر إلى حضنها عبر ذراعها الوفي المتمثل بالسلطان مراد وإنهاء سيطرة العمشات عليها بشكل كامل، مما يحقق لها مكسبها الأساسي وهو التحكم بتلك المعابر ووضع يدها على كل وارداتها.
قد لا يمضي وقت طويل حتى تعرف الفصـائل المتـناحرة إنها تعرضـت لخديعة كبرى، قد تؤدي إلى اشتعال نزاعـات أكبر واستمرار الاقتـتال بين العمـشات والسـلطان مراد.
ومن المعروف أن تـركيا ستكون إلى جانب من يربح المـعركة ما دامت عائـدات المعـابر تعود في النهاية إلى جيوبها وبنوكها، ولا يمهما سواء تحقق ذلك على يد العمـشات أو على يد السـلطان مـراد.