مع نهاية داعش .. التحديات الجديدة لثورة شعبنا

آلدار خليل –

لم يكن القرار التي تم اتخاذه منذ حوالي ثماني سنوات في الشمال السوري بقرار عادي أو بقراءة محدودة أو حتى بالتفكير الآني آنذاك، القرار الذي قام شعبنا بمختلف مكوناته بالانضمام والالتفاف حوله تحوّل إلى أهم عوامل التأثير في مسار الثورة السورية، الخط الثالث الذي ظهر كرؤية استراتيجية في عدم الانخراط في الصراع على السلطة أو الحرب من أجل بناء مكاسب ذاتية بمعزل عن الوطن السوري في إطاره العام بغض النظر عن ماهية الدولة والنظام الموجود؛ الخيار كان سوريا أكثر من موضوع النظام وما دوام النظام وبقاءه إلا تأكيد على ذلك في مقارنة مع ما حصل في المحيط المجاور على الأقل.
اليوم كما حال السنوات التي تتالت في كل مرة وكل حدث كان هناك إثبات لمدى البعد العملي الهام لخط شعبنا وخياراته في الثورة الديمقراطية، الأمر الذي يجعلنا نعيد الطرح في هذا الموضوع هو حال القوى التي تسمي نفسها بالمعارضة؛ حيث مع عملية الفرز التي تمت في صفوف الثورة السورية وداخل العوامل المتعددة ونفور البعض من الوضع الذي ظهر وتصفية البعض الآخر؛ بالمحصلة ودون الغوص في التفاصيل التي أدت إلى انحراف مسار الثورة السورية كون العوامل معروفة. الأطراف التي بقيت اليوم هي من تُصّر على خلاف ما ظهر في بدايات الثورة السورية، حيث إن هذه القوى باتت واجهة سياسية لتركيا من جهة ومن جهة أخرى أداة من أجل قيادة التوجه التركي على الأرض السورية ومن ثم وبعد أن تتمكن الدولة التركية في بسط نفوذها تعزلهم وتجعلهم تحت إمرتها كما فعلت في جميع المناطق التي تتواجد فيها الدولة التركية اليوم في سوريا، وهذه الحقيقة التي ظهرت نتاج وجود ما يناقضها من إصرار على المسار الديمقراطي، وعوامل الصهر كانت موجودة بقوة. لكنها؛ فشلت.
الرؤية الصحيحة التي باتت واضحة هي الرؤية التي يتفق عليها الجميع في سوريا بالطبع عدا من هم خارج الصف الحريص على الوحدة السورية والحل الديمقراطي في سوريا يتوافق بكل محاوره مع الرؤية التي تبناها شعبنا منذ سنوات وهو الحرص على الحل السلمي البعيد عن العسكرة، الحل الديمقراطي الذي يخدم جميع السوريين، ووحدة الأراضي السورية وكذلك منع المساس والتوغل بهدف الاحتلال، هذه المحاور الأساسية التي توّضحت بعد كل هذه السنوات من الحرب توافقت مع رؤية شعبنا؛ بمعنى إن شعبنا يفكر ويعمل بمسؤوليات وطنية وبحرص شديد على ضرورة الحفاظ على المسار الذي يحقق الاستقرار والسلام في سوريا، لا مهددات للأمن والاستقرار، والحل السوري – السوري التوجه المقابل للقوى التي تم ذكرها من المعارضة.
بعد الرؤية التي تم إثباتها، بالإضافة إلى واقعيتها التي تكررت في كل مرة أمام التطورات التي حدثت في سوريا لا يزال هناك من يريد تشويه هذه الحقائق وجّر الأمور نحو منحى لعله في أدنى المستويات يعيق التقدم وهذا ما يفسر الهجمة الشديدة اليوم على مناطقنا كونها -أي مناطقنا-تعتبر البداية والأساس السليم للحل الذي سيكون مهما طالت الأمور وحاول البعض نشر الفوضى.
المسؤولية الأخرى التي تمت بكل المعايير الأخلاقية هي الحرب على داعش، حيث إن الالتزام بالدفاع عن عموم المناطق ضد الإرهاب وبخاصة داعش حقق تطورات لافتة. اليوم ومع قرب انتهاء داعش؛ لا بد لنا من أن نذّكر الجميع بأن الإمكانات التي تم تسخيرها من أجل الحرب على داعش باتت الآن جاهزة؛ لأن يتم وضعها تحت بند ترجمة حقيقة التطلعات المشروعة لشعبنا ورؤية الحل الديمقراطي وبخاصة مع انتهاء الوجود الفعلي لداعش بغض النظر عن تبعاته، إلا إن ما يدعم توسعه بات في انهيار. المرحلة التي نتحدث عنها هي مرحلة ماهية العلاقات الجديدة في إطار تأكيد رؤية شعبنا وحقيقة وجوده، حيث كل الجهود التي كانت تتم من أجل القضاء على داعش وبناء العلاقات لخدمة ذلك التوجه باتت في إطار آخر اليوم هو تكريس الواقع الفعلي الموجود من ناحية، ومن ناحية أخرى التعامل بحرص مع كل التطورات التي تتم؛ بمعنى إتمام الرؤية الاستراتيجية الأولى-الخط الثالث- بعد الطوارئ التي ظهرت نحو الحفاظ على المنجزات الموجودة والوجود بشكل فعّال في كل جهود الحل المستقبلي؛ سواء أكان جنيف أو الدستور الجديد لسوريا، فالضرورات التي نحتاجها في هذه المرحلة هي التركيز على رؤيتنا في الحل مع الإصرار في التنظيم وتوحيد كل المقومات المحققة لذلك.