لم تعد العلاقة المشبوهة بين أنقرة وتنظيم “داعش” الإرهابي طي الكتمان، حيث تتجدّد فصول الفضائح التي تطال كلّاً من تركيا وقطر والعلاقات الوطيدة التي تجمعهما مع التنظيمات الإرهابية، وبخاصة “داعش” و”جبهة النصرة” الذي يعدّ فرعاً لتنظيم القاعدة في سوريا.
وسبق أن أكدت تقارير ووثائق تثبت دعم أنقرة للتنظيمات الإرهابية تحت مسميات أخرى، حيث تبين ذلك وأمام الرأي العام بعد بدء الأزمة السورية وتنظيمها للإرهابيين وتسليحهم لتنفيذ أجندات ومصالح أنقرة.
ونقلت مصادر مطلعة، بأن المتزعم في “داعش” المدعو “فارس قدورة” (نائب والي الشام)، حصل على أوراق رسمية من الاستخبارات التركية تسهل عملية تنقله بين الأراضي السورية والتركية، في دليل جديد يثبت تسهيل تركيا بعبور عناصر “داعش” من مجمل أوروبا إلى سوريا.
ومؤخراً، صدر تقرير عن مركز “بحوث تسليح الصراعات” في بريطانيا، كشف فيه عن دور تركيا في شراء أسلحة ومعدات إلكترونية ومواد لازمة لصناعة المتفجرات، وتوريدها إلى تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا والعراق.
وفي السياق، كان قد أشار موقع “نورديك مونيتور” تقريرين أشار فيهما إلى أنّ وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية في تقرير سرّي لها تقول إن تركيا وقطر دعمتا جبهة النصرة، وكشفت فيه التنسيق المتبادل بين المخابرات التركية والجماعات المتطرّفة في سوريا.
والجدير ذكره، بأنه سبق وأن جندت تركيا القيادي الداعشي إبراهيم ش في سوريا وهو إرهابي مدان من تنظيم القاعدة، الذي سلمه المسؤولون الأميركيون إلى تركيا، حيث كان يعمل المتزعم الداعشي “إبراهيم” مع الاستخبارات التركية منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011. ويبدو أنه بسبب الغطاء السياسي الذي أمّنته له الحكومة التركية وفق عقد سرّيّ مع الاستخبارات، تم إنقاذه من متاعب قانونية.
وأدعت السلطات التركية أكثر من مرة بأنه تم القبض عليه، إلا أن الاستخبارات التركية قد أطلقت سراحه فيما بعد.
واستخدم الطرفان العديد من المنظمات غير الحكومية بما في ذلك مؤسسة حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية، لإخفاء الشحنات غير القانونية للإرهابيين في سوريا، وفق ما أظهرت محاضر التنصت على المكالمات الهاتفية بين الداعشي “إبراهيم” والاستخبارات التركية.
ومنذ عام 2016، كان لدى المخابرات التركية معلومات مفصّلة حول وجود داعش في القرى والبلدات وتفاصيل عن السكان المحليين من حيث الانتماء العرقية، ومعظم البلدات والقرى التي كانت تحت سيطرة داعش كانت مأهولة إما بالتركمان أو الأتراك العرقيين في سوريا.
وترعى المخابرات التركية على مدى أعوام من اندلاع الأزمة في سوريا، أنشطة “داعش” و”النصرة” وكانت تقوم بتيسير حركة تهريب الأسلحة والمقاتلين والدعم إليهما، وتهيئة البيئة المناسبة في عدد من البلدات والقرى على الشريط الحدودي، كمدينة الباب السورية، التي وصفت بأنها أهم مركز لداعش بعد الرقة ومنبج.
وسبق أن اعترف متزعم آخر لدى “داعش” يدعى محمد أيوب، قبل عامين، الذي تم القبض عليه من قبل حركة “طالبان” في أفغانستان، حيث قال “كنت مسؤولاً عن نقل عناصر داعش إلى تركيا”.
وأشار أيوب آنذاك، إلى كيفية نقل عناصر داعش من الحدود الأفغانية الإيرانية إلى إيران ومن ثم إلى تركيا، حيث ينتقلون من هناك إلى دول أخرى في مقدمتها سوريا والعراق وسط تقديم تسهيلات كبيرة لهم من طرف استخبارات أنقرة.
وتنتهك تركيا حدود دول مجاورة ذات سيادة بدون التنسيق معهم، من حيث دعمها للإرهاب في سوريا والعراق وتزويده بالسلاح، بالإضافة إلى تدريبها للإرهابيين على أراضيها وتسهيل عبورهم إلى البلدين.
ولا يُعرف عدد إرهابيي داعش الموجودين في تركيا في الوقت الحالي، لكن لا تزال هذه القضية محل نقاش لدى الساحة المحلية والإقليمية والدولية.