«ما فعله أردوغان نوع من عبادة الأصنام، وفتنة دولية بين المسلمين والمسيحيين، ومن يؤيد اردوغان من أهل النفاق».
أتصور أن المشهد العالمى بوجه عام، والعربى بوجه خاص لا يبشر بخير، وأننا نعيش أكذوبة منظمات أممية مهمتها حفظ الأمن والسلم الدوليين، وأن ما تنص عليه مواثيقها مجرد حبر على ورق، ويرتقى لأن يكون دخانا فى الهواء. وهو ما أعتبره أصناما يعبدها المسئولون بهذه المنظمات ورؤساء الدول الكبرى المشكلة لمجلس الأمن الدولى، وأيضا النشطاء فى منظمات حقوق الانسان. المشهد المؤسف يقول إن دولة واحدة تتلاعب بالعالم كله من أجل أطماعها التوسعية. هذه الدولة تسمى تركيا، تقوم بشحن الارهابيين فى طائرات وبواخر لتحتل دولة ليبيا، وتنشر الإرهاب فى العالم، هذه الدولة المارقة تؤوى فى أراضيها جماعات الاخوان الهاربة من مصر وكل دول العالم وتفتح لهم مراكز تدريب على عمليات الارهاب.هذه الدولة اتفقت مع تنظيم داعش الارهابى وتنظيم القاعدة الارهابية لتنشىء لهم وطنا فى دولة عربية مسالمة وشعبها طيب هم أهل ليبيا، وبهذا تقتل بلا رحمة السكان الأصليين ليحل محلهم الخونة والعملاء من أمثال السراج وحكومته غير الشرعية، فى حماية ميليشيات التنظيمات الارهابية الذين احتضنتهم تركيا بعد انتهاء الحروب فى افغانستان وسوريا والعراق.
كل هذا والعالم مستمر فى عبادة الأصنام دون أن يحرك ساكنا لوقف حاكم تركيا المعتوه أردوغان للأسف الشديد. وأعتقد أن ما يفعله الاخوان فى تركيا هو نوع من عبادة صنم أردوغان الذى يحميهم من الملاحقات القضائية الدولية. ويذكرنى هذا المشهد بما كان يحدث فى العصور الجاهلية رغم كل هذه الأديان السماوية، والتى ختمها الله سبحانه بالإسلام دينا للبشرية، برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين. حينما جاء الاسلام دعا إلى عبادة الله الواحد الأحد، بينما كان أهل مكة يعبدون الأصنام، منهم من كان يصنع صنما من حجارة أو خشب ليعبده، ومنهم من كان يصنع إلاهه من العجوى فإن جاع أكله !. جاءت دعوة الاسلام بمجموعة من القيم والمبادئ التى يستقيم بها الانسان. وكان من أبرزها محاربة العادات الجاهلية مثل وأد البنات، ودفنها حية، وفى هذا أكبر تكريم سماوى للمرأة، كما نهى الاسلام عن فعل المنكر والفواحش والزنا وشرب الخمر والربا. وربما يكون محاربة النفاق والمنافقين المبدأ الأول الذى دعا إليه الاسلام. وربما يكون النفاق آفة بعض الناس منذ الخليقة، وبلا شك هو من وساوس شياطين الإنس والجن.
وهو ما نراه واضحا فى القضايا والأزمات العربية، فالنفاق الاخوانى الواضح للنظام التركى أوغر صدره على العرب، وهم هنا يعيدون إلينا فكر الجاهلية وعبادة الأصنام، وظهرت أطماع النظام التركى فى العراق وسوريا وليبيا، والمنافق تميم دفع النظام التركى لنهب أموال قطر، واقامة قاعدة عسكرية مهمتها تهديد دول الخليج وحماية نظام تميم. وعلى نفس الطريق كانت الحيلة التركية التى حولت متحفا كان فى الأصل كنيسة إلى مسجد، وفى هذا تشويه واضح للدين الاسلامى. لو عادوا إلى التاريخ لعلموا أن خليفة رسول الله عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان فى زيارة لبيت المقدس، وأثناء زيارته للكنيسة سمع الاذان فأراد أن يصلى، فاقترح عليه القساوسة الصلاة داخل الكنيسة، فرفض وصلى خارجها قائلا:أخشى أن يأتى من بعدى من يصلى داخل الكنائس على أنها اقتداء بعمر بن الخطاب، أليس فى هذا دليل احترام الرسول وخلفائه لدور العبادة الأخرى للمسيحيين اواليهود.
