دمشق..خـ.ـطة جـ.ـديدة لإعـ.ـادة هيـ.ـكلة الجـ.ـيش، ما الهـ.ـدف منها؟

بعد 13 عاماً من الأزمة السورية، تعاني القوات المسلحة التي يُقدر إجمالي عدد أفرادها قبل عام 2011 بنحو 295 ألفاً، وقوات احتياط قوامها 314 ألفاً، من استنزاف مالي كبير وفاقد بشري، عقب مقتل وفقد الآلاف من الجنود في العمليات الحربية، وإصابة الآلاف بإعاقات منعتهم من ممارسة حياتهم الطبيعية، بالإضافة لآلاف صرفوا من أعمارهم أكثر من 7 سنوات في الخدمة العسكرية، الأمر الذي ترك أثراً بالغ الخطورة على المجتمع السوري، يتمثل في فرار آلاف من الشباب السوري في سن الخدمة الإلزامية والاحتياط خارج البلاد، ما أفقد سوريا شريحة واسعة من قوة العمل الشابة، في ظل ظروف اقتصادية متردية.
واكدت الوسائل الاعلامية بان روسيا ومنذ تدخلها العسكري في سوريا عام 2015، طرحت فكرة إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية السورية، والأمر نفسه في الأجهزة الأمنية، لتقويتها ومنع تشتتها نتيجة تشكيل ميليشيات موازية مدعومة من إيران، إذ يرى الجانب الروسي ضرورة ملحَّة في حل تلك الميليشيات أو ضمها إلى القوات الحكومية، لتكون تبعيتها لدمشق التي بدأت منذ مطلع العام تنفيذ خطة إصلاح إداري في الأجهزة الأمنية بالتوازي مع خطة إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية.
حيث لفتت وسائل إعلامية تابعة لحكومة دمشق إلى عزم حكومة دمشق تغيير مفهوم الخدمة العسكرية الإلزامي وتحويل جيشها إلى جيش يعتمد على المتطوعين، من خلال عقود تطوع جديدة، وعن جدول زمني لتسريح عشرات الآلاف مع نهاية العام الحالي، ومثلهم العام المقبل.
وكشفت المصادر أن المؤسسة العسكرية بدأت منذ 6 أشهر تنفيذ خطة لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، بإشراف مباشر من بشار الأسد. وتضمنت الخطة سلسلة من القرارات والإجراءات لترشيق الترهل الإداري عبر دمج عدد من الإدارات.
ونوهت المصادر بأن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية تفرض نفسها، بعد التهتك الذي أصابها نتيجة الحرب الطويلة، والفساد الذي يضرب مفاصلها، إضافة إلى جفاف مواردها البشرية التي تعتمد على 3 مصادر، هي الخدمة الإلزامية والاحتياط والتطوع.
فحكومة دمشق تسعى بذلك إلى تعويض الفاقد من المتطوعين، و”تذويب” عناصر الجماعات الرديفة مثل المليشيات الإيرانية التي تشكلت خلال الحرب داخل جيشها، بدلاً من دمجها في كتلة واحدة.
غير أن المصادر قالت أن فكرة الاعتماد على المتطوعين تمكن عناصر الجماعات من غير السوريين، كالأفغان والباكستانيين والعراقيين (من الفصائل التي شكلتها الحرس الثوري الإيراني للحرب في سوريا بحجة الدفاع عن المقدسات الشيعية)، من الانضمام للجيش، بعد 5 سنوات من حصولهم على الجنسية السورية.
وأوضح المدير العام للإدارة العامة في وزارة الدفاع السورية اللواء أحمد سليمان أنه سيتم تسريح كل ضابط احتياط أمضى عاماً فأكثر ابتداء من الثلاثين من الشهر الجاري، كما يسرح صف الضباط والأفراد الذين أمضوا ست سنوات فأكثر، وأما من بلغ أربعين عاماً ولديه سنتا خدمة احتياط فيسرح تلقائياً ولا يحتاج إلى أمر إداري جديد للتسريح.
إن تصريحات حكومة دمشق يمكن ربطها بالتحركات السياسية في المنطقة بما يخص الملف السوري، فقد شهدنا خلال العام الحالي قيام جهات دولية وعربية بفتح قنوات تواصل إيجابية مع دمشق ولكن كان هناك مطالب لاستمرارها، وعدم وفاء دمشق بتعهداته أثر على تيار التقارب هذا.
تعهدات حكومة دمشق كانت مختلفة منها أمنية وعسكرية واجتماعية وخدمية، حكومة دمشق رائت أن عليه تقديم شيء جذري، وهو يعرف أن أي تغيير في هيكليته مضر، ولكن بما بتعلق بالقوة الأمنية والسلطة الأمنية فإن التعديلات في نظام الجيش هي الأقل كلفة، ويستطيع الترويج لها لأنه لا أحد يدرك حجم الخلل في هذه المنظومة، حسب المحللون.
وهناك ميزات لمن يؤدي خدمة التطوع منها راتب لا يقل عن مليون و300 ألف ليرة سورية، تطوله زيادات، وفقاً لما نقلت وسائل إعلام مقربة من حكومة دمشق، الذي أشار إلى أن هناك تعديلاً كاملاً لمفهوم الاحتياط ولن يبقى كما هو الآن.
ولم يكشف مدير الإدارة العامة في وزارة الدفاع بحكومة دمشق، اللواء أحمد سليمان مزيداً من التفاصيل عن “خطة الإصلاح”، قائلاً إن ذلك سيتضح خلال الأيام القادمة، إذ لن يؤدي أحد الخدمة الإلزامية ويبقى فيها فترة طويلة، بعد صدور تعديلات في الفترة القادمة، منها تسريح عدد لا بأس به ممن يؤدون “الخدمة الاحتياطية”.
وختم سليمان، وضعنا جدولاً زمنياً لتحديد مدة الخدمة الاحتياطية، بحيث لا تتجاوز العامين، وذلك لا يعني أن كل من أدى خدمة إلزامية سيؤدي خدمة احتياطية، قد لا يُطلب.
يأتي الإعلان عن الخطة التي تحتاج إلى مصادر تمويل ضخمة، وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة تضرب البلاد، حيث يعتمد حكومة دمشق والميليشيات على تجارة الكبتاغون والمخدرات، وسط ضغوط إيرانية لسداد الديون واستنزاف عسكري واقتصادي لروسيا في حرب أوكرانيا، حسب التقارير الاعلامية.