عُقِدَ في 24 و 25 من الشهر الجاري ما يسمى اجتماع آستانة حول سوريا، بين كل من دولة الاحتلال التركي وروسيا والنظام السوري وإيران، لكن ما كان مطروحاً للإعلام للنقاش حوله في هذا الاجتماع ربما لم يتطرق له المجتمعون قط، فقد تميز هذا الاجتماع ومنذ انطلاقته الأولى، بتسليم مناطق ما تسمى بالمعارضة المسلحة للنظام، وانسحاب المسلحين منها، بعد أن جندتهم تركيا لصالحها. من خلال تلك الباصات الخضراء التي اشتهرت في تلك الأونة. ولكن هذا الاجتماع كان بمثابة دق المسمار الأخير في نعش المعارضة، فقد قالها أكثر من مسؤول تركي وعلى أكثر من منبر بأن تركيا تعمل على عقد مصالحة بين ما سمتها بالمعارضة وبين النظام في دمشق، على حساب الدم السوري، غير آبهة بالمآسي التي مر به هذا الشعب.
وبحسب تسريبات عن هذا الاجتماع فقد اتفق أطرافه على مايلي:
زيادة تركيا من وتيرة هجماتها على المنطقة، والعمل على إلحاق أكبر ضرر ممكن بالبنى التحتية والمرافق الحيوية التي تدخل في خدمة شعوب المنطقة.
إن وقف إطلاق النار الذي توسّط فيه بوتين وأردوغان في إدلب يسلّط الضوء على حقيقة أستانا، وهي أن القرارات الفعلية لا تُتَّخَذ هناك. وفي الواقع، لم يتم التوسط في أي من عمليات وقف إطلاق النار الرئيسية السابقة في سوريا ضمن صيغة أستانا الثلاثية الأطراف، لكن في الوقت نفسه، تمنح هذه الصيغة أردوغان بعض النفوذ على موسكو وتصبح المصالح التركية والروسية في شمال شرق سوريا أقل توافقاً.
ورجح المحللون ان الاستراتيجية التركية كانت تقوم على أن العمليات العسكرية تكون عادة ردا على هجمات قد تتعرض لها قواتها، لكن هذه الاستراتيجية تغيرت في الأشهر الماضية، وأصبح الاحتلال التركي قائما على استهداف المدنيين والبنية التحتية في المنطقة.
ويرى مراقبون أن الاحتلال تركيا تتعمد استهداف البنية التحتية في مناطق الإدارة الذاتية، في سياق مخطط يستهدف تهجير السكان بجعل منطقة الشمال السوري غير قابلة للحياة.
وبين الحين والآخر تستهدف الاحنلال التركي بالطائرات المسيّرة مناطق شمال وشرق سوريا.
ومنذ العام 2016 نفذت تركيا ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق في سوريا استهدفت بشكل رئيسي المناطق العسكرية والاماكن السكنية. وبات الاحتلال التركي وفصائل سورية موالية تسيطر على شريط حدودي واسع في سوريا.
وكخطوة انتقامية لداعش وذلك لخلق جو من عدم الاستقرار، والتضييق عليهم من خلال تجويعهم ودفعهم لإفراغ المنطقة، ليتسنى له تغيير التركيبة السكانية وديمغرافية المنطقة.
لا جديد يذكر في الحلقة الحادية والعشرين من مسلسل أستانا حول سوريا، ومعظم القديم إن لم يكن كلّه يُعاد، وإن اختلفت المشاهد نوعاً مّا، يبقى الأبطال المفترضون ذاتهم، والضحية هم السوريون منذ بداية هذا المسار وحتى انتهاء آخر حلقاته، والكومبارس أدوات الدول الضامنة من حكومة وما تسمى المعارضة، الذين لا يُحدِث حضورهم أو غيابهم أيّ فرق في السيناريو.