ما فعله أردوغان نوع من عبادة الأصنام، وفتنة دولية بين المسلمين والمسيحيين، ومن يؤيد اردوغان من أهل النفاق، العالم كله يعلم أن «آيا صوفا» تحفة فنية تاريخية للأسف وقعت فى فخ الديكتاتور العثمانى. يستهدف الرئيس التركى رجب اردوغان اثارة استفزاز العالم بقرارته المثيرة للجدل والتى تثير أيضا غضب السياسيين فى العالم كله. حيث أعرب بابا الفاتيكان البابا فرنسيس عن حزنه الشديد لقرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، وأكد أنه «منزعج للغاية» من تحويل متحف القديسة صوفيا السابقة فى اسطنبول إلى مسجد. وقال إن «القديسة صوفيا لها تاريخ مسيحى كبير، وتم استخدامها بعد سقوط القسطنطينية (1453) وهو تراث عالمى تحول لمتحف كرمز للتعايش بين الأديان. ودعا مجلس الكنائس العالمى، الذى يضم 350 كنيسة،اردوغان إلى التراجع عن قرار تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد. وتأكيدا لرؤيتنا، تقول صحيفة «أوك دياريو» الإسبانية إن أردوغان يواصل تشويه صورة بلاده، ويستمر فى اسلوبه العدائى لإثارة استفزاز العالم، خاصة أنه يعانى من أزمة اقتصادية كبيرة.
أما آن للعالم أن يردع هذا الحاكم المعتوه، أما آن للعرب أن يعودوا إلى جامعتهم العربية، ليواجهوا المخاطر المحدقة بالوطن كله.
صحوة العقول
يذكرنى ما يفعله الإخوان واردوغان بقصة قديمة متداولة عن سفير لبريطانيا ﻓﻲ نيودلهى عاﺻﻤﺔ الهند، ﻛﺎن السفير ﻳﻤﺮ ﺑﺴﻴﺎرﺗﻪ ﻣﻊ ﻗﻨﺼﻞ ﻣﻤﻠﻜته، ﻓﺠﺄة رأى ﺷﺎﺑﺎ ﻫﻨﺪﻳﺎً ﺟﺎﻣﻌﻴﺎً ﻳﺮﻛﻞ ﺑﻘﺮة برجله، ﻓﺄﻣﺮ اﻟﺴﻔﻴﺮ ﺳﺎﺋﻘﻪ بأن ﻳﺘﻮﻗﻒ، وﺗﺮﺟّﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎرة ﻣُﺴﺮﻋﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﻘﺮة «اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ» ﻳﺪﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺸﺎب ﺻﺎرﺧﺎً ﻓﻲ وﺟﻬﻪ، وﻳﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪﻫﺎ ﻃﻠﺒﺎ للصفح والمغفرة، وﺳﻂ دﻫﺸﺔ المارة، اﻟﺬﻳﻦ اﺟﺘﻤﻌﻮا ﺑﻌﺪ ﺳﻤﺎع ﺻﺮاخ السفير، ووسط ذهول اﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ، ثم اﻏﺘﺴﻞ اﻟﺴﻔﻴﺮ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺑﺒﻮل البقرة وﻣﺴﺢ ﺑﻪ وﺟﻬﻪ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ المارة إﻻ ان سجدوا ﺗﻘﺪﻳﺮا