في الخامس من مايو من عام 2013، نشر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عندما كان حينها رئيساً للوزراء، تغريدة باللغة العربية عبر منصة “إكس”، مهدداً الرئيس السوري بشار الأسد، بسبب ما وصفه “استخدام العنف ضد المتظاهرين السوريين”، قائلاً “قسماً بربي ستدفع الثمن غالياً”.
لكن بعد عقد من الزمن ظهرت مؤشرات على محاولة استدارة سياسية قام بها اردوغان تجاه عدد من الدول، ومن ضمنها سوريا، فقبيل الانتخابات الرئاسية الماضية في تركيا، أي بعد 10 سنوات بالضبط من تهديده للأسد، خرج أردوغان في تصريحات أثارت انزعاجاً كبيراً في أوساط المعارضة السورية، إذ قال “مستعدون للقاء الأسد، فليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم في السياسة”.
تركيا لا ترغب في إشعال جبهة جديدة بين سورية والفصائل، إذ يريد تركيا التوصل إلى تفاهم مع سورية من خلال المسار الرباعي الذي يضم أنقرة إلى جانب دمشق، وموسكو، وطهران، لا سيما أن الحل لن يكون إلا حلاً سلمياً.
حيث أن الاتصالات بين الجانبين لا تزال مستمرة بين الطرفين السوري والتركي عبر الوسيط الروسي، بحسب المصادر.
وسط جمود يلف محادثات التطبيع بين تركيا وسوريا منذ الاجتماع الرباعي بالعاصمة الروسية موسكو العام الماضي، وعلى وقع خلافات عميقة بشأن الكثير من الملفات، يلتقي وفدان من الجانبين بقاعدة “حميميم” الروسية غربي سوريا، وفق ما كشفت صحيفة تركية.
صحيفة “إيدينيليك” التركية نقلت عن مصادر سورية وصفتها بالمطلعة، أن وفدين عسكريين من الاحتلال التركي وحكومة دمشق أجريا محادثات بقاعدة “حميميم” بريف اللاذقية برعاية روسية، مشيرةً إلى أنه تم الاتفاق على عقد اجتماع آخر في العاصمة العراقية بغداد خلال الأيام المقبلة.
وبحسب المصادر، فإن الاجتماع جرى في اليوم التالي للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير خارجية النظام التركي حقان فيدان، وتم خلاله بحث التطورات الأخيرة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
وبناءً على المعلومات التي كشفتها الصحيفة حول المباحثات بشأن الجانب العسكري والأمني في محافظة إدلب، يتخوف سكان المحافظة من تسويات بين الأطراف وجعلها ورقة مساومة جديدة لتحقيق المكاسب، على غرار مناطق سورية أخرى استخدمها النظام التركي ورئيسه رجب أردوغان كورقة مساومات على حساب السوريين، بحسب ما أشارت عليه الوسائل الاعلامية.
وكان وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، قد قال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني في دمشق، إن إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية، يعتبر شرطاً أساسياً مسبقاً لبدء محادثات التطبيع مع أنقرة.
وصرح مسؤولو النظام التركي مراراً وعلى رأسهم أردوغان، أن إنهاء الاحتلال التركي لأراض سورية غير وارد، حيث اعتبر ذلك من أبرز الأسباب التي قادت إلى توقف محادثات التطبيع مع حكومة دمشق منذ أيار/ مايو من العام الماضي.
ولعبت روسيا دوراً مهما في الوساطة بين أنقرة ودمشق، وسبق أن استضافت العاصمة موسكو أول لقاء علني بين الطرفين نهاية 2022، ولذلك يرى محللون أن الدور الروسي مهم في هذا الجانب، وتعليقاً على ذلك، قال المحللون إن روسيا تعد الوسيط الفعال في جهود تحقيق التطبيع بين تركيا وسوريا، إذ تسعى إلى تعزيز التعاون وتشجيع التفاهم بين البلدين، روسيا ترى في التطبيع بين أنقرة ودمشق تعزيزاً لمكانتها الإقليمية، إلى جانب الإسهام في إيجاد حل للأزمة السورية.
وأكدت المصادر بان موسكو تفهم هواجس تركيا الأمنية، وتُقدر مطالب دمشق بانسحاب الاحتلال التركي، لكن رغم محاولات التطبيع التي قدمتها روسيا كوسيط، تبدو العقبات كبيرة، فالشروط التي تطلبها دمشق مثل انسحاب الاحتلال التركي وتجاوز مشكلات أمنية، تعيق بشكل كبير فرص التسوية.
فرغم أن تركيا ضحت بالفصائل السورية من أجل التطبيع مع دمشق، إلا أن أي تطبيع بين أنقرة ودمشق، لا يكون فيه انسحاب للقوات التركية من سوريا كبند أول، هو تطبيع مرفوض من قبل دمشق.