تستمر الليرة السورية بالتراجع، إذ انهارت منذ نحو عام إلى مستويات قياسية، في ظل فشل مساعي الحكومة السورية في جلب استثمارات حقيقية لمساعدة الاقتصاد المنهار، في حين لا تزال الدول العربية المطبعة مع الأسد تعيش حالة من التردد في بدء الاستثمار.
ورغم تراجع وتيرة المعارك في البلاد، إلا أن سوريا لا تزال تعاني من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، لا سيما أن الأزمة السورية دخلت عامها الرابع عشر وسط جمود يلازم مسارها السياسي.
وعلى مدار سنوات الأزمة، تكبدت سوريا خسائر اقتصادية نتيجة خروج مقدرات الدولة من تحت سيطرتها من نفط وغاز، وتدمير البنى التحتية، واستمرار العقوبات الأميركية والغربية عليها.
وتفرض الولايات المتحدة الأميركية ودول غربية عقوبات اقتصادية على سوريا، وأقرت واشنطن في العام 2019 ما يعرف بقانون “قيصر”، الذي يتضمن عقوبات تمس الاقتصاد السوري وشخصيات وكيانات سورية.
ويشير خبراء ومحللي بيانات مالية في تقارير اقتصادية أن الليرة السورية خسرت نحو 85 بالمائة من قيمتها الشرائية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وأكثر من 54 بالمائة خلال العام الفائت، وأن هذا التدهور مستمر لتسجيلها أرقاماً جديدة يومياً.
وتظهر مؤشرات اقتصادية اتساع دائرة الفقر في سوريا بسبب طول أمد الأزمة.
وفي يونيو/حزيران 2023، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن نحو 90 بالمائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 15 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
وحذّرت اللجنة الدولية في بيانها من أن انهيار الخدمات الأساسية في سوريا ليس “تهديداً بعيداً”.
وكشف البنك الدولي أن أكثر من ربع السوريين يعيشون في “فقرٍ مدقع”، فيما توقع التقرير أن يستمر انكماش الاقتصاد السوري خلال العام الجاري بنسبة 1.5% مقابل 1.2% في 2023.
في ظل ذلك، رفعت الحكومة السورية خلال الفترة الماضية أسعار المازوت والبنزين، ما ترك أثراً سلبياً على أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل كبير.
وتشير تقديرات البنك الدولي في تقريرها، إلى أنه من المتوقّع أن “يزداد انكماش إجمالي الناتج المحلّي بمقدار 2.3 نقطة مئوية” في سوريا، ليصل الانكماش إلى 5.5 بالمئة في نهاية 2023.
وأصبح عدد كبير من السوريين يعتمد على التحويلات المالية من الخارج، التي “تمثل شريان حياة بالغ الأهمية”، مقدراً قيمتها الإجمالية عام 2022 بنحو 1,05 مليار دولار، في وقت تُقدّر قيمة الناتج الإجمالي المحلي لسوريا لعام 2023، بـ6,2 مليارات دولار.
ويمكن وصف الاقتصاد السوري بأنه “وصل إلى حالة من الشلل التام” نتيجة تدهور القطاع الصناعي، وضعف الإنتاج، وتراجع القطاع الزراعي، وخروج التجار من الأسواق، وفتح الكثير من القطاعات للاستثمارات الخاصة مثل القطاع الصحي والتعليم والتبغ وغيره.