منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، كانت تركيا إحدى اللاعبين الأساسيين في الصراع السوري، بدعمها الجهات المعارضة للحكومة السورية، وتأييدها لمطالب تلك الجهات في تنحي الرئيس السوري بشار الأسد.
وهيئت تركيا المجال لتلك الجهات المعارضة للحكومة، وفتحت حدودها أمام اللاجئين السوريين، الذي فروا من القصف ووحشية الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية، حيث استضافت نحو 3,7 مليون لاجئ سوري.
والجدير بالذكر، بأن تركيا لا تواجه مشاكل تصادمات مباشرة قوية مع الحكومة السورية، إلا إنها استغلت ذلك لشرعنة وجودها داخل سوريا، وقدرتها على احتلال مساحة واسعة من الأراضي السورية ومكتسباتها.
وعملت أنقرة على تمديد أذرعها للجماعات المعارضة في سوريا، واحتوائهم داخل الأراضي التركية، وتقديم مبالغ مالية ضخمة، وتدريبهم عسكرياً واستخباراتياً، ليتحولوا إلى “مرتزقة”، لدجهم في المعارك والمواجهات في سوريا، لاحتلال المناطق، والاستيلاء عليها.
وعقب احتلال مناطق من سوريا “رأس العين، تل أبيض، عفرين، إدلب”، قام الاحتلال التركي ببناء مستوطنات في تلك المناطق، وذلك عبر منظمات كويتية وقطرية إخوانية تحت مسمى الإنسانية، ومسؤولين في “هيئة الإغاثة التركية” و”هيئة الطوارئ والكوارث” و”الهلال الأحمر التركي” و”وقف الديانة التركية”.
ويأتي ذلك، تنفيذاً للوعود التي قدمتها تركيا “للثوار”، ولكن الحقيقة تمكن في أن أنقرة، استغلت تلك الفصائل في الحرب السورية، لشرعنة احتلالها وضم المناطق المحتلة إلى الدولة التركية لاحقاً.
وتفتقر هذه “المستوطنات” لوجود بنية تحتية جيدة وفرص للعمل كما وتعاني القطاعات والمنشآت الحيوية فيها من تردي كبير لاسيما جوانب الصحة والتعليم والخدمات.
وتتكون تلك المستوطنات التركية، من غرفتين ومطبخ صغير، ولن تكون كافية لاستيعاب مليون لاجئ، ثم إن هذه المنازل السكنية البدائية ضمن قرى سكنية ضيقة ومتلاصقة ستكون عبء كبير على المدنيين.
والسؤال ينحصر هنا.. أين تلك الوعود للثوار، بإدارة البلاد، بعد أن يتم إسقاط الحكومة السورية، وتسليم السلطة إلى المعارضة السورية، هل كانت تلك أحلام المعارضة السورية، في أن يمتلكوا عدة أمتار من مساحة بلادهم الشاسعة؟