تسع سنوات من الأزمة في سوريا وباتت السنة العاشرة تقترب ولا تزال الأمور دون أي تطور يُذكر في سوريا على الصعيد المتعلق بالحل والاستقرار والتوافق؛ إحدى مسببات تعمق الأزمة وتعقيدها للغاية هو اتباع بعض الأطراف لرؤية خاطئة في معالجة الأحداث التي ظهرت وكذلك التعاطي الخاطئ مع التطورات المتتابعة؛ خطأ هذا النهج المتبع وخصوصاً ما تضمن من تهديد ووعيد من النظام السوري لم يحقق أية نتيجة على عكس ذلك وأمام إصرار النظام على إعادة الأمور على ما كانت عليه في سابق عهدها؛ أدى ذلك إلى نتائج سلبية بتنا نلمسها اليوم عملياً كسوريين.
أبرز ما نجم عن النهج الخاطئ الذي اتبعه النظام السوري هو التطورات المعقدة وكذلك الاحتلال العلني اليوم لسوريا وأيضاً تحول سوريا لساحة صراع دولية، حيث كان النظام يستطيع أن يتحول لمنصة حل ممكنة بين السوريين حال اعترافه بواقع التغيير وتبدل الأمور ورؤية المشهد السوري بزاوية أخرى خلاف ما اعتمده خلال العقود التي مضت؛ أمام إثبات الخطأ في هذا التعاطي غير الصحيح مع واقع الحال. وبعد كل الأمور التي تم التطرق لها في المقدمة لا يزال النظام يتبع النهج ذاته، ولا يزال يصّر أمام فشل هذه النظرية على الاستمرار فيها وكأنه لا يريد أن يكون هناك عكس الواقع الموجود والصراع الدموي وما إلى هنالك.
إن من يتحدث عن سوريا وعن وحدتها واستقراها عليه أن يستفيد من كل المواقف التي تساند هذا التوجه؛ وهنا حال الحديث عن الهدف والتهجم ذاته على من يسعى إليه عملياً (شعوب شمال وشرق سوريا)؛ فإن ذلك يصب في خدمة تكريس الفوضى واللاستقرار وجرّ الأمور نحو التقسيم المجتمعي والجغرافي. يجب على النظام السوري السعي نحو ترك هذا المنطق الذي لم يحقق لسوريا وشعبها أية نتائج إيجابية؛ عليه أن يعترف بالواقع وينطلق من عوامل دعم التغيير الديمقراطي السلمي بما يحقق الاستقرار والسلام والاتفاق الوطني وضرورة أن يكون الحوار مبدأً أساسياً في معالجة الأمور كافة.
العمل على إيجاد صيغ حل بمعزل عن إرادة السوريين، تخوين شعبنا واتهامه بالتقسيم، تشويه تضحيات شعوب منطقتنا، البحث عن صيغ للدستور المفترض البعيد عن إرادة شعبنا، اتباع نهج العسكرة والرؤية الفردية للأمور، كل هذه الأمور فشلت ولم يتم جني أي شيء منها، حيث بات السؤال الآن هو تكرار الأمور ذاتها وبأشكال مختلفة؛ هل هو تجاهل وعدم فهم لواقع سوريا؟ أم إن ذلك التفاف على الفشل أو جهود لإطالة الصراع؟!
تهجم النظام على شمال وشرق سوريا وإرادة شعوب هذه المنطقة ومشروعهم الديمقراطي وكذلك التضحيات التي قدموها لسوريا وشعبها لا يجلب شيئاً، لا بل ذلك إعاقة حقيقية للجهود الماضية نحو بناء سوريا الديمقراطية لجميع السوريين؛ كما إن الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية وإيمانهم بالحوار سبيلاً للحل يجب أن يخلق لدى النظام السوري جهود من أجل اتباع ذات الموقف وإلا فإنه وبهذا التصعيد يعيد الأمور إلى الصفر. سوريا وشعبها بحاجة لأن تكون هناك مسؤولية في التعامل مع الواقع المرير فيها. التوقيت الآن هو؛ هل ستكون هناك مواقف تاريخية من قوى وأطراف سورية تثبت إنهم مضوا وناضلوا في سبيل شعبهم ووطنهم بأقصى الإمكانات المتاحة أم عكس ذلك حيث ترك سوريا ملاذاً ومرتعاً لمن يريد الحرب والتناحر والاقتتال الداخلي؟! مع إن الحوار والاتفاق الوطني كفيلان بحل الأمور، لا بل بإزالة كل مظاهر العبث بسوريا ووحدتها .