“قطع المياه والكهرباء والحصار، وتدمير البنية التحتية وأماكن العبادة والمدارس وحرمان الناس من الحصول على الاحتياجات الأساسية وقصف الوحدات السكنية التي يقيم فيها المدنيون واستخدام كل هذه الأساليب يعني أنها ليست حرباً بل مجزرة”،.
بهذه الكلمات ولو أنها ألقيت في أي مكان فإن أول ما يدور في ذهن المرء أنها وصف ما تتعرض له سوريا وبالتحديد شمال شرق البلاد من هجمات برية وجوية من قبل الاحتلال التركي وما نتج عنه من أضرار جسيمة بالبنية التحتية وأوقعت العديد من الضحايا المدنيين بينهم نساء وأطفال، لكن في واقع الأمر جاءت هذه الكلمات في خطاب أردوغان مندداً ما ترتكبه إسرائيل بحق غزة.
منذ 2018 وأردوغان إلى جانبه الفصائل المسلحة يرتكبون أبشع أنتهاكات حقوق الإنسان بحق المدنيين في كل من إدلب، عفرين، الباب، إعزاز، جرابلس، رأس العين، تل أبيض، أم أن من يقتل ويخطف ويهجر ويعتقل ويغتصب في سوريا على يده ليسوا بشراً ؟!!
يا للمفارقة يندد بهجمات إسرائيل على غزة وبذات الوقت يرتكب أضعاف أفعالها بشمال وشرق سوريا ويشن أعنف الهجمات ويسقط شهداءً وجرحى، فقد ارتكب جرائم وصلت لحد المجازر أبرزها استهداف أكاديمية لقوى الأمن الداخلي في ديرك أسفرت عن استشهاد 29 عضوا من قوى مكافحة الإرهاب بالإضافة لإصابة 28 آخرين، علاوة على ذلك استهدف المنشآت الحيوية والخدمية فقد استهدف صهاريج الوقود، وسادكوب الغاز المنزلي، ومحطات المياه لكسر الشعب وتراجع الحياة المعيشية لأدنى مستوياتها هادفاً لضرب جهود الإدارة الذاتية والمنظمات المحلية عرض الحائط.
كل ذلك يرتكب بحق شعب شمال وشرق سوريا، والأمر ليس بالحديث فهذه هي الأوضاع منذ التدخل التركي الأول لمناطق شمال وشرق سوريا عند هجومها واحتلالها لمدينة عفرين في عام 2018، وبين الحين والآخر تصعد دولة الاحتلال التركي من هجماتها البربرية على المنطقة دون أي رادع، فلم يصدر إلى الآن ولا حتى ممن يدعو نفسه بحكومة البلاد “بشار الأسد” بيانا يندد فيه بهجمات المنطقة فإما أن تتراجع الإدارة الذاتية عن مشروعها الديمقراطي والذي أثبت مؤخراً أنه الحل الوحيد للأزمة المستفحلة في البلاد وإما لا شأن لبشار الأسد وحكومته بما يحدث بشمال وشرق سوريا أما عن العبارات الوطنية الواصفة حقوق المكونات ووحدة الأرض السورية “ضرب وطنيات” فهذه تلزمهم ” بشار الأسد وحكومته” فقط في المداخلات واللقاءات الإعلامية.
لم يصدر إلى الآن ولا حتى موقف دولي ولا بيان من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان ولا حتى مبادرات للتحقيق بما يرتكبه أردوغان بحق شمال شرق سوريا، فها هو يظهر للعلن ويدافع عن حقوق المدنيين في غزة فالأمر لا يحتاج لأي جهد يذكر ما يرتكبه في سوريا وينسبه لإسرائيل ..