أرحب بجميع الرفيقات، الشخصيات النسوية، ممثلات عن الادارة الذاتية ومؤتمر ستار، تجمع نساء زنوبيا، المجالس النسوية والاحزاب السياسية الرفيقات المشاركات على امتداد الجغرافية السورية.
اهلاً وسهلاً بكن في ملتقى الحوار الوطني النسوي السوري تحت شعار “وحدة النساء السوريات – ضمان الحل في سوريا وتحقيق السلام”.
نستذكر بكل فخر واجلال شهدائنا وشهيدات الحرية اللواتي ضحين بأنفسهن لتحقيق حياة كريمة وآمنة
اسمحن لي أن أتقدم بأسمى آيات الشكر والتقدير لكن، لتلبيتكن الدعوة والحضور للمشاركة في هذا التجمع الموقر الذي سوف نعمل معاً لتحديد أولوياتنا في التغيير والبناء وتعزيز دورنا الوطني والنسوي في الأزمة السورية
وبهذه المناسبة أحيي جهود ونضال المرأة السورية “أمهات وزوجات وأبناء وبنات الشهداء، الثائرات، القياديات، المقاتلات، السياسيات ورفيقات درب نضالنا”
أثمن عاليا بكل فخر واعتزاز جهودكن الدؤوب والمتواصل في عملية التغيير والبناء وتحقيق الحماية والأمن والسلام
السيدات العزيزات…
يسعدنا ان نلتقي اليوم في مدينة حلب، حلب الثقافة والعراقة والاصالة، حلب التي امتزجت فيها دماء أبناء وبنات سوريا، حلب التي سطرت بجدائل النساء والمقاتلات أروع ملاحم البطولة والمقاومة والشجاعة….
لكن، وكما تعلمون، إن بلدنا سوريا يعيش أزمة سياسية وانسانية متعاظمة، إذ لم تفلح جميع المبادرات الدولية والوطنية في إيجاد مسار جامع وفعال نستطيع المضي فيه للوصول إلى حل سياسي حقيقي وشامل، حل سياسي ينقذ البلاد، ويؤسس لمستقبل مشرق للسوريين، وذلك بسبب رفض سلطة دمشق لأي تغيير في نهجها وسلوكها، ولسبب غياب الإرادة الدولية الجادة والقادرة على فرض حلول سياسية جذرية تلبي وتحقق تطلعات وأهداف السوريين.
إن تسارع وتيرة الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط بشكل غير مسبوق ينبأ بتطورات إقليمية خطيرة على مستقبل شعوب المنطقة، والتي سينعكس تأثيرها بشكل مباشر على بلدنا وشعبنا، لما لها من ارتباطات واجندات ومصالح تتجاوز الحدود الوطنية للدول، يتعلق قسم منها بالهيمنة الجيوسياسية الإقليمية، وأمن الممرات الاقتصادية وسلاسل التوريد الحيوية، فطبيعة هذه الأحداث والصراعات العسكرية الراهنة لم تأتي بالصدفة، بل هي نابعة من تأصل الأزمات الوطنية وعدم سوية العلاقات الدولية، والتي لم تنتج حلول ناجعة على مدى قرن كامل من الزمن، بسبب العطب والخلل الموجود في النظام الدولي القائم، الذي يأخذ بمصالح أنظمة الدول بعيدا عن مصالح شعوبها.
ولذلك يتحتم علينا كسوريين بالضرورة أن نسعى جاهدين لتكثيف ودعم الحوارات الوطنية التي من شأنها أن تصون وحدة بلادنا وتحمي شعبنا من التطورات الخطيرة التي تعصف في المنطقة، تلك الحوارات التي تبنى على أساس الوطن والمستقبل المشترك لجميع السوريين.