للبقرة التى ﺳﺠﺪ لها اﻟﻐﺮﻳﺐ. وبعد ذلك أحضرﻮا اﻟﺸﺎب اﻟﺬى أكل البقرة ﻟﻴﺴﺤﻘﻮا أﻣﺎم البقرة اﻧﺘﻘﺎﻣﺎ ﻟﻘﺪسية ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ ورﻓﻌﺔ ﺟﻼﻟﻬﺎ. عاد السفير إلى سيارته ﺑﺮﺑﻄﺘﻪ وﻗﻤﻴﺼﻪ اﻟﻤُﺒﻠﻞ ﺑﺒﻮل البقرة وﺷﻌﺮه اﻟﻤﻨﺜﻮر، فسأله اﻟﻘﻨﺼﻞ ﻋﻦ ﺳر ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ، وﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻘﺘﻨﻊ ﺣﻘﺎ بعبادة اﻟﺒﻘﺮ ؟! أجاب اﻟﺴﻔﻴﺮ إجابة تعكس عبقرية الطغيان على العقول، حيث قال: إن قيام اﻟﺸﺎب بركل البقرة هو ﺻﺤﻮة للعقول، ورﻛله ﻟﻠﻌﻘﻴﺪة الهشة اﻟﺘﻲ ﻧﺮﻳﺪﻫﺎ أن تستمر، وﻟﻮ ﺳﻤﺤﻨﺎ ﻟﻠﻬﻨﻮد ﺑﺮﻛﻞ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ.. ﻟﺘﻘﺪﻣﺖ اﻟﻬﻨﺪ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ اﻟﻰ الأمام، ﺣﻴﻨئذ ﺳﻨﺨﺴﺮ وﺟﻮدﻧﺎ وﻣﺼﺎﻟﺤﻨﺎ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ، ﻓﻮاﺟﺒﻨﺎ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻫﻨﺎ، أﻻ ﻧﺴﻤﺢ ﺑﺬﻟﻚ أﺑﺪا،ﻷﻧﻨﺎ ﻧُﺪرك ﺑﺄن اﻟﺠﻬﻞ واﻟﺨﺮاﻓﺔ والتعصب الدينى والمذهبى وﺳﻔﺎﻫﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة، ﻫﻲ ﺟﻴﻮﺷﻨﺎ التى نعتمد عليها فى ﺗﺴﺨﻴﺮ المجتمعات.
لهذا يقف الغرب صامتا أمام الجهل، فهل عرفنا لماذا الغرب يُدعم الجهل والخرافة والتعصب الدينى والمذهبى فى عالمنا العربى والإسلامي؟! إنه فن اغتصاب العقول.️
موسوعة أوجلان
عبد الله أوجلان من مواليد 4 ابريل 1948، هو مؤسس وأول قائد لحزب العمال الكردستاني عام 1978، سعت تركيا للتضييق عليه، وانتهجت اسلوب قتل أعضاء الحزب، فاضطر لممارسة نشاطه عسكريا، وبدأت حرب كردية تركية منذ 1984، ولم تفلح محاولات الوساطة بين الطرفين، تم نفى أوجلان إلى سوريا ثم روسيا ثم إيطاليا ثم اليونان ومنها إلى السفارة اليونانية فى كينيا التى اعتقلته وسلمته إلى تركيا فى فبراير 1999، فى عملية أثارت سخطا كرديا حول العالم، حكم عليه بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى فى 29 يونيو 1999 بدعوى تأسيس وإدارة منظمة مسلحة اعتبرتها تركيا ارهابية. ثم قامت تركيا بتحويل حكم إعدام أوجلان إلى السجن المؤبد ضمن سياسة إلغاء عقوبة الإعدام فى تركيا، ومحاولة التلائم مع قوانين الاتحاد الاوربى، مازال مسجونا بسجن جزيرة امرالى ببحر مرمرة بتركيا.
