أنشئ معبر أبو الزندين في النصف الثاني من عام 2017، بعد هزيمة داعش في ريف حلب، وتقاسم السيطرة على المنطقة بين قوات حكومة دمشق، الذي سيطر على مناطق ريفية واسعة في شرق محافظة حلب، وفصائل الجيش الوطني السوري، الذي سيطر بدعم من القوات التركية على مدينة الباب وأجزاء من بلدة تادف المجاورة.
وتحول المعبر، الواصل بين مدينتي حلب والباب، خلال السنوات الماضية، إلى ممر إنساني تتم فيه غالبية عمليات تبادل الأسرى بين حكومة دمشق والفصائل التابعة للاحتلال التركي، بإشراف الضامنين تركيا وروسيا، إضافة إلى كونه أحد أشهر ممرات التهريب بين الجانبين للبضائع والأدوية والتبغ والسيارات، وصولاً إلى المواد المخدرة.
واكدت المصادر بأن فصائل «السلطان مراد»، أقرب الفصائل لتركيا، أعادت فتح المعبر في سبتمبر (أيلول) 2022، لمدة ساعات قليلة، قبل أن تعيد إغلاقه مرة جديدة، بسبب الغضب الشعبي تجاه الخطوة.
ويفصل المعبر قرية أبو الزندين الواقعة تحت سيطرة المعارضة عن مزارعها الواقعة ضمن مناطق حكومة دمشق.
وقالت المصادر بانه عقد ضباط أتراك وروس اجتماعاً جديداً في معبر أبو الزندين قرب مدينة الباب بريف حلب الشرقي، تزامُناً مع مظاهرات شعبية ترفض دخول أي دوريات روسية إلى المنطقة.
واستقدمت القوات الروسية تعزيزات عسكرية إلى منطقة المعبر، المزمع افتتاحه خلال الأيام القريبة، بحسب المرصد السوري.
اشارت المصادر بان تركيا نجحت إلى حدٍّ بعيد، في استثمار الاقتتال الذي جرى بين الفصائل، من أجل تطويع الواقع الميداني والسياسي بما يخدم مصالحها السياسية والمضيّ قدماً في مساعي التقارب مع دمشق.
حيث سارعت أنقرة إلى استغلال لحظة ارتباك الفصائل المحلية للعمل على تحقيق هدف طالما سعت إليه وهو افتتاح معبر أبو الزندين الذي يصل بين مناطق الفصائل في مدينة الباب ومناطق حكومة دمشق في مدينة حلب، باعتباره مطلباً رئيسياً سبق لروسيا أن وضعته على طاولة المفاوضات مع تركيا أكثر من مرة.
وبدأت القوات التركية عملياً، بالعمل على إنشاء مفرزة عسكرية بالقرب من معبر أبو الزندين، في إشارة إلى أن المعبر الذي أثار الكثير من الجدل، وكان محل صراع بين الفصائل.
ولم يكن لتركيا أن تتقدم على مسار افتتاح معبر أبو الزندين لولا جولة الاقتتال الأخيرة بين الفصائل. ويبدو أن نتائج الاقتتال قد خدمت السياسة التركية، وفتحت أمامها احتمالات واسعة، على الرغم من أن تركيا حاولت إظهار استيائها منها، وسعيها إلى طيّ صفحتها، وذلك في إطار حرصها على احتواء مختلف الأطراف خصوصاً الفصائل التي تعمل تحت إمرتها في الشمال السوري، وكذلك لامتصاص المواقف الدولية التي أعربت عن قلقها من سيطرة “هيئة تحرير الشام” على مدينة عفرين، بحسب التقارير.
وقد سبق لموسكو أن طالبت أنقرة بافتتاح عدد من المعابر الداخلية التي تربط مناطق الاحتلال التركي مع مناطق حكومة دمشق، وذلك لرغبة موسكو في إنجاح خطة إدخال المساعدات عبر الخطوط التي نجحت في تضمينها للمرة الأولى في قرار مجلس الأمن الرقم 2585 بتاريخ تموز (يوليو) 2021.
وبحسب المصادر بالفعل، فقد استجابت أنقرة للمطالب الروسية، وأوعزت إلى الفصائل الموالية لها في عام 2021 بضرورة فتح المعابر لكنها لم تضغط بشكل جدّي في سبيل ذلك، لا سيما مع الضغط الشعبي ضد هذه التوجهات حيث أُغلق الملف أو تم تأجيله على الأقل.
غير أن التغييرات الأخيرة في العلاقات التركية – الروسية، وتبعاً للتصريحات التركية حول التقارب مع سوريا وانخراطها في لقاءات أمنية مباشرة في دمشق، فقد انعكس بشكل مباشر على ملف المعابر الداخلية، إذ شهد ملف المعابر تطورات في سياق تهيئة المناخ المناسب لاستمرار التفاوض الأمني بين دمشق والجانب التركي بوساطة روسية، بحيث يُستخدم التطبيع الاقتصادي مدخلاً لملفات سياسية وأمنية بين الجانبين، إضافة إلى قضية إعادة اللاجئين والنازحين إلى مناطق ريف حماة وريف إدلب الجنوبي، وفق ما ذكرت المصادر.