لذلك لا نتلمس أي بوادر للحل السياسي في سوريا نتيجة عدم أخذ المرأة دورها الحقيقي في الحوارات السياسية والتفاوضية وهذا ورغم الحروب والمجازر التي ارتكبت بحق النساء، إلا إن المرأة لعبت منذ الأزل دوراً محورياً كبيراً في نهضة المجتمعات، وأثبتت قدرتها على التغيير فيها، عبر حضورها في مختلف جوانب الحياة وإصرارها على أخذ أدوار متنوعة.
السيدات والرفيقات الأعزاء
لقد شهد القرن العشرين تحولات كبيرة في تاريخ نضال الحركات النسوية المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة وحقوق المرأة، وتطورت هذه الحركات لتشكل الركيزة الأساسية والعمود الفقري لحركات التحرر العالمية.
وكانت للحركة النسوية في سوريا نصيبا بارزا في النضال الثوري والاستقلال الوطني ضد المستعمرين والمحتلين لتحقيق الاستقلال والحرية، وساهمت في تقدم الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، ومع توسع تجربتها النضالية وتعمقها، اثمرت في النهاية عن تمتعها بحق الانتخاب والترشح، وذلك في فترة ما بعد الاستقلال، والتي أصبحت جزءا من معادلة النضال السوري.
ومع تصاعد وتيرة نضال المرأة السورية، أصبحت قضيتها من القضايا المحورية والأساسية، وبهذا احدثت نقلة نوعية في مسيرتها النضالية من خلال الارتقاء إلى المطالبة بالمساواة الجندرية، والقضاء على اشكال التمييز الجنسوي، إضافة إلى عدم إنصاف الدسـاتير السـورية المتعاقبـة وقوانيـن الانتخابـات المرأة السورية، سـواء علـى صعيـد المناصـب القياديـة فـي المؤسسـات الرسـمية أو علـى صعيـد مشـاركتها البرلمانيـة، بل وأصبحت المرأة عرضة لكافة الممارسات والأساليب الترهيبية والقمع والتهميش من مناحي الحياة السياسية والاجتماعية بشكل كامل وبهذا تعرضت الحياة الاجتماعية في سوريا لتصحر شديد، مما ادخل سوريا في نفق الاستبداد والطغيان، وبدأت ملامح المرأة السورية تتشوه مع دخول سوريا مرحلة جديدة متسمة بغياب الحقوق والحريات على مدى العقود الخمسة الماضية، لكن التاريخ يشهد للمرأة السورية بدورها البارز في صنع الاستقلال، فسوريا لم تتوقف يوما عن إنجاب العظيمات من نسائها واللاتي أصبحن صروحا يمجدها التاريخ
ومنذ انطلاق الحراك السلمي في سوريا في آذار 2011، كانت المرأة السورية حاضرة بقوة في المشهد السياسي والاجتماعي، فكانت السباقة في الصفوف الأمامية في الاحتجاجات الشعبية معبرة عن صوتها المنادي بالتغيير والتحول الديمقراطي، ومؤمنة بأنها شريكة أساسية وفعالة في الثورة، بالرغم من تعرضها للقمع والاعتقالات التعسفية والتعذيب الجسدي والنفسي في السجون، لكنها لم تستسلم ولم تتراجع عن مواصلة النضال واستمرت في المطالبة بالمساواة والعدالة الاجتماعية، والعمل على بناء مجتمع أكثر عدلاً وإنصافاً.
ومع انحراف الثورة عن مسارها الديمقراطي، وافتقارها لقيادة كفؤة، قادرة على توجيه عملية التغيير والتحول الديمقراطي لأسباب عديدة أهمها غياب الرؤية الصحيحة للواقع السوري ولآفاق مستقبلية، وعدم إشراك المرأة كشريك حقيقي، والافتقار لاستراتيجيات وخطط سليمة لتطوير هذا الحراك مما حولها إلى أزمة معقدة، جلبت الويلات والحرمان للشعب السوري،
وتحولت سوريا إلى ساحة للتدخلات الخارجية وبالتالي توفرت الارضية الخصبة لظهور ونمو تيارات أصولية راديكالية متطرفة، التي أدخلت سوريا إلى مرحلة جديدة وأكثر دموية وإجراما بحق الشعب السوري والتي ألقت بظلالها على المرأة التي كانت الأكثر تضررا في الحرب من فقدان زوجها وأبناءها وأخواتها، فعانت النزوح واللجوء والتهجير القسري وكل أشكال العنف والانتهاكات التي ترتقي إلى جرائم الحرب.