لكن أوجلان زعيم كردى مثقف، له فكر يبتعد عن فكرة النزعة القومية والانغلاق فى المجال الطائفى، يطرح فكرة الأمة الديمقراطية التى تدعو إلى المساواة بين كافة الطوائف والاعراق والقوميات، وهى فكرة تقترب من فكر دولة المواطنة التى تتبناها مصر والشعوب المحبة للخير والسلام وقبول الآخر، وضعه فى موسوعة مهمة من 5 أجزاء بعنوان «مانيفستو الحضارة الديمقراطية» صدرت عام 2010.اهداها لى الأخ والزميل محمد ارسلان «شيار زاخو» ممثل مكتب وكالة انباء فرات بالقاهرة. يتحدث فيها أوجلان عن «المدنية، والمدنية الرأسمالية، وسوسيولوجيا الحرية، وأزمة المدنية وحل الحضارة اليمقراطية فى الشرق الاوسط، والقضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية». بالطبع هذا المفكر الكردى له العديد من المؤلفات، أبدعها فى السجن الانفرادى التركى، ولم يفلح الطاغية التركى على وأد أفكار المناضل الكردى الذى يبحث عن حق شعبه فى شمال سوريا والعراق وجنوب تركيا. من هنا ادعو كل المثقفين العرب والأكراد وسائر القوميات بالمنطقة العربية لإقامة حوارات فكرية حول فكرة الأمة الديمقراطية ودولة المواطنة، حيث ان الشياطين تعشش فى التفاصيل، والحوار خير وسيلة لمواجهة شياطين التفاصيل.
دروس التاريخ
كان الزعيم السوفيتى «خروتشوف» رئيسا لوزراء الاتحاد السوفيتى فى عهد ستالين. يحكى خروتشوف أن الرفيق ستالين اتصل به ليبلغه بأن هناك مؤامرة كبيرة، يجب أن يكشفها، قال ستالين :لدينا معمل إطارات هدية من شركة فورد الأمريكية، ينتج الإطارات منذ سنوات وبشكل جيد. لكن فجأة، ومنذ ستة أشهر، بدأ هذا المعمل ينتج إطارات تنفجر بعد بضعة كيلومترات.ولم يعرف أحد السبب. أريدك أن تذهب إلى المعمل فورا وتكتشف ما هو السبب.
يقول خروتشوف : وصلت المعمل وباشرت التحقيق، وقفت فى أول خط الإنتاج وقمت بمتابعة أحد الإطارات، مشيت معه من نقطة الصفر حتى خروجه من المعمل. أصبت بالإحباط، كل شيء طبيعى وكل شيء صحيح وكل شيء متقن، ولكن الإطار انفجر بعد بضعة كيلومترات. جمعت المهندسين والعمال والإداريين واحضرت المخططات وقمت بالاتصال بالمهندسين الأمريكيين، لم نصل إلى حل. قمت بتحليل المواد الخام المستخدمة فى صناعة ذلك الإطار، التحليل أثبت أنها ممتازة جداً وليست هى السبب أبداً. والإطار انفجر بدون سبب. أصابنى الإحباط، وأحسست بالعجز، عدت لأقرأ حائط الأبطال فى المعمل. يوجد فى رأس قائمة الأبطال أحد المهندسين، لفت نظرى أن هذا المهندس على رأس القائمة منذ ستة أشهر، أى منذ بدأت هذه الإطارات بالانفجار بدون سبب، لم أستطع النوم. قمت باستدعاء هذا المهندس إلى مكتبى للتحقيق معه، قلت له: ارجوك اشرح لى يا رفيق، كيف استطعت أن تكون بطل الإنتاج لستة أشهر متتالية؟ قال: لقد استطعت أن أوفر الملايين من الروبلات للمعمل والدولة. قلت: وكيف استطعت أن تفعل ذلك؟ قال: ببساطة قمت بتخفيف عدد الأسلاك المعدنية فى الإطار وبالتالى استطعنا توفير مئات الأطنان من المعادن يوميا.
هنا اصابتنى السعادة الكبيرة لأننى عرفت حل اللغز أخيرا ولم أصبر على ذلك. اتصلت بـ»ستالين» فورا وشرحت له ما حدث وبعد دقيقة صمت قال بالحرف: والآن.. أين دفنت جثة هذا الغبي؟ قلت له: فى الواقع لم أعدمه يا رفيق.. بل سأرسله إلى سيبيريا. لأن الناس لن تفهم لماذا نعدم بطل إنتاج.
الدرس: ليس بالضرورة أن تكون فاسداً وسارقا.. لتؤذينا وتدمرنا.. يكفى أن تكون غبيا !.
الكاتب: محمد حسن البنا