مخيمات النظام السوري تتحول إلى معتقلات

استطاع النظام من خلال المصالحات العودة الى اغلب مناطق التي خرجت عن سلطته حيث اسس وزارة المصالحة الوطنية في منتصف عام 2012 والتي عملت على استراتيجية المصالحة دون الحرب لإعادة المناطق الى سيطرته دون أي تكلفة عسكرية

جميع المصالحات التي حصلت في سوريا كانت استسلاما” واضحا” للنظام الذي اتبع سياسة الارض المحروقة والحصار الشامل تجاه المناطق الثائرة .وساهمت عوامل اخرى الى ايقاف الدعم الاقليمي للمعارضة وانقطاع خطوط الامداد مقابل الدعم الروسي الايراني اللامحدود للنظام و التقارب التركي الروسي حيث ان المصالحات كانت باتفاق روسي تركي و بلغت عدد المصالحات الى أكثر من 70 مصالحة حتى قبل نهاية 2018وأبرز تلك المناطق حمص وريفها ومحافظة ريف دمشق وحماة وريف اللاذقية وريف القنيطرة و حلب وريفها , وقد كانت تلك المصالحات عاملا” مهما” في تشكيل مراكز ايواء للمهجرين قسرا” من مناطقهم بالإضافة الى عوامل الحرب الاخرى .

أبرز مناطق الايواء في مناطق النظام:

في كثير من المناطق تنتشر مراكز رئيسية للإيواء يسيطر عليها النظام، ويعاني قاطنوها من صعوبات كثيرة ابسطها الطعام والشراب ونقص الأدوية وضيق الحالة المادية وتقييد الحركة، والتعامل بفوقية مع قاطنيه على أنّهم الحاضنة الشعبية للمعارضة، وبالتالي معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية.

في العاصمة السورية دمشق وريفها: هناك ثلاثة مراكز إيواء رئيسية، أبرزها مركز الحرجلة، في ريف دمشق الجنوبي الغربي، الذي افتتح عام 2012، ويضم نازحين من مختلف المناطق السورية خصوصاً ريف دمشق يزيد عدده عن 190 ألف نازح، وهناك في دمشق مركزان كبيران، هما عدرا والدوير، يضم كلّ منهما أيضاً عشرات آلاف النازحين من مختلف أنحاء البلاد، آخرهم كانوا من الغوطة الشرقية، والذين وصل عددهم إلى أكثر من 120 ألف نازح، توزعوا على المراكز الثلاثة.

في محافظة السويداء: بقي في المحافظة مركز إيواء وحيد هو معسكر طلائع البعث، في بلدة رساس، يضم عشرات العائلات النازحة من مختلف المحافظات، والذي كانت أكثرهم من درعا وأيضا كان منهم من الحسكة ودير الزور والرقة وغيرها”. وفي أواخر 2018 شهدت عودة عدد من العائلات النازحة إلى مناطقها، بعد سيطرة قوات النظام عليها. وأما من تبقى منهم، فما زال المعسكر أشبه بسجن كبير، قد تستطيع الخروج منه لساعات، فهناك نساء وشباب وأطفال يخرجون للعمل خصوصاً في الأراضي الزراعية، لكنّ الحصول على إذن الخروج من إدارة المعسكر ليس بالأمر السهل.

في محافظة اللاذقية: وفي أواخر 2018 بدأ النظام يعمل على إعادة النازحين إلى مناطقهم، خصوصاً النازحين من حلب، إذ تم نقلهم من مدينة الأسد الرياضية التي كانت تعتبر من أكبر مراكز الإيواء في اللاذقية. وحتى المقيمين في شاليهات رأس البسيط العائدة لنقابات العمال أخرجوا منها، في وقتها نشر النظام شائعات أنّ النظام سيلاحق من لا يعود إلى منطقته. مع ذلك هناك عائلات استأجرت أو اشترت منازل أو محلات تجارية، وكثير منهم يعمل منذ سنوات وقد اعتاد الحياة في المحافظة، بينما يطالبه النظام بالعودة إلى مناطقه مدمرة أو شبه مدمرة لا خدمات فيها أو عمل.

