انتقد المعارض السوري ورئيس “الائتلاف” الأسبق “جورج صبرا” أداء”الائتلاف السوري” بعد التقارب الأخير ما بين”أنقرة” و”دمشق” واصفاً إياه بالهزيل، وقال “صبرا” في حوار مع “روز برس” إن الرد على”الائتلاف” قد أعلنه السوريون، من خلال التظاهرات التي خرجت ضده في مناطق سيطرة المعارضة.
وأكد “صبرا”، أن تمدد هيئة “تحرير الشام” على حساب المعارضة السورية المدعومة من “أنقرة” في مناطق “غرب الفرات” بات يُشكل خطراً كبيراً على مصالح السوريين، وأنه يخدم الجهات التي توفر للهيئة غطاءً لمواقعها وتحركاتها عندما يلزم، في إشارة منه إلى “أنقرة”.
وهنا نص الحوار:
– ما رأيك بأداء “الائتلاف” بعد إعلان تركيا نيتها التطبيع مع الحكومة السورية؟
الرد على أداء الائتلاف أعلنه السوريون، ومازالوا يعلنونه في المحرر عبر مظاهراتهم وفعالياتهم الثورية والثقافية المتكررة والبيانات المنشورة باسم التجمعات والمنظمات. والهتافات التي صدحت دون تردد أو وجل “نحن أصحاب القضية” و “لن نصالح” هي أهم رد وأشده على الاستدارة التركية وأداء الائتلاف المخزي بشأنها. فانغماس الائتلاف في المسار الروسي أستانا- سوتشي ومخرجاته، وفقده لقراره المستقل لم يعد يخفى على أحد. إذ لم يستطع التمييز بمواقفه وسلوكه بين علاقات الصداقة والتعاون والتشاور مع الدول، وبين الانصياع لإرادتها وتنفيذ سياساتها والعمل وفق مؤشرات مصالحها. كان هذا الموقف كاشفاً لعورة لم يعد التستر عليها ممكناً. ويبدو أن الائتلاف تحول إلى منصة مثل المنصات السورية الأخرى في عواصم الدول.
– ولماذا لا يعترف “الائتلاف” بالأخطاء التي ارتكبتها تجاه قضية الشعب السوري؟
سؤال وجيه ومتوجب. لكنه لا يتعلق بالائتلاف وأخطائه فقط، بل يشمل جميع المنظمات السياسية والهيئات التمثيلية والفصائل العسكرية وسلطات الأمر الواقع، التي باشرت العمل والإدارة خلال الفترة الماضية في بعض المناطق منذ انطلاق الثورة. وهذا الأمر يطال الأفراد أيضاً قادة ومشاركين رؤساء ومرؤوسين. فليس لأحد منا فرداً كان أو تنظيماً أو جماعة سياسية أن يتبرأ من القصورات والأخطاء بل الخطايا التي حصلت. وعدم توفر الحس النقدي الضروري وتقاليده عندنا نحن السوريين، أعيده لانعدام الحياة السياسية الصحية وتقاليدها الصحيحة في بلادنا وتجاربنا خلال أكثر من ستة عقود. حيث كانت السياسة كمفهوم صحيح وسلوك ميداني محرمة ومجرمة. وكانت السجون السورية أكثر رحابة بالسياسة والسياسيين من الحياة العامة خارجها. لكنني أعتقد أن هذا الميدان (المراجعات النقدية) لن يبقى شاغراً بوجود نشطاء الثورة والباحثين والنقاد من شبابها في مختلف المواقع داخل البلاد وخارجها الذين سيتولون الأمر عاجلاً أم آجلاً.
– ما تأثير تقارب الدول العربية مع الحكومة السورية على مسار الحل السوري – السوري وفق رؤية المعارضة السورية؟
لا يبدو أن مسار تطبيع بعض الدول العربية وتقاربها مع نظام الأسد قد أثمر ما يستحق الذكر للطرفين النظام وهذه الدول، أو للقضية السورية كما حاولت هذه الدول أن تبرر خطواتها بهذا الاتجاه كـ “استعادة سورية إلى الحضن العربي” ومواجهة النفوذ الإيراني فيها. إذ لم يتحقق أي وجود عربي يذكر ميدانياً على الأرض أو في القضية السورية وتطوراتها. واستمر النفوذ الإيراني ومؤثراته على النظام وسلوكه ومواقفه، مثلما استمرت أفعاله التخريبية على الأرض، والتي استجلبت أعمالاً عسكرية إسرائيلية في مواقع مختلفة، حولت البلاد إلى ساحة مفتوحة للصراع الدولي (الإسرائيلي – الإيراني) في سورية وعليها. وبقيت جامعة الدول العربية حبيسة العجز وانعدام الدور منذ المهمة الفاشلة التي أسندتها للجنرال “الدابي” عام 2011.
– ما هي مخاطر تمدد هيئة تحرير الشام على حساب مناطق سيطرة المعارضة السورية في غرب الفرات؟ ومن هي الأطراف المستفيدة من هذا التمدد؟
إنها المخاطر الكبرى التي تحملها المنظمات المتطرفة على القضية الوطنية والنهج الوطني لاستعادة سورية وطناً حراً لجميع أبنائها دون تمييز أو امتياز. وعلى حياة الناس وأعمالهم وحرياتهم في المناطق التي تحكمها وتتحكم فيها. وليس خافياً حجم الرفض الشعبي للهيئة وإدارتها وسلوكها في جميع المناطق غربي الفرات من عفرين إلى إعزاز. فالمظاهرات مستمرة ضد الجولاني وإدارته، ويجري الكشف عن ارتكابات الهيئة وأزلامها بحق المواطنين وفضحها دون تردد.
أما الأطراف المستفيدة فهي تلك الجهات الدولية، التي توفر للهيئة غطاء لمواقعها وتحركاتها عندما يلزم. وتضع لها محددات وحواجز مانعة عندما تريد. وتلك التي تستخدم تمددها ذريعة للتدخل وتغيير ميزان القوى على الأرض لتنفيذ مآربها وتعظيم دورها في المسار السياسي، وتفعيل قائمة المقايضات والمصالح بين حين وآخر خدمة لاستراتيجيتها في القضية السورية والأوضاع في المنطقة. وهنا نلحظ مساعي الجولاني مؤخراً لتحسين صورته وتقديم نفسه للمجتمع الدولي إعلامياً وبحلة جديدة. ويبقى السوريون في المنطقة بحال من المعاناة وعرضة للأذى والضرر في الإقدام والإحجام.