عُقِدَ في 24 و 25 من الشهر الجاري ما يسمى اجتماع آستانة حول سوريا، بين كل من دولة الاحتلال التركي وروسيا والنظام السوري وإيران، لكن ما كان مطروحاً للإعلام للنقاش حوله في هذا الاجتماع ربما لم يتطرق له المجتمعون قط، فقد تميز هذا الاجتماع ومنذ انطلاقته الأولى، بتسليم مناطق ما تسمى بالمعارضة المسلحة للنظام، وانسحاب المسلحين منها، بعد أن جندتهم تركيا لصالحها. من خلال تلك الباصات الخضراء التي اشتهرت في تلك الأونة. ولكن هذا الاجتماع كان بمثابة دق المسمار الأخير في نعش المعارضة، فقد قالها أكثر من مسؤول تركي وعلى أكثر من منبر بأن تركيا تعمل على عقد مصالحة بين ما سمتها بالمعارضة وبين النظام في دمشق، على حساب الدم السوري، غير آبهة بالمآسي التي مر به هذا الشعب.
وبحسب تسريبات عن هذا الاجتماع فقد اتفق أطرافه على مايلي:
– أن تلتزم روسيا الصمت حيال الهجمات التركية المتكررة على مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وذلك للضغط عليها وإجبارها على الاتفاق مع الحكومة السورية ضمن نقاط وشروط تخدم أهداف الحكومة في دمشق.
فهذه واحدة من الأسباب التي تؤكد أن الهجمات التي تشنها دولة الاحتلال التركي على شمال وشرق سوريا وآخرها على المؤسسات الخدمية والبنية التحتية في المنطقة هي بموافقة وضوء أخضر من الضامن الروسي وغيره من الأطراف الفاعلة في المنطقة.
ولا يخفى أن وراء هذا الضوء الأخضر مصالح مشتركة لأطراف آستانة المعادية لمصالح الشعب السوري.
فروسيا تدعم الحكومة السورية أولاً وفكرة العودة إلى ما قبل 2011 التي تصر عليها الحكومة، ووضع كل البلاد ومقدراتها تحت سيطرة وتصرف الحكومة التي لم تبذل أي جهد في الدفاع عن المناطق السورية التي تعرضت لهجمات الفصائل المتكالبة لاحتلالها، بل هُزِمت الحكومة هزيمة نكراء أمام فلول هذه الفصائل.
ثانياً أن روسيا ترغب وبشدة في إفشال تجربة الإدارة الذاتية التي تطورت في شمال وشرق سوريا والتي من الممكن تعمم في مناطق سورية أخرى مثل السويداء وغيرها.
وهذا ما سيجبر الإدارة الذاتية على الاتفاق مع الحكومة السورية وبالشروط التي تريدها دمشق دون أي اعتبار للتضحيات التي قدمت في المنطقة ودماء أبنائها الذين دافعوا عنها في وجه كل المخاطر والهجمات التي طالتها.
لذا تدعم روسيا بصمتها الهجمات المتكررة وهي في جوفها تريد أن تفشل هذه التجربة لكي يقوى عود الحكومة السورية في شمال وشرق سوريا وبالتالي تعوم مصالحها هي في هذه المنطقة التي تطمع فيها القوى الدولية والإقليمية الأخرى المشاركة في الشأن السوري.