في محافظة طرطوس: أنّ المحافظة تضم 3 مراكز إيواء حالياً، بعدما كانت 19 مركزاً في عام 2018 ، إذ أخليت الستة عشر مركز ليتحول مركز معسكر الطلائع إلى أكبر المراكز الباقية لإواء جميع النازحين، وتكتمل المراكز بالملعب البلدي بالحميدية، وألتون الجرد.

في محافظة حلب: ويتجمع المئات من المهجرين في مخيم النيرب ومركز إيواء جبرين وهذه مراكز لا يختلف حالها عن باقي مراكز الأيواء في المحافظات.

في محافظة حمص: مركز دير بعلبة الذي يؤوي الألاف من النازحين الذي خرجوا من مخيم الركبان بعد معاناتهم من الحصار الذي مارسه النظام على المخيم، بما ان اعداد النازحين الذي خرجوا من مخيم الركبان أكبر من استيعاب مركز دير بعلبة لجأه بعض النازحين للإقامة خارج مراكز الايواء ، في مناطق شمسين وحسياء .

الفساد في مراكز الإيواء:

باتت مراكز الإيواء في مناطق النظام مراكز استخباراتية علنية من قبل المسؤولين عنه مع مشاركة بعض ضباط النظام . حيث يحرم المهجرين فيها من مخصصاتهم المعيشية والتي غالبا” ما تقدمها جهات دولية مثل الامم المتحدة وغيرها نظرا” لعجز النظام عن سد احتياجات تلك المراكز في ظل الحرب الطويلة , حيث يتم بيع المساعدات الأممية المقدمة لتلك المراكز وغيرها من قبل مسؤولي المراكز والضباط المسؤولين في السوق السوداء لجنى أرباح خاصة بهم. وبالتالي يمكن ان نقول ان المساعدات التي يتم تقديمها لمراكز الايواء يتم سرقتها بشكل واضح و ممنهج عبر:


توزيع قسم قليل منها وبيع القسم الأكبر للتجار المتعاملين معهم.
سرقة قسم منها على الحواجز قبل وصولها الى المراكز.
الفساد في منظمة الهلال الأحمر السوري والتي ايضا هي شريك المسؤولين عن تلك المراكز والتي بدورها تطلب مساعدات أكبر من العدد الحقيقي للمراكز لكي يتم التصرف بها مع بعض الضباط.
لقد استفاد النظام ومؤسساته الاغاثية كثيرا” من هذا الموضوع والذي استمر ولازال الفساد فيه ليشمل حتى مراكز الايواء في جميع مناطقه , صحيح انه رغم الفساد الكبير كانت تلك المراكز تقدم للمواطن ابسط المقومات المعيشية الا انه الان وبعد الحصار المفروض على النظام وفي ظل سنوات الحرب الطويلة بات المواطن في مراكز الايواء محروم من الحد الادنى من تلك المساعدات والمقومات وبات يكافح لأجلها اكثر من ذي قبل في ظل استمرار وزيادة فساد المسؤولين والمنظمات المسؤولة والتي تعمل تحت غطاء النظام

الاستغلال اللاأخلاقي ينتشر في مراكز الايواء :

غالبا يحيط بالصراعات السياسية والعسكرية ازمات انسانية واجتماعية. لعل المرأة السورية تشكل دليلا” بارزا خلال الحرب السورية التي ماتزال مستمرة ،كاللاجئات والمهجرات والنازحات الى مناطق الإيواء لدى النظام تجد اللاجئات السوريات في مخيمات اللجوء انفسهن عرضة للاستغلال من متنفذين يتحكمون بمأواهم ومأكلهم وخصوصا النساء الموجودات في مراكز الإيواء دون رب أسرة أو معيل لهن حيث لا يقوين على مواجهة جشاعة ارباب المراكز الذين يعملون على اغاثتهم بالأمور المعيشية ، مقابل استغلالهن جنسيا” ولعل قصة مريم الفتاة العشرينية القادمة مع اهلها من ريف دمشق الى أحد مراكز الإيواء في منطقة كفرسوسة الخاضعة لسيطرة النظام عام 2012 خير دليل , والتي تم استغلال الفقر والوضع المعيشي لأهلها عبر استغلالها لا اخلاقيا” مقابل مساعدة اهلها من مسؤولي مراكز الايواء

كثير من الحالات في مراكز الإيواء مشابها لحالة مريم خلال سنوات الحرب. في مختلف المناطق السورية هذه هي حال الفتيات والنساء اللواتي ليس بمقدورهن ان يخرجن عن صمتهن خشية قطع المعونات عنهن وعن اسرهن أو طردهن خارج المراكز التي تشكل الملجأ الوحيد لمعظمهن.

