“رسائل مـ.ـتناقضة”..تجـ.ـاهل وفد دمشق لكلمة نظـ.ـيره التركي يوصـ.ـف حجم الهـ.ـوة بين تركيا وسوريا

بعد قطيعةٍ استمرت نحو ثلاثة عشر عاماً، يسعى الاحتلال التركي منذ مدّة لاستعادة علاقاته مع حكومة دمشق على خلفية دعمه للفصائل السورية عقب احتجاجاتٍ شعبية شهدتها سوريا منتصف آذار/مارس من العام ألفين وأحد عشر، وذلك قبل أن يتدخل عسكرياً ويحتل مناطقَ من شمال غرب البلاد وشرقها.
احتلال تركيا مناطق في الشمال السوري ودعمها للفصائل هناك كان ضربة قاضية للاحتجاجات السلمية المطالبة بالحرية وتحسين الأوضاع المعيشية في البلاد، وهو ما فتح الباب على مصراعيه بحسب مراقبين للالتفاف على مطالب السوريين وتصوير تلك الاحتجاجات على أنها تدخلات خارجية، ولم يقف الأمر بها ها هنا، بل عملت جاهدةً على دعم تنظيم داعش.
الجديد في ملف تطبيع تركيا مع حكومة دمشق، هو مغادرة وفد حكومة دمشق برئاسة وزير الخارجية فيصل المقداد، قاعة الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية، تزامناً مع بدء كلمة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
وتأتي هذه الخطوة احتجاجاً على مشاركة تركيا في الاجتماع، وتأكيداً على موقف حكومة دمشق الرافض للتطبيع مع تركيا، رغم تصريحات مسؤوليه الإيجابية مؤخرا حول التطبيع، بحسب المحللين.
وأثار انسحاب وفد دمشق من القاعة العديد من التساؤلات حول تداعيات مشاركة تركيا في الاجتماع ودورها في تعزيز الحوار العربي بشأن الأزمة السورية.
إلا أن التطورات التي شهدها الاجتماع وانسحاب الوفد السوري، أرسلا إشارات “مربكة” بحسب مصادر متابعة لملف التقارب السوري – التركي، حيث قالت إن تركيا تسعى إلى تعزيز مكانتها الإقليمية التقليدية من خلال توطيد علاقتها مع الدول العربية، بالمقابل تدفع الدول العربية تركيا نحو إتمام التقارب مع دمشق، بهدف إيجاد مخارج للاستعصاء السياسي في سوريا عبر الحل العربي.
وكان المقداد قد كشف في أحدث تعليق له على التطبيع السوري التركي، أنه إذا أرادت تركيا أن تكون هناك خطوات جديدة في التعاون السوري التركي وأن تعود العلاقات إلى طبيعتها عليها أن “تنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها في شمال سوريا وغرب العراق”.
من جانب اخر أثار محاولات التطبيع بين أنقرة ودمشق حالةً من الاستياء بين السوريين وسط تساؤلاتٍ عن هدف تركيا من وراء تلك المحاولات، إلا أن مراقبين أشاروا إلى أن هدفَها الأول هو ضرب المكونات السورية ببعضها ولا سيما بعد النجاح الذي حققه مشروع الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا، والذي أصبح هاجساً يغضُّ مضجعَ أنقرة على الدوام، إذ يرى فيه حالمو العثمانية خطراً يهدد المشروع العثماني بالسيطرة على المنطقة من جديد.
مراقبون ومختصون بالعلاقات السورية التركية كذلك ذهبوا إلى أن تقارب أنقرة ودمشق تحولٌ سياسي عابر دون رؤية مستقبلية واضحة، أي إن إعادةَ العلاقات بين سوريا وتركيا أمرٌ صعب جداً بسبب الظروف المحيطة والمعطيات والوقائع التي أنتجتها السياسة التركية على مدى ثلاثة عشر عاماً من القطيعة والحرب، وهو ما تمثل أخيراً بانسحاب وفد حكومة دمشق من اجتماعٍ لجامعة الدول العربية لدى الإعلان عن كلمة وزير خارجية الاحتلال التركي، في موقف وَصَفَ حجم الهوَّة بين أنقرةَ ودمشق.