“مسـ.ـتقبل اتـ.ـفاقية أضنة”..بين المـ.ـصالح التركية والأهـ.ـداف الروسية على الأراضي السورية

في 20 تشرين الأول عام 1998، وقّعت تركيا وسوريا اتفاقية سميت بـ “اتفاقية أضنة”، ولم تسجّل وفق البروتوكولات الدولية ولا في الأمم المتحدة. كما لم تُعرض على مجلس الشعب التابع لحكومة دمشق للموافقة عليه، حيث ينص الدستور السوري على أن سريان أي اتفاقية يجب أن يتم عرضها أولاً وإقرارها أخيراً على مجلس الشعب.
وكان الهدف الرئيس من اتفاقية أضنة، هي تنازلاً سوريًا صريحاً عن لواء أسكندورن، الذي ضمته تركيا إلى أراضيها وقتها، كما سمحت للجيش التركي بالتوغُّل مسافةَ خمسة كيلومترات، داخل الأراضي السورية، في حال شعرت أنقرة بأن أمنها القوميَّ مُهدّدٌ من حدودِها الجنوبية.
اتفاقُ أضنة اتفاقٌ أمني، شكّل ما يمكن تسميته نقطةَ تحوّلٍ رئيسة، في مسار علاقات دمشق وأنقرة، فتحوّلت من ذروة التوتر إلى تقارُبٍ تدريجي، ثم تعاونٍ استراتيجيٍّ أدى لتوقيعهما عشرات الاتفاقيات، في مختلِف المجالات.
لكن الاتفاقية جرى تجميدها بشكل غير رسمي منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011 حينما قررت تركيا دعم الفصائل، ووقف كل أشكال التعاون مع حكومة دمشق.
ولم يقف الدعم التركي حد البعد الدبلوماسي بل طال مختلف أنواع الدعم للفصائل وتدريبها.
والان إعادة تفعيل اتفاقية أضنة بين تركيا وسوريا باتت تُطرح كإحدى الأدوات الأساسية التي تسعى روسيا من خلالها لإعادة رسم ملامح المشهد السياسي والأمني في المنطقة، وذلك في ضوء التطورات المعقدة التي يشهدها الصراع السوري، تأتي هذه التحركات الروسية في سياق محاولاتٍ حثيثةٍ لتقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق، وتحويل اتفاقية أضنة إلى نقطة انطلاق نحو تطبيع العلاقات بين البلدين بعد سنوات من العداء المستحكم.
وتقول الوسائل الاعلامية إن أنقرة ودمشق وموسكو تدركان أهمية الارتكاز إلى هذه الاتفاقية كأساس للنقاش بشأن معالجة الهواجس الأمنية التركية في جانب، وبشأن الوضع الجديد للعلاقات في حقبة ما بعد التطبيع وانتهاء الحرب، ولا يزال حكومة دمشق يؤكد على ضرورة انسحاب القوات التركية من سوريا.
ومع سعي موسكو لتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، ورغبةِ الأخيرة المتنامية في هذا الاتجاه، سلّطت الأضواء مجدداً على اتفاقية أضنة، لأن الاحتلال التركي يطمع وفق مراقبين، بتعديل بنود وملاحق الاتفاقية، وخاصةً الملحق الذي يسمح له بالتوغل ضمن الأراضي السورية، مسافة خمسة كيلومترات، لتصبحَ ثلاثين كيلومتراً، ويفعل هذا التعديل على أرض الواقع، ضد الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، وهو المشروع المستهدف من أنقرة كما دمشق.