تعرضت المرأة السورية لكثير من المآسي والسبي في المناطق التي سيطر عليها الإرهابين، فكانت في الخطوط الأمامية المتقدمة لمواجهة الإرهاب ووسائل إرهابه وإجرامه وتدميره، وكان العبء الأكبر على النساء بسبب فقدان جميع مقومات الحياة والأمن والاستقرار، إلا أن النساء السوريات أظهرت قوة لا تقهر، مجسدةً روح الثورة والإصرار، الذي يعكس الأمل والإيمان بإمكانية التغيير الإيجابي، ودور المرأة الحيوي في بناء مستقبل سورية.
السيدات العزيزات
ثلاثة عشر عاماً من عمر الازمة يعيش السوريون ويلات الحرب والشتات ويكافحون الحصار ، ولا تزال المرأة السورية تواجه العديد من الصعوبات والتحديات، بما في ذلك العنف الجسدي والجنسي والاستغلال في مناطق اللجوء وفي مخيمات النزوح والمناطق المحتلة من قبل الاحتلال التركي.
على مساحات الوطن الشاسعة، امتلأت ذاكرة السوريين بقصص الألم والحرمان والوجع لما آلت إليه سوريا، ومع العلم كانت المرأة السورية تدفع باتجاه الوصول إلى الحل السياسي تضمن لها قيادة المرحلة إزاء الأزمة التي طال أمدها، ولم تفقد من عزيمتها واستمرت المرأة السورية بجهودها وقدمت مساهمات حيوية في المجال الإنساني والاجتماعي والسياسي لتحقيق السلام المستدام.
واليوم نستنتج في هذه المرحلة الحساسة، وفي هذه الاوضاع نحتاج دون شك إلى استراتيجية متكاملة واضحة الملامح، تجسد روح العصر، وتؤمن مشاركة الشعوب والمكونات المختلفة بشكل فاعل ومسؤول في بناء نظام ديمقراطي جديد وحمايته وتطويره.
وفي هذا المقام، دعونا نحيي نضال المرأة في السويداء من ساحات الكرامة، حيث كان لحراك السويدءا الذي جدد عهده في آب الماضي على تصعيد نضاله بنهجه السلمي الديمقراطي الحضاري، وبث الروح مجدداً في المشهد الديمقراطي السوري، وكانت المرأة أبرز الفاعلات في الحراك الديمقراطي في هذه المدينة الآمنة، وهذا ما يؤكد رأينا حول دور المرأة في تكريس السلام والديمقراطية، فتحية لنساء السويداء الأحرار اللواتي كانت ولازالت في مقدمة الصفوف وجهاً لوجه مع النظام المركزي الاستبدادي.
السيدات والرفيقات الأعزاء:
علينا جميعًا أن ندرك أن النضال من أجل الحرية والكرامة هو مسيرة مستمرة، وأن المرأة السورية ستكون دائمًا في طليعة هذه المسيرة، تحمل مشعل الأمل والتغيير بصمودها وعطاءاتها وتضحياتها نحو مستقبل أفضل فهي صانعة اللبنات الأولى في كيان الإنسان وروحه وعاطفته، رحلتنا هي رحلة كفاح طويلة ومازال الطريق إلى الديمقراطية والحرية محفوف بالمخاطر والتحديات، فإعادة البوصلة نحو دور المرأة ومكانة المرأة الحقيقية وقدرتها على المشاركة في اعمار وبناء الوطن وتمكين المرأة لا يساعد فقط على النهوض بالمساواة بين الجنسين، بل يحقق أيضًا التنمية المستدامة والسلام والأمن.
