إن المستوى الذي بلغته القضية
الكردية في المنطقة يعتبر مستوى هاماً؛ بحيث لا يمكن اليوم صياغة الحلول في
المنطقة دون مراعاة الوضع الكردي والقضية الكردية بشكل خاص، بحيث إن القوى التي
أرادت دوماً في أن تكون القضية الكردية محصورة ضمن أطر ضيقة في أدنى المستويات؛
باتت تلك القوى غير قادرة اليوم على ضبط إجراءاتها لتحقيق تلك الأهداف؛ بمعنى إن
هناك دوماً من يرغب في ألا تكون القضية بالمستوى الذي يحقق لها التأثير، حيث وفي
حال وجود حلول أو مشاريع معينة يقومون بفرضها على الكرد وهذا أسهل لهم. لكن؛ أمام
ما حدث من تطورات منذ أربعة عقود من الزمن (بداية الثمانينيات) إضافة للجهود
النضالية الأخرى للقوى والشخصيات الكردية؛ بات هذا الهدف غير ممكناً، حيث وبخروج
تلك الإمكانات من إياديهم نرى اليوم بأن الهجوم بشتى الوسائل والإمكانات يُشّن
بهدف النيل من هذا التطور.
بالمقابل العراقيل المفروضة
تتواجد دائماً؛ في ظل هذه الأمور الحديث عن الوحدة الوطنية الكردية أيضاً موجود.
لكن؛ لا زال الحديث ينحصر في تناول الوحدة عبر جملة من الأمور النظرية والدعائية
بمعنى لو كانت في الحقيقة توجد رغبة في أن تكون هناك وحدة كردية؛ فلماذا لا يتم
التحرر من الإطارات العامة التي تضعها تلك القوى التي تريد أن تكون القضية الكردية
خاضعة لمستوى معين للتحكم بها؟؛ أي هناك انسجام بين التصنيف الذي يطلقه البعض؛
بغية إفشال محاولات معينة من أجل تحقيق تطور القضية الكردية! على سبيل المثال؛
تصنف جهات معينة ومن أجل مصالحها ومن أجل حصر تطور الوضع الكردي وكذلك كنوع من
المغازلة لدول ومنها تركيا المعادية لحقوق شعبنا؛ إحدى الحركات الكردستانية بأنها”
إرهابية”. إذاً المعادلة مفهومة. لكن؛ على الصعيد الكردي الأمر ليس بهذا الواقع،
حيث هذه الحركة بغض النظر عنها أياً كانت لا بد إنها ساهمت في خدمة الكرد وحاولت
تغيير واقع الحال. لهذا؛ جاء هذا التصنيف؛ لذا لا بد من ألا يكون التعامل أو النظر
إليها بهذا الشكل الذي يحدده الآخرون وإلا لا يمكن لنا أن نحقق وحدتنا؛ هذا من جهة
ومن جهة أخرى في باشور كردستان الحزبان الرئيسيان كانا في يوم من الأيام مصنفان على
قوائم الإرهاب. لكن؛ كردياً لم يكن التعامل معهما مبنياً على أساس الصفات التي
سماها وصنفها الآخرون؛ فلماذا النظر بمعيار عكسي إلى موضوع حزب العمال الكردستاني
إذاً؟
هذا التناول دون الغوص في تفاصيل
الأهداف؛ يخلق من الناحية النفسية أجواء فيها نفور من حقيقة الأمر الذي هو ليس كما
يقدمها البعض؛ هذه الأجواء تؤثر بشكل لا إرادي على الفئة المستقلة والمثقفة والتي
تؤمن بأنه لطالما الجهة الفلانية الكردية ترى هكذا فإنه حتماً واقع وحقيقة وبذلك
يعتبر الأمر من المسلمات الخاطئة (هنا يتحول هؤلاء الذين لا يفكرون بتعمق لأداة ضد
المصلحة الكردية أحياناً بشكل لا شعوري حتى).
ليس دفاعاً عن حزب العمال
الكردستاني. لكن؛ لا أحد يستطيع وصف تجربته ونضاله كحزب وحركة بأنه ضد القضية
الكردية على وجه الخصوص. إذاً؛ لماذا تم تصنيفه إرهابياً مع إنه لم يُلحق الضرر
بالدول التي صنفته؟! ذلك لأنه يسعى كحزب لرفع مستوى الدور والتأثير للقضية الكردية
وهذا لا يُرضي من تحدثنا عنهم. لذا؛ عمدوا لهذا الإجراء! فهل وكي يتم تحاشي غضب
تلك القوى والدول أن ينجر البعض ويتفقوا مع تصنيفهم وفي الوقت ذاته؛ يتحدثون عن
الوحدة الكردية؟ هذا يخلق هواجس وهمية ويجب أن يكون الجميع في يقظة كي لا يكونوا
أداة لمشروع عالمي لا يريد التطور لقضيتنا.
حيث أن الشعور بالخجل أو محاولة
طمر الرأس في الرمال كالنعام حيال الدفاع أو التعاطف مع أي حركة كردية مصنفة
عالمياً حسب معاييرهم على إنها إرهابية حينها نكون طرفاً هاماً في تحقيق أهداف هذه
القوى والأطراف ألا وهو جعلنا ككرد تحت تأثيرهم ومجبرين على العمل وفق تعليماتهم؛
وقتها سنكون في وضع لا نمتلك إرادتنا ولا حتى لدينا قرارنا؛ فإذاً كيف يمكن أن
نقرر أن نكون موحدين ونعمل معاً من أجل خدمة قضيتنا التي أساساً نحن طرف في منع
تطويرها؟!
الواجب الأخلاقي والوجداني
والوطني يملي علينا في ألا نكون في تعاطينا مع محيطنا الكردي مجردين من واقعنا
وألا نجري وراء مساعي تضر الكرد متوهمين إنها لخدمة الكرد هذا بالنسبة لمن يهربون
من واقعهم ويخجلون من اتخاذ موقف؛ كونهم حريصون على عدم إثارة غضب من يعرقل ويؤخر
ويهدد ليس الوحدة الكردية فحسب وإنما الوجود الكردي، على العكس تماماً يجب وبدلاً
من التردد في الدفاع عن إحدى حركاتنا الكردستانية المدافعة عن حقوقنا ككرد يجب أن
نعيد النظر في آليات الارتباط العميق مع جهات باتت تفرض علينا شكل وإطار التحرك
وتتدخل في منع تحقيق وحدتنا. الدفاع عن الحقيقة الموجودة ليست بخسارة أمام جهود
الدفاع والنضال من أجل خدمة شعبنا، إنما الخسارة الكبيرة في أن نتجنب رؤية حقيقة
جهات كردية لديها تاريخ ونضال وتضحيات إرضاءً لأطراف هم ذاتهم من يسببون المآسي
والظلم لشعبنا.