في وقت كان فيه الصراع بأوجِه بين الثورة كثورة نحو التغيير والديمقراطية وبين مساعي الإرهاب في خنقها، حيث بدايات ظهور داعش؛ استيقظت شنكال وفي بدايات شهر آب 2014 قبل خمس سنوات على مجزرة وهجوم بربري شنته مرتزقة داعش، فلم يكن هناك تمييز وإنما قتل دون رحمة؛ ما نتج عن تلك المجزرة السيئة الصيت, آلاف من الضحايا، اليتامى، المخطوفين ومصيري المجهول.
لم يكن الهجوم على شنكال إلا لغايات استهداف الشعب الإيزيدي الكردي المسالم الذي يعيش في تلك الرقعة الجغرافية والذي حافظ بالرغم من كل محاولات الإبادة على هويته وتاريخه؛ حيث وثّقت عشرات حملات الإبادة الجماعية بحق الشعب الإيزيدي، ولا تكاد تخلو أعوام متعاقبة إلا وللإيزيديين نصيب من حملات الإبادة الجماعية التي طالت وجودهم ودينهم ومعتقداتهم؛ لعل أبرز الأسباب لما تعرض له الإيزيديون هو غياب حالة التنظيم الذاتي والمجتمعي، إضافة لتقاعس السلطات العسكرية والسياسية في حمايتهم خاصة في مجازر مرتزقة داعش.
ما حدث في آب 2014 وبالرغم من الظروف العصيبة والإمكانات الضيقة التي كانت تمر بها شمال سوريا لم يمنع ذلك شعبنا ووحدات حماية الشعب والمرأة، إضافة لمقاومتهم ضد المرتزقة نفسها وأمثالهم في التوجه نحو شنكال وفتح ممر آمن لإنقاذ ما يزيد عن 150 ألف مدني جُلهم نساء وأطفال وشيوخ؛ بثمن كبير كان ثمانية شهداء من منطلقات أخلاقية ووطنية وإنسانية والحرب كانت قائمة.
اليوم وبعد سنوات من مجزرة شنكال؛ انتقم شعبنا وبمختلف أعراقهم للشعب الإيزيدي ولكل الذين كانوا ضحايا لمرتزقة داعش في تاريخ 23-3-2019 (مع إعلان قوات سوريا الديمقراطية رسمياً هزيمة داعش)، حيث كان ذلك نصراً كذلك على وجه الخصوص للمرأة التي اختطفها داعش وسباها ومارس بحقها الفظائع والاعتداء. معركة الباغوز وانتصار قسد على داعش هناك كان وسيبقى يوماً هو الوحيد الذي سيخفف دوماً من جراح شنكال.
سعي الدولة التركية المحتلة للقيام بما عجزت عنه داعش ومحاولات أردوغان اليوم احتلال المناطق التي دحر مكوناتها مرتزقة داعش ما هي إلا مساعٍ علنية لإعادة المجازر، للاعتداء على كيان المرأة التي قاومت ودافعت وهزمت داعش، لإتاحة الفرصة كي تعود داعش؛ وتقضي قبل كل شيء على إرادة المرأة التي تطورت بالرغم من الفرض الكبير على كل ما يدل على هويتها ودورها الريادي.
كل المجتمعات وبما فيهم المجتمع الإيزيدي يجب أن يكونوا دائماً في عمل مستمر كي ينظم ذاته ويطور من نظام دفاعه الذاتي؛ وكذلك يبني إرادته الديمقراطية ويكون مستقلاً وذو قرار ذاتي؛ بدون هذه المعايير الهامة؛ لا يمكن الصمود في وجه حملات الإبادة المستمرة بكافة أشكالها؛ حيث نعيش في منطقة لازمها سنوات وعقود طويلة نماذج حكم مركزية عاشت ولا تزال تحاول على الإبادة والقتل والإرهاب والفزع، تستند هذه الأنظمة لما تملكه من قوة إبادة وتدمير وتبقى المجتمعات والشعوب هي الأقوى حال وحدتها وبنائها لنظامها الذاتي.
لن يكون الإيزيديون ولا أي شعب آخر بمنأى عن الإبادة؛ كما إن مجزرة شنكال، كوباني، مجازر عفرين؛ لن تكون الأخيرة ما لم يكن هناك إرادة قوية تجابه هذه الفاشية وهؤلاء المرتزقة؛ ما يتوجب إعادة تنظيم الذات والجهوزية دوماً لأي طارئ؛ كون الشعوب الحرة والمحافظة على تاريخها وهويتها أهداف دائمة لقوى الإرهاب وأصحاب المجازر.