ليست “السيدة الأولى” عن عبث، فهي الأولى في تدمير الاقتصاد السوري، والأولى كذلك في المحافظة على عائلة “الأسد” ونفوذه والأهم “ثروته”.
يتصدر اسم زوجة بشار الاسد “أسماء الأخرس”، مواقع التواصل الاجتماعي وأغلب التقارير الإعلامية المهتمة بالوضع السوري وخاصة الجانب الاقتصادي. فما علاقة “أسماء” بالوضع الاقتصادي وترديه في سوريا.
في وقتٍ سابق، وفي تسجيل مصوّر نشره على حسابه على موقع “فيسبوك”، قال الصحفي السوري كنان وقاف، الذي خرج مؤخراً من سوريا بعد أن تعرض للاعتقال والملاحقة عدة مرات، إن “المكتب السري”، التابع لزوجة رئيس الحكومة السورية، أسماء الأسد، تفرض إتاوات كبيرة بالدولار على التجار، وبشكل خاص في دمشق وحلب، فضلاً عن تدخلها في الاقتصاد السوري بما يعود بالمنفعة إلى المقربين منها.
ذكرت صحيفة “فاينينشال تايمز” الأميركية، في تحقيق مفصّل، أن هذا المجلس الذي تقوده أسماء الأسد من داخل القصر الرئاسي يتولى مهمة الهيمنة والتحكم باقتصاد سوريا، لإثراء عائلة الأسد وتمكين نفوذها إلى جانب تأمين التمويل لعمليات النظام السوري.
ووفق شهادات أجرتها الصحيفة مع 18 شخصية على دراية بآليات عمل النظام، بينهم رجال أعمال ومديرو شركات وموظفون في منظمات إغاثية ومسؤولون سابقون في مؤسسات النظام، فإن أسماء الأسد عملت على مدار سنوات طويلة لبناء شبكة محسوبيات واسعة بالاعتماد على المنظمات الخيرية وغير الحكومية التابعة لها، مثل “الأمانة السورية للتنمية”، بينما تحكمت هي شخصياً بتدفق أموال المساعدات الدولية إلى سوريا.
وبالإضافة إلى ذلك، عملت أسماء الأسد على الإطاحة بجميع رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال ممن لا يدينون بالولاء لزوجها، وفككت، بالتعاون مع زوجها وشقيقه ماهر، طبقة التجار التقليدية في سوريا، وابتكرت أساليب جديدة تسمح باستثمار الحرب اقتصادياً لتكوين ثروة شخصية، وبات اسمها رمزاً يشير إلى هذا النظام الاقتصادي الجديد.
في الأماكن العامة؛ تقدِّم أسماء الأسد نفسها على أنها “أم الوطن”، حيث تعتني بأسر العسكريين السوريين والأطفال المصابين بالسرطان والناجين من زلزال السادس من شهر شباط/ فبراير. لكن في السر؛ عززت أسماء نفوذها بشكل ملحوظ، وذلك وفقًا لمقابلات مع 18 شخصًا على دراية بعمليات النظام، بما في ذلك رؤساء الشركات وعمال الإغاثة والمسؤولون الحكوميون السابقون. وهي تسيطر حاليا على بعض المقاليد الرئيسية في الاقتصاد السوري المنهك، سواء كصانعة سياسة أو منتفعة، مما يساعد على تشديد قبضة الأسرة على بلد في حالة دمار شامل.
في مطلع سنة 2020؛ صرّح جويل رايبورن، الذي شغل منصب المبعوث الخاص لسوريا في وزارة الخارجية في عهد الرئيس ترامب، بأنه “أصبح من الواضح أن أسماء أصبحت مركز القوة الاقتصادية في سوريا”.
فارس كلاس
أحد أبرز المقربين من أسماء الأسد، ومدير مؤسستها “الأمانة السورية للتنمية”، ويشغل فارس كلاس منصب عضو في مجلس أمناء “جامعة المنار” الخاصة، التي أُسست بموجب مرسوم صادر عن رئيس النظام السوري في آذار 2016، في مدينة بانياس بريف طرطوس، في حين يقع مقرها المؤقت حالياً في مدينة اللاذقية.
لينا الكناية
مستشارة منصور عزام وزير الشؤون الرئاسية لبشار الأسد، وإحدى أبرز منسقي العلاقات بين القصر الرئاسي والقطاع الخاص، وتحمل الجنسيتين اللبنانية والسورية.
أسست الكناية شركة “ليتيا” المساهمة المغفلة، في العام 2019، وتمتلك أسهمها مع زوجها وأولادها، وتختص في مجال استيراد الصناعات التحويلية والمنتجات الطبية، والاستثمار في المجالات الصناعية والتجارية، والتعهدات والمقاولات، ودخول المناقصات والمزايدات وتمثيل الشركات والوكالات العربية والأجنبية، وفق معلومات تأسيسها في الجريدة الرسمية.
وسبق أن أكد المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا، جويل ريبورن، أن العقوبات فرضت على الكناية وزوجها لأنهما يعملان كوكيلين ماليين وجبهة مالية لأسماء وزوجها بشار الأسد.
وخلال عملها كمستشارة أسماء الأسد، كانت الكناية المسؤولة الإدارية عن مكتب “المتابعة”، وهو المكتب الذي كانت تصدر من خلاله أسماء الأسد التعليمات للقضاء والجهات التشريعية الأخرى، مثل الحجز على أموال رجال الأعمال، ومنح تسهيلات مالية واستثمارية لآخرين.