ويُعدّ بناء قدرة المرأة كعاملة من أجل السلام وصانعة قرار ضروريًا من أجل مستقبلٍ عادلٍ في سوريا، وهنا أود التأكيد على أن شعار الملتقى اليوم “وحدة المرأة السورية” إنما هو الحل الضامن والمدخل لوحدة سوريا ووحدة أراضيها، وأن استقلال المرأة إنما يرمز لاستقلال سوريا وسيادتها، وأن وحدة النساء السوريات، إنما سعني ايضاً وحدة الهوية الوطنية السورية التي يجب إعادة يناءها على أسس ديمقراطية وحضارية.
وبما أن المرأة السورية تسعى مهما كان انتماؤها إلى التخلّص من حالة الاستبداد والمركزية فهي تتطلّع إلى مكانتها الحقيقية التي سلبها إياها الأنظمة الحاكمة وصغار العقول في المجتمع السوريّ..
واليوم في ظل الأزمة الحالية التي يمر بها وطننا وحصولنا على التجارب والخبرات التي ستبرز دور المرأة كمؤشر حقيقي يخولنا لأخذ دورنا الحقيقي للمشاركة في قيادة العملية السياسية
ورغم سنوات الحرب الطويلة ما زالت جهود المرأة مستمرة برغم كل ما عانته من الفقدان والألم وانطلاقا من واجبنا الوطني والنسوي وما هيأته نضالات المرأة وثورة المرأة في شمال وشرق سوريا من ظروف وشروط مناسبة من انفتاح ووعي سياسي أكسب المرأة توجها فكريا وذاتيا جديد الذي خلق مساحة آمنة لنتبادل الآراء والنقاشات حول مستقبلنا ومستقبل البلاد وسيكون من اولوياتنا العمل والمشاركة معا برسم رؤية استراتيجية لتوحيد الرؤى والجهود عبر آليات وبرامج وطنية للمشاركة الواسعة والفعالة للمرأة السورية، لذا، ينبغي علينا كفعاليات ومنظمات نسوية العمل بإصرار وصمود لتجاوز الخلافات التي تمنعنا من التقارب وبناء المشتركات التي تهدف لتمكين المرأة في جميع المجالات وتعزيز وعيها بحقوقها وواجباتها لتكون شريكاً فاعلاً في بناء المجتمع السوري ونهوضه وتحفيزهن للعب دور قيادي في الحياة السياسية والاجتماعية
لذلك اجتمعنا اليوم لتجديد السعي من خلال الجهد المتواصل للمضي قدما نحو تحقيق أهدفنا والبناء على تجاربنا الشخصية والتنظيمية وبناء رؤية نسوية تعطي هوية واضحة للحراك النسوي السوري بقواها السياسية والاجتماعية المتعدّدة لرسم مستقبل سوريا الجديدة، حيث وضع مجلس سوريا الديمقراطية المرأة في صلب اولوياته من خلال وثيقته السياسية وخارطة الطريق، وأعتبر المرأة جزء أساسي من المشاركة في العملية السياسية كشرط اساسي لإنجاح العملية التفاوضية والتغيير.
ونؤكد على أن ما تصنعه المرأة السورية اليوم لا ينفك عن سجل حافل من التاريخ النسائي المشرف، فإن ما قدمته عبر العصور والتاريخ والحضارات الإنسانية من صوراً رائعة وخالدة لبطولات وتضحيات في ظل التقاليد والأعراف السائدة في المجتمع متحدية الظلم والاستبداد
نسعى ان يكون هذه الملتقى نقطة للالتقاء والتحاور و التشاور
وإطار عمل تعاوني مشترك وطني نسوي لتوحيد رؤى وجهود النساء السوريات لرسم استراتيجيات الحل وتحقيق الامن والسلام.
دمتم ودامت سوريا بخير
ولكن جزيل الشكر لاستماعكن
كلمة الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية
18 – 10 – 2024