وفي هذا السياق تفرض قوات وميليشيات الاسد مبالغ باهظة لقاء السماح للنازحين بمغادرة المخيمات للهروب من الحالة المأساوية والاستغلال والانتهاكات اللاأخلاقية . وتشير المعلومات القادمة من المخيمات وخاصة المتواجد على اطراف حلب ان عناصر النظام يتلقون اموال لقاء سماح لهم بالخروج من مراكز الإيواء، وتقول احد الفارات من نساء بأنها دفعت 1300دولار من أجل ان تستطيع مغادرة المخيم مع عائلته ومشيرا ان الحظ حالفهم ولم يتم الاستيلاء على اموالهم كما حصل مع الكثيرين .

المقيمين في المخيمات باتوا على يقين من دور النظام الذي يستفيد ويستغل هذه المراكز لتحقيق مكاسب سياسية او مادية. وقد ازدادت مظاهر الفساد والابتزاز والاستغلال اللاأخلاقي والتعدي على النازحين من الاغتصابات وغيرها ولا سيما في الفترة الاخيرة .

مراكز الإيواء تتحول الى معسكرات اعتقال :

تحولت مراكز الإيواء التي أعدها النظام السوري لمهجري المصالحات الى ما يشبه مراكز الاعتقال حيث يمارس الشبيحة والمخابرات الجوية ابشع صنوف الإذلال بحق المهجرين .إضافة لفرض مبالغ مالية لمن يريد مغادرتها باتجاه المناطق المحتلة من قبل تركيا او الى المناطق المحررة من قبل قوات سوريا الديمقراطية.

يتم التعامل مع المهجرين في هذه المراكز على قاعدة انهم البيئة الحاضنة للإرهابين وان قلوبهم لاتزال مع المسلحين وقد يكون بينهم متعاملون معهم وبالتالي فهم دائما تحت الرقابة والتدقيق ويتعرضون للاستجواب والتفتيش وأحيانا لملاحقة والاعتقال والتعذيب .

وتنفذ الاستخبارات الجوية لدى النظام حملات واسعة بحق شباب من مهجري المصالحات والتسويات . وحسب شهود عيان يقوم النظام بمداهمات بشكل مباشر تارة”، وتارة” عبر استدعائهم الى إدارة المراكز عبر مكبرات الصوت من ثم اعتقالهم عبر الدوريات الأمنية, ومن المعتقلين الدكتور معتز حيتاني والدكتور خالد الدباس من بلدة كفر بطنة من ريف دمشق وفي حين ما يزال مصير الكثيرين من المعتقلين مجهول مع ان جميع المعتقلين يحملون اوراق التسوية التي حصلوا عليها من مكاتب المصالحات وظنهم أنها تحمي من الاعتقالات من قبل الأفرع الأمنية

تنظر ميليشيات الأسد الى مراكز الإيواء والمخيمات في جميع المحافظات الواقعة تحت سيطرتها انها خزان بشري له لذا يقوم النظام و بشكل يومي بحملات دهم واعتقال في المخيمات كما حصل في مخيم الركبان حيث تم نقل الخارجين من المخيم الى حمص وبعد 10 ايام طلب من الشباب مراجعة شعب التجنيد للالتحاق بصفوف جيش النظام , بالإضافة الى انشاء الحواجز الطيارة وتعميم أسماء المطلوبين للتجنيد الإجباري او الاحتياطي على مداخل المدن والبلدات ولا سيما في درعا ومدن وبلدات الغوطة .


في الحقيقة فان مراكز الايواء اغلب قاطنيها هم مناطق ثارت ضد النظام وقاومت جيشه عسكريا” ولذلك يعتبر النظام ان هذه المراكز ليست سوى معسكرات اعتقال جماعية فيها كل أشكال المعاملة السيئة من فساد مادي واخلاقي وابتزاز ممنهج في خطوة لإخضاع اهالي تلك المناطق لسيطرته اكثر من قبل .

(dar news)