أخبار عاجلة

لماذا تحولت “داعش” إلى مقصد للنساء…؟


تختلف دوافع انضمام النساء العربيات والشرقيات عن مثيلاتهن من النساء القادمات من الغرب، حيث تلعب التربية التي تتلقاها المرأة بتوجيه ومرجعية ذكورية متسلطة والنظرة الدونية للمرأة، ساهمت في خلق إحساس خاص تجاه المشاركة في مثل هذه العمليات بأشكالها كافة، إذ اعتبرتها الصورة التي تعيد إليها ثقتها وتجعلها تحس بأنها تستطيع التأثير في الأحداث من حولها وتحولها من إمرأة قابعة في بيت تتلقى الأوامر إلى عنصر لاعب ومؤثر.

وأن أغلب المنخرطات لديهن رغبة في الهرب من واقعهن والبحث عن الذات، ثانيا ضعف الشخصية والميل إلى ممارسة السلطة، وملامح الشخصية المضطربة نفسانياً واجتماعياً، ثالثاً وجود نزعة العنف والتعذيب والانتقام، رابعاً ضعف التحصيل العلمي، خامساً صغر السن وسهولة التأثير وبخاصة عند المراهقات.

وألهب إعطاء التنظيم مساحة عمل كبيرة  للمرأة، حماس المراهقات ونساء كثيرات في دول الخليج والمغرب العربي وأوروبا.

ويضاف إلى ذلك أن عدداً من النساء في سوريا والعراق، تعرضن في ظل الصراع القائم لأوضاع قاسية من قبل القوات النظامية، دفعت بهن إلى الانضمام إلى تنظيم “داعش”؛ فمنهن من فقدت أبناءها أو زوجها أو أفراد أسرتها بالكامل، أو تعرضن للخطف أو التعذيب، ومنهن أيضاً من هُدّمت منازلهن في أثناء قصف قوات النظام، فكان خيار الانضمام إلى “داعش” أحد أساليب الانتقام، إضافةً إلى إمكانية العيش في ظل حمايةٍ جديدة.

ولا يمكن نسيان البعد الطائفي، ففي ظل الحرب الأهلية في العراق وسوريا، تحول الصراع من صراع سياسي إلى صراع طائفي، وهو ما دفع بعدد من النساء إلى القتال إلى جانب “داعش”، ليس من باب القناعة بفكر التنظيم بقدر ما هو من باب “الجهاد” من أجل الدفاع عن عقيدة “أهل السنة” ضد  الشيعة الذين يمثلهم -من وجهة نظهرهن- كلٌّ من النظام السوري والعراقي.

أما في ما يخص انضمام النساء الغربيات إلى التنظيم، أشار تقرير للمعهد الملكي للدراسات الأمنية، أن النساء فعلاً يجري استدراجهن بالرومانسية وعروض الزواج وتقديم فرص الدخول في مغامرات جديدة في سوريا والعراق، ولكن النساء اللواتي ينضممن إلى داعش يرين في التنظيم فرصة “للتمكين”، وفرصة لتحدي التقاليد الغربية والمعايير الجنسية المفروضة في الغرب.

وركز التقرير على أن عامل الفقر وغياب الإحساس بالانتماء وفشل الحكومات الغربية في دمج هؤلاء في المجتمع هي أهم العوامل والأسباب وراء انضمام عدد كبير من الأوروبيين إلى داعش.

وهناك سبب آخر يتعلق بغياب برنامج واضح لإعادة تأهيل المرضى النفسيين من الشباب المراهقين وتقديم التسهيلات التي تعيد اندماجهم فى المجتمع فى معظم الدول الأوروبية، وبهذا يصبحون فريسة سهلة للاستقطاب من قبل التنظيمات المتطرفة.

وفي كثير من الأحيان يذهبن ببساطة تقليداً لصديقة تلقين منها رسائل من خلال شبكة الإنترنت، فتثير فيهن روح المغامرة والمنافسة، فالشباب ببساطة يلتحقون بداعش فقط بحكم دافع التقليد.

بعض النساء ينجذبن أيضا إلى الرجال المجاهدين بسبب التقارب الحاصل في الغرب بين الرجال والنساء من ناحية القوة والقانون، فهن يحططن من شأن الذكور من حولهن، لأنهم لم يعودوا يجسدون المثل الأعلى للرجل الذي يدعم عائلته. ولذلك فهن يتجهن إلى الجهاديين فهناك رومانسية تنشأ حول مفهوم الفحولة المفترضة عند الجهاديين.

وينجذبن إلى فكرة الاستقرار الأسري، على نقيض عدم الاستقرار العميق الذي يسود الأسر الغربية الحديثة. إنه شكل من أشكال التراجع نحو الاستقرار الذي كان سائداً في العصور القديمة.

الخطورة في سعي التنظيمات الإرهابية إلى تجنيد النساء، تكمن بالدرجة الأولى بأن عدد المجندين سيصبح أكبر عما سبق، وليس من الضروري أن يكون زوج المرأة المستهدفة أو أخوها عضواً في التنظيم كما كان الحال في ما مضى وهذا ما يفرض تحديا أمنيا جديدا بالنسبة إلى الدول التي كانت تركز على تحركات الرجال المشبوهين.

ويرى ثلاثة باحثين متخصّصين في شؤون الأمن والتطرّف ضمن دراسة أصدرها موقع “وور أون ذا روكس” الأميركي أنّ دور نساء داعش المستقبليّ يفرض أيضاً على الأجهزة المخابراتيّة ألّا تقع ضحيّة انحياز تحليليّ مسبق مفاده أنّ هؤلاء قد وقعن في شباك داعش عن بساطة قلب، فهناك نساء مقتنعات تماماً بالفكر المتطرف.

ولو تمكّنت داعشيّات من الوصول بسلام إلى أوروبّا التي يفيد الباحثون بأنّ بعضاً من دولها لا يجرّم السفر إلى سوريا والعراق، فسيكون بإمكانهنّ تشكيل خطر كبير داخل القارّة العجوز. وقد يعمد التنظيم إلى تشغيلهنّ ضمن شبكاته العنكبوتيّة أو مجنّدات أو مخطّطات أو حتى عميلات ميدانيّات.

وتتمثل إحدى مخاطر تلك الظاهرة في عدم وجود معلومات دقيقة حول أعدادهن، نظراً إلى ما يتخذنه من إجراءات سرية في التنقل والتجنيد، ومن ناحية أخرى فإن زواج كثيرات منهن، سيزيد من تعقيد الظاهرة؛ لأنه سيجعل من الصعب على أسرهن ومجتمعاتهن الغربية تقبلهن بعد أن أصبحن زوجات وأمهات لأطفال صغار، ما سيدفع بعدد منهن إلى الاختفاء في دول غير دولهن، أو البقاء في المناطق المشتعلة بالصراع، سواء في الشرق الأوسط أم في غيره، ما يصبُّ في إمكانية خلق جيل جهادي جديد في المستقبل على أيدي هؤلاء المجاهدات، وسيجعل من الصعب التنبؤ بالمخاطر الحقيقية لتلك الظاهرة.

(وكالات)