أشار تقرير لصحيفة ذا جلوب بوست الأمريكية للكاتب أرمان محموديان إلى أن الكرد في سورية استطاعوا من خلال مقاومتهم أن يكون لهم بصمة متميزة في ظل تفاقم الأزمة السورية التي كانت لها تداعيات هائلة على المنطقة والعالم بأسر
ولفت الكاتب إلى أنه يعيش ما يصل إلى 35 مليون كردي في الشرق الأوسط” إنهم يعيشون في منطقة جبلية واسعة عبر حدود إيران وتركيا والعراق وسوريا. وأن الكرد هم رابع أكبر مجموعة عرقية في الشرق الأوسط ، ولكن قبل الأزمة السورية سنة 2011 في سوريا ، كان الحزب الديمقراطي الكردستاني يعتبر نفسه الممثل الكردي الرئيسي الوحيد في المنطقة في شمال العراق، ولكن وفي ظل الأزمة السورية، على الرغم من عواقبها الرهيبة، تحولت إلى فرصة للكرد في سورية”.
النصر الاستراتيجي للكرد
ويتحدث الكاتب عن ترك انتشار الفوضى في جميع أنحاء سوريا وظهور العشرات من ميليشيات التمرد المسلّح المناهضة وجعل النظام السوري أمام خيارين: مشاهدة السقوط الكامل لنظامه، أو إعطاء الأولوية لمناطق البلاد والحفاظ على أهمها.
ويرى الكاتب بأن النظام وحلفاؤه اختاروا الخيار الثاني وركزوا مواردهم على أماكن استراتيجية مثل دمشق وحلب ومحافظة اللاذقية الساحلية.
ولقد بذل النظام قصارى جهده لتجنب المواجهة في المناطق الأقل استراتيجية وحتى سحب جزءاً من قواته من هذه المناطق في أوائل عام 2012 ، بما في ذلك الشمال الشرقي والشمال الغربي التي يقطنها الكرد. وكان هذا الانسحاب التكتيكي للنظام انتصاراً استراتيجيا للكرد في سوريا.
وفي النهاية، في عام 2012، سيطر الكرد السوريين على معظم المناطق المأهولة بالسكان الكرد في سوريا. واجه هذا التطور الجديد ردود فعل مختلفة من الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية. وجدت الولايات المتحدة أنه تطور لطيف، لكن تركيا شعرت على الفور بالتهديد. ووجدت روسيا الكرد في البداية حلفاء لهم وأقامت علاقات رسمية، بينما وجدت إيران بأن الكرد هم أعداء لتركيا التي تدعم الجماعات المناهضة للنظام السوري والمحسوبة على الأخوان المسلمين، وانطلاقاً من ذلك بدت إيران أقل مرونة في التعامل مع الكرد .
ويلفت الكاتب إلى أن واشنطن بدأت بالاعتماد على الكرد السوريين وخاصة بعد انتصارهم على داعش كوباني ومنبج، وفي وقت لاحق، في عام 2015، تم الإعلان عن تشكيل قوات سورية الديمقراطية (SDF). تلقت هذه القوة العسكرية الجديدة، التي كان حجمها ملحوظاً، قدراً كبيراً من المساعدات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي .
مناطق سيطرة الكرد
ويرى الكاتب محموديان بأن قوات سورية الديمقراطية لعبت دوراً هاماً في المعارك ضد داعش وتحولت إلى الحليف الأكثر موثوقية للولايات المتحدة على الأرض. نجحت مجموعة من القوات الجوية الأمريكية ومقاتلي قوات سوريا الديمقراطية على أرض الواقع في هزيمة خلافة داعش، ولكن في الوقت نفسه، حظي الكرد بامتيازات إقليمية واسعة. لأول مرة في تاريخ سوريا الحديث، لم يسيطر الكرد على منطقتهم التقليدية فحسب، بل سيطروا أيضا على المناطق العربية المأهولة بالسكان على الضفة الشمالية الشرقية لنهر الفرات.
ولم يكن تمكين الكرد السوريين مجرد تغيير مزعج بالنسبة لتركيا ومرتزقتها.
الهجوم التركي وسحب القوات الأمريكية
ويلفت الكاتب إلى أنه لم يستغرق الصمت المُحرج بين تركيا ومرتزقتها والكرد وقتاً طويلاً. ففي 20 كانون الثاني (يناير) 2018 ، شنّت تركيا ، بالتعاون مع مرتزقة الجيش الحر، حملة عسكرية واسعة النطاق ضد القوات الكردية في عفرين. ومنذ ذلك الحين، استولت تركيا على 282 بلدة وقرية في شمال غرب سوريا كانت في السابق تحت سيطرة الكرد. وتدهور وضع الكرد عندما أعلنت الولايات المتحدة عن خطتها لسحب ما يصل إلى 1800 من أصل 2000 جندي من سوريا، وهو القرار الذي جعل الكرد يشعرون بالخيانة من قبل الولايات المتحدة وتركوا وحدهم ضد مئات الآلاف من جنود تركيا ومرتزقتها.
وفي 28 ديسمبر 2018 ، بينما كانت القوات المدعومة من تركيا تتقدم نحو مدينة منبج في شمال سوريا، أصدرت قيادة وحدات حماية الشعب بياناً يرحب بالجيش السوري في منبج. بمعنى آخر، لإيقاف تركيا العضو في حلف الناتو .
تحديات الكرد
فجأة ، يجد الكرد أنفسهم في مواجهة مع تركيا، خصم إيران الإقليمي وعدو النظام، والمرتزقة المدعومين من تركيا الذين يشكلون تهديداً لنظام الأسد وروسيا وإيران. بالإضافة إلى ذلك، يشعر الكرد بخيبة أمل في الولايات المتحدة، أكبر تهديد لإيران وسوريا، ومنافس روسيا المتفوق.
ويلفت الكاتب الى أن الكرد لا يشاركون نفس التهديدات مع النظام السوري وحلفائه. إن الإنجازات التي حققها الجانبان قد كلفتهم كميات هائلة من الموارد والخسائر.
و من الواضح أنه ليس لدى النظام ولا الكرد خيار عملي أكثر من التسامح مع بعضهم البعض لمواجهة التهديد الأكبر الذي يشعرون به من آلاف المرتزقة الموجودين في إدلب والمدربين تدريباً جيداً .
أخيراً، التعاون المتزايد بين الكرد والنظام السوري وحلفائه هو سيناريو ممكن للغاية، على الرغم من أن هذا لا يعني أن الكرد سيقبلون قيادة دمشق كما اعتادوا. سيقتصر التعاون في الغالب على مواجهة بعض المرتزقة وطرد تركيا من سوريا.