دانا بشكور
مديرة مكتب أسماء الأسد، شوهدت ضمن الوفد المرافق لأسماء خلال زيارتها وزوجها إلى الإمارات، يوم الأحد 19 من آذار 2023، في أول رحلة لأسماء الأسد خارج سوريا منذ عام 2011.
كما تشغل بشكور منصب عضو مجلس إدارة وشريكة مؤسسة في شركة “ألفا إنكوربوريتد” محدودة المسؤولية، أُسست في عام 2020، وتعمل في قطاعات خدمات البرمجيات وتطبيقات الهواتف المحمولة والأنظمة الحاسوبية والشبكية والتسويق الرقمية، بالإضافة إلى عملها في إدارة المعارض وتمثيل الشركات، وتمتلك بشكور 20 % من أسهمها.
لونا الشبل
تعتبر لونا الشبل من أبرز الشخصيات في الدائرة المقربة من رئيس النظام بشار الأسد، وتشغل منصب مستشارته الخاصة والمسؤولة الإعلامية في القصر الجمهوري، وإحدى أكبر المسؤولين الصحفيين في حكومة النظام.
ظهرت لونا الشبل لأول مرة عبر برنامج “زوايا وأعمدة”، الذي كانت تعده ويُعرض على التلفزيون السوري، ويخرجه الراحل هشام شربجي، وفي عام 2003 انتقلت للعمل مذيعةً في قناة “الجزيرة” القطرية، قبل أن تستقيل منها في عام 2011، لتقف في صفّ نظام الأسد ضد ثورة السوريين.
بعد استقالتها من “الجزيرة”، ظهرت الشبل فجأة على شاشة التلفزيون السوري، متهمة القناة القطرية بخيانة الأمانة الصحفية، بسبب تلفيقها للأخبار التي تبثها حول الأحداث في سوريا.
ظهرت لونا الشبل ضمن الوفد الممثل للنظام المشارك في مؤتمر “جنيف 2″، في كانون الثاني 2014، في حين أدرجتها الولايات المتحدة وبريطانيا في قائمة العقوبات لقربها من بشار الأسد ودعمها له.
يسار إبراهيم
بدأ اسم يسار إبراهيم في التداول لأول مرة منتصف العام 2018، مع تكليفه بمتابعة مكتب “الشهداء” في وزارة الدفاع، الذي يقدم مساعدات لذوي قتلى النظام.
ويعرف بأنه مستشار اقتصادي لبشار الأسد، ويدير إمبراطورية من الشركات بعد الاستحواذ عليها من أصحابها، تمتد على قطاعات اقتصادية عديدة مثل الاتصالات والبناء والعقارات والنفط والسياحة والأمن الخاص، بعضها مسجل في سوريا ولبنان، والبعض الآخر في جزر الكايمان التابعة لبريطانيا.
يمتلك يسار إبراهيم وشقيقته نسرين عشرات الشركات، منها شركة البرج للاستثمار، وشركة زيارة للسياحة، والشركة المركزية لصناعة الإسمنت، وشركة كاسل انفستمنت القابضة، ومؤسسة بازار، وشركة وفا للاتصالات، والعهد للتجارة والاستثمار، وتعمل هذه الشركات في معظم المجالات والقطاعات.
عُيّن يسار إبراهيم مديراً للمكتب المالي والاقتصادي في رئاسة الجمهورية، مع بداية الخلاف بين بشار الأسد وأسماء من جهة ورامي مخلوف من جهة أخرى، وينسب إليه فرض مبالغ على رجال الأعمال الجدد الذين ظهروا في فترة الحرب.
خضر علي طاهر
لمع اسم خضر علي طاهر لأول مرة في عام 2016، عندما أظهر براعة في حماية قوافل المهربين مقابل أموال يدفعها تجار التهريب لـ “الفرقة الرابعة”، التي اهتم بها ماهر الأسد شخصياً، كانت قادمة من العراق ومتجهة إلى دمشق دون أن يتدخل فيها أحد أو يكشف حمولتها.
يعمل خضر علي طاهر، الذي ينحدر من مدينة صافيتا بمحافظة طرطوس ويُعرف باسم “أبي علي خضر”، كوسيط محلي ومقاول للفرقة الرابعة التابعة لجيش النظام، والتي يقودها ماهر الأسد، شقيق رأس النظام.
نهاية 2019، كُلف خضر علي طاهر بمهمة استثمار صندوق أرباح “الشعبة الأمنية” وتبييض أمواله، فأنشأ 11 استثماراً على الأقل، في شكل شركات ومشاريع في قطاعات الاتصالات والمقاولات والمعادن والنقل والسياحة وتحويل الأموال والأمن.
ومن هذه الاستثمارات شركة اتصالات “إيماتيل”، التي أمرت أسماء الأسد بتأسيسها، بهدف خلق بديل لإمبراطورية رامي مخلوف، ابن خال رأس النظام، وكسر هيمنته في ذلك الوقت لسوق الاتصالات السوري عبر شركة “سيريتل موبايل”، وفق وزارة الخزانة الأميركية.
تمتلك شركة “إيماتيل” حالياً أكثر من 20 مركزاً ومكتباً في جميع أنحاء سوريا، وتبيع معدات الهواتف المحمولة وتوفر خدماتها، والمعدات الإلكترونية والاتصالات السلكية واللاسلكية، ويمتلك طاهر كامل الحصص في الشركة بنسبة 100 %.