منذ بدء الحرب في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس في أكتوبر / تشرين الأول العام الماضي، كانت سوريا ساحة رئيسة، لضرب أهداف مرتبطة بإيران، إضافة لاستهداف مواقع وقياديين في الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، إذ تسعى إسرائيل اليومَ لإنشاء ممر بري في سوريا تهدف من خلاله لقطع خطوط الإمداد عن طهران وحزب الله.
وشمل النشاط الجوي الإسرائيلي في سوريا بين أكتوبر/تشرين الأول الماضي وسيتمبر/أيلول الحالي، أنحاء الخريطة كافة، من دير الزور والحدود السورية شرقًا إلى الساحل السوري غربًا، ومن حلب شمالًا إلى أقصى مناطق القنيطرة نحو الجنوب الغربي، وصولًا للعملية التي تُعد تطورًا ملحوظًا في سياق القصف الإسرائيلي، في منطقة مصياف بريف حماة وسط البلاد، التي تخلّلها إنزال جوي للكوماندوز الإسرائيلي في مركز البحوث العلمية.
ومنذ العام 2022، استعاضت “إسرائيل” عن الهجمات النارية بتوغلات برية متقطعة ومؤقتة، وتشمل عمليات حفر وتجريف ورفع سواتر ترابية، لإنشاء ما أطلق عليه اسم “مشروع طريق سوفا 53“، وارتفعت وتيرة التوغلات بشكل ملحوظ بعد الحرب في غزة، مع تجدد نشاط مجموعات محلية موالية لإيران في استهداف المنطقة الحدودية بالطائرات المسيّرة.
وبعد عامين، وتحديدًا في يناير/كانون الثاني 2024، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، إنشاء نقطتين عسكريتين إضافيتين لمراقبة وقف إطلاق النار بمحافظة القنيطرة، وذلك في ظل تصاعد التوترات وعمليات خرق اتفاق “فض الاشتباك” في حدود الجولان، بالتوازي مع هجمات شنتها المجموعات الموالية لإيران في إطار الحرب في غزة.
وارتفع عدد نقاط المراقبة الروسية في حدود الجولان إلى 12.
ويثير وجود نقاط المراقبة الروسية أسئلة واسعة عن إمكانية وجود تفاهم “غير معلن” بين موسكو وتل أبيب، إزاء عمليات التوغل الإسرائيلية في القنيطرة وإنشاء الممر العسكري “سوفا 53″، إذ لا يمكن أن تكون التحركات الإسرائيلية بمعزل عن ضوء أخضر سري، منحته روسيا للجانب الإسرائيلي في تلك المنطقة، وهذا ما يفسر أيضًا صمت بشار الأسد إزاء هذه الخروقات.
إذ يتزامن الحراك الإسرائيلي المتصاعد في إنشاء ممر “سوفا 53” مع تصريحات إسرائيلية متكررة بالاستعداد لتنفيذ توغل بري في لبنان، في حالة عدم قبول حزب الله بشروط نتنياهو القاضية بوجود منطقة عازلة بمسافة 7 كيلومترات عن الحدود الشمالية لفلسطين، وإن وجود خط عسكري في الجانب السوري، سيمنع إيران في حال أرادت التدخل من إرسال أي إمدادات لحزب الله.
القناة الرابعة عشرة الإسرائيلية، كشفت في تقرير لها، أن الجيش الإسرائيلي يعمل حالياً على إنشاء حاجز بري على الحدود مع سوريا لتفادي ما أسمتها بـ”التهديدات التي تأتي من الحدود” في إشارة إلى الهجمات التي تشنها الفصائل التابعة لإيران وحزب الله، وأن الخطوة تأتي في إطار ما يراه “نظامهم الأمني” تهديداً من الحدود مع سوريا.
إجراء إسرائيل هذا يأتي في وقت تتحدث تقاريرُ إعلامية عن اجتياز قوات إسرائيلية مدعومة بدبابات وجرافات، الخطَّ الفاصل مع الجولان السوري المحتل، والتمركز مؤقتاً، قرب قرية كودنة بريف القنيطرة.
وتقول مواقع محلية في الجنوب السوري إنّ التوغلات الإسرائيلية باتت أمراً شبه يومي، وسط مخاوف من اجتياح مرتبط بأهداف إسرائيلية في لبنان وربما سوريا نفسها.
وفي ظل التصعيد العسكري المتسارع في الشرق الأوسط، حيث الحرب في غزة ولبنان والتوتر الكبير مع إيران، يعود اسم الجولان وجنوب سوريا مرة أخرى، للتداول بين المحللين العسكريين، بعد تقارير عن احتمالية شن إسرائيل توغلاً برياً داخل الأراضي السورية انطلاقاً من الجولان للقضاء على أي وجود لإيران وحزب الله هناك.