كاتب تركي: أنقرة ترعى جماعات مسلحة غير رسمية خارج حدودها من أجل تقويض جيرانها وخصومها

يمثل الهجوم التركي على شمال شرق سوريا مرحلة جديدة في سياسة أنقرة الخارجية، هي على استعداد فيها لكسر الأعراف الدبلوماسية المبتعة والقانون الدولي.
تشهد سياسة تركيا الخارجية تغييرا كبيرا منذ فترة؛ إذ تدير ظهرها للغرب وتتجه صوب توطيد العلاقات مع روسيا، بما في ذلك التعاون في مجال الدفاع.
وبالطبع ترتبط تغيرات السياسة الخارجية بالنظام السياسي الجديد الذي يثبت أقدامه في تركيا.
فعلى مدى عقود من الزمن، ظلت السياسة الخارجية قائمة على اتباع السبل الدبلوماسية من خلال القنوات الرسمية، ولكن منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في العام 2011، بات الدعم التركي لجماعات المعارضة السورية يمثل تخليا عن نهج الدبلوماسية السلمية.
وقبل أن تبدأ هجومها الأخير عبر الحدود في سوريا، أعادت تركيا تسمية نحو 30 جماعة من الجماعات الإسلامية المعارضة في شمال سوريا تحت مسمى “الجيش الوطني السوري”، لتجعل منها وحدات عسكرية تدعمها تركيا وتديرها بشكل غير رسمي سياسيا وماليا.
وأصبحت تركيا تماما مثل غيرها من دول الشرق الأوسط التي ترعى جماعات مسلحة غير رسمية خارج حدودها من أجل تقويض جيرانها وخصومها.
لا يدرك صناع القرار الأتراك ولا الشعب التركي جيدا حجم الضرر الناجم عن الصورة السلبية التي تظهر بها تركيا في الأمد الطويل.
فالآن، يُنظر إلى تركيا على نطاق واسع على أنها بلد يدعم الجماعات الجهادية ويمارس العنف بحق المدنيين.
وحقيقة أن زعيم داعش المقتول أبو بكر البغدادي كان يعيش على مسافة خمسة كيلومترات فقط من الحدود التركية تثير تساؤلات أيضا بشأن دعم تركيا المحتمل للجماعة الجهادية المتطرفة.
فإما أن تركيا كانت على علم أنه موجود هناك ولم تفعل شيئا، أو أنها عجزت عن اكتشاف أن الرجل الأول على قائمة المطلوبين في العالم كان يعيش في مكان قريب للغاية من أراضيها.
بيد أنه في ظل تصاعد النزعة القومية في تركيا، فما من أحد يهتم كثيرا بمثل هذه المسائل المهمة أو يفكر في العواقب على المدى الطويل.
لقد تحولت تركيا من بلد ذي علاقات فاترة مع الغرب، إلى بلد يعارضه بقوة؛ من بلد يعاني من مشاكل إلى بلد يسبب المشاكل.

الكاتب التركي: غوكهان باجيك