تحتل الدولة التركية العديد من المناطق في سوريا من الباب وإعزاز وإدلب ومناطق من شمال وشرق سوريا وهي عفرين وتل أبيض ورأس العين، ولم تكتف بذلك بل بدأت بتغيير ديمغرافية تلك المناطق من فرض العملة التركية واللغة التركية ورفع العلم التركي.
أقرَّ البرلمان العثماني “الميثاق الملي” عام 1920 على اعتباره وثيقة “ترسيم حدود جديدة لتركيا” بعد سقوط السلطنة العثمانية، ويتكوّن هذا الميثاق من ستة مبادئ وهي: مستقبل مناطق الدولة العثمانية التي سيطر عليها الحلفاء، ذات الأغلبية العربية في زمن توقيع اتفاقية “مودروس”، والذي سوف يحدّد عن طريق الاستفتاء، أما المناطق التي لم تتعرّض للسيطرة من قبل الحلفاء “عند توقيع الاتفاقية” والتي تسكنها غالبية تركية مسلمة، فهي تعتبر وطنًا للأمة التركية كـ “وضعية قارس، أرداخان، باطوم أيضًا سوف تُحدد من خلال الاستفتاء، ولكن “وضعية تراقيا الغربية” ستُحدّد من خلال سكانها.
وبحسب ذلك يضم الميثاق، تركيا الحالية وكلّ شمال سوريا من الإسكندرون وإدلب وحلب وصولًا إلى نهر الفرات ودير الزور ثم إلى العراق والموصل وكردستان.
كان وصول حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان إلى الحكم في تركيا عام 2002 حدثًا غير روتينيّ لما تبعه من تطورات في تركيا والمنطقة بشكل عام.
وحمل منهج الحزب استقطابًا عرقيًّا حادًّا وأنكر الهويات الأخرى وفي مقدمتها الكردية، وسعى إلى تصفيتها سياسيًّا وعسكريًّا، بالإضافة إلى احتقان مذهبي عميق لم يسبق له مثيل.
ويرى أردوغان أن إتفاقية لوزان عام 1923 التي وقعت في سويسرا ورسمت الحدود الحالية للجمهورية التركية قد أفقدت تركيا مساحات شاسعة من أراضيها ولا بد من إستعادتها، منوهاً أن تركيا مابعد عام 2023 لن تكون كما قبله في إشارة منه إلى قرب موعد الإتفاقية التي تنتهي في ذلك العام.
الآن وفي مناطق شمال وشرق سوريا المحتلة من قبل تركيا تُرتكب وتمارس كل أساليب الإبادة العرقية بحق الأهالي من كرد خاصة وسريان وأشور وعرب بهدف القضاء على هوية تلك المناطق وتتركيها ضمن أهداف الميثاق المللي.
وعمل الاحتلال التركي على تثبيت وجوده في إدلب وحلب وحاول التوسع في شمال سوريا عمومًا، إلا أنه صادف في طريقه قوات سوريا الديمقراطية التي تقف ضد تقسيم سوريا وسلخ أجزاء جديدة منها كما حدث في لواء اسكندرون.
كما عمل الاحتلال التركي وفصائله المسلحة من السوريين خلال السنوات الماضية، على تنفيذ عدد من الإجراءات التي تهدف إلى تغيير هوية المناطق السورية المحتلة كجرابلس والباب وإعزاز وعفرين وسريه كانيه وكري سبي.
ومن هذه الإجراءات، إعلان ما تسمى الحكومة المؤقتة والمجالس التابعة لها في وقت سابق، بأنها تحضر لإصدار بطاقات شخصية، في خطوة خطيرة تهدد الهوية الوطنية السورية.
وبعد أن غيّرت ديمغرافية هذه المناطق من خلال ترحيل سكانها الأصليين وتوطين الآلاف من الفصائل المسلحة وأسرهم وخصوصًا التركمان، بالإضافة إلى رفع الأعلام التركية، وفرض التداول بالعملة التركية بدلًا عن السورية، تسعى الآن لقضمها وضم هذه الأراضي لتركيا .
ولم يقتصر الأمر على سوريا فحسب فقد عمل الاحتلال التركي على توسيع وجوده في إقليم كردستان العراق من خلال إقامة العديد من القواعد العسكرية بالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وليس في سوريا والعراق فحسب فقد وسعت الدولة التركية المحتلة من نفوذها إلى شرق المتوسط وليبيا وأذربيجان وغيرها.