منذ انتخابات 2016، استعادت قوات حكومية دمشق، بدعم من حليفيها روسيا وإيران، السيطرة على مناطق واسعة بينها معاقل مهمة للفصائل التابعة للاحتلال التركي، من الأحياء الشرقية لمدينة حلب (شمال) إلى الغوطة الشرقية قرب دمشق وشمال حمص وكامل محافظتي درعا والقنيطرة جنوبا، كما سيطرت مؤخرا على نحو نصف محافظة إدلب (شمال غرب) إثر هجمات متتالية.
وبتاريخ 16 أيلول/سبتمبر 2018 أجرت حكومة دمشق انتخابات لاختيار أعضاء المجالس المحلّية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتُعتبر “الانتخابات” التي جرت هي الثانية من نوعها منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011.
واشارت الوسائل الاعلامية بان حكومة دمشق جعل من غالبية المقاعد داخل تلك المجالس، تعود لقائمة يقوم الحكومة بوضعها مسبقاً ويجبر المدنيين الذين يحقّ لهم الانتخاب على اختيار هذه القائمة، والتي تضمّ الأحزاب الموالية لحكومة دمشق ويشكل حزب البعث والذي يعدّ الحزب الحاكم في سوريا غالبية هذه القائمة.
وأصدر بشار الأسد، مرسوماً حدد بموجبه موعد انتخابات ما يسمى بـ”مجلس الشعب السوري” للدور التشريعي الرابع، في 15 تموز القادم.
وحدد المرسوم الرئاسي عدد أعضاء مجلس الشعب المخصص في الدوائر الانتخابية، ويضم مجلس الشعب 250 مقعداً.
وأكدت مصادر خاصة لروز بريس بان حكومة دمشق قد وضعت صناديق الانتخابات في المراكز الحكومية والمدارس بمدينة الحسكة والقامشلي، وقد أجبرت حكومة دمشف معظم الموظفين في المؤسسات الحكومية في الحسكة والقامشلي على انتخاب مرّشحي قائمة “الوحدة الوطنية” والتي تضم أعضاء من “الجبهة الوطنية التقدمية” الموالية للحكومة، وذلك بعد تهديدهم بخصم مرّتبهم الشهري، لتفضي هذه الانتخابات بدورها أيضاً إلى فوز مرّشحين من الأحزاب الموالية لحكومة دمشق.
حيث وضعت صناديق الانتخابات في 68 مدرسة بمدينة الحسكة و 4 مدارس في مدينة القامشلي.
ولكن وبحسب نتائج الانتخابات الماضية، فإن أعضاء هذا المجلس معروفون حتى قبل بدء التصويت، فغالبية الذين سيتم انتخابهم هم مما تسمى قائمة “الجبهة الوطنية التقدمية” المحكومة من قبل حزب البعث، ناهيك عن تجار الأزمة والحرب والمقربين من دوائر السلطة الحاكمة في دمشق.
وبحسب الباحثين في هذا الشان، فإنّ غالبية أعضاء المجالس المحلية الذين سوف يتم انتخابهم، هم من الموالين لحكومة دمشق، إضافة لكونهم أعضاء في حزب البعث الحاكم في سوريا، وقد تمّ اختبار أغلبهم عن “طريق التزكية” من قبل موالين للحكومة، ما أفقد هذه العملية الانتخابية أي أهمية تذكر على حد وصفهم.
وتشهد سوريا منذ بداية الأزمة السورية أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية، تترافق مع انهيار قياسي في قيمة الليرة وتآكل القدرة الشرائية للسوريين، الذين يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.
وقال المحللون وإن كانت القوات الحكومية استعادت بعض المدن من الفصائل، فقد اشتدت على مر السنوات العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على السلطات، وصولا إلى قانون قيصر الأمريكي الذي دخل حيز التنفيذ، وتُعد إجراءاته الأكثر قساوة على سوريا.
ويتخوف محللون ومنظمات إنسانية ومسؤولون سوريون من أن تفاقم العقوبات الجديدة معاناة السوريين.
ومنذ ستينيات القرن الماضي، تعيش سوريا، مسرحية هزلية تسمى انتخابات مجلس الشعب، تحولت إلى مسرحية تراجيدية بعد أزمة 2011، وذلك في ظل حالة الانهيار الاقتصادي وذلك بفعل الإصرار على الذهنية الإقصائية القديمة الجديدة، ضاربة بعرض الحائط القرار الأممي 2254 والذي يدعو إلى إجراء انتخابات ديمقراطية في البلاد وفق دستور سوري جديد.