منذ عام 2020، نجحت أسماء الأسد شيئا فشيئا في الاستفادة من تخصصها المهني المبكر بالعمل في التمويل وعمليات الدمج والاستحواذ، ونسجت من خلاله طبقة اقتصادية جديدة تتبع أوامرها وتدير شركاتها من الباطن، وتتغلل أكثر فأكثر في مناحي العمل الخيري والإغاثي.
تراجعت أسماء عن المشهد العام خلال أسوأ فترات الصراع، حيث عذّب وقتلت حكومة زوجها مئات الآلاف من الأشخاص، وطرد الملايين من منازلهم. وبحلول عام 2016، مع عودة قوات الأسد للسيطرة على جزء كبير من سوريا، خرجت أسماء بكامل قوتها.
أصبحت أسماء أقوى وأكثر نفوذًا من أي وقت مضى، بعدما مضت برحلتها في طرق متعرجة وملتوية حتى تفرض سيطرتها على هذه الأرض المدمرة.
إذ بعد عقود من التخطيط المركزي والقيود المفروضة على عمليات الاستيراد، رغبت أسماء بتحديث سوريا، فأبهرت زوجها بالمصطلحات المالية ودفعت نحو انفتاح القطاع المصرفي على الشركات الخاصة والأجنبية.
اتجهت أسماء إلى الأعمال الخيرية عبر الأمانة السورية للتنمية عام 2007. وأخذت توظف سوريين يتحدثون اللغة الإنجليزية ويعيشون في الخارج، إلى جانب موظفين سابقين لدى الأمم المتحدة وأبناء دبلوماسيين ما جلب تمويلًا أوروبيًا كبيرًا لدعمها لتنفيذ مشاريعها الحضرية والثقافية.
كما استعانت بشركات علاقات عامة غربية لتلميع صورتها، واستضافت برلمانيين أوروبيين ومشاهير.
بفضل كادرها وقدرة أسماء على فتح الأبواب المغلقة ونقاط التفتيش أيضًا، وبحلول عام 2017، أصبحت المزيد من الأموال التي ترسلها الأمم المتحدة تمر عبر الأمانة، وفاقت في ذلك أي منظمة سورية أخرى.
بوصفها رئيسة الأمانة السورية، فقد جنت أسماء ما هو أكثر من مجرد ثروة، إذ عبر استقطابها للمساعدات الأممية، طورت أسماء شبكة محسوبيات واسعة شملت أمراء حرب سوريين.
بدأت عملية التغيير في سبتمبر/أيلول 2019، استطاعت أسماء تدمير الإمبراطورية الاقتصادية والاجتماعية والطائفية لعائلة مخلوف -والمتجسدة في رامي مخلوف ابن خال الرئيس والذي استحوذ على نحو نصف الاقتصاد السوري قبل الحرب- والسيطرة الكاملة عليها وتفتيت ما تبقى منها في سعيها لمشروعها الخاص.
تسيطر أسماء الآن على جمعية مخلوف الخيرية وشبكة رعايتها العلوية الواسعة، مما يوسع سيطرتها على قطاع المساعدات. ووضعت ثاني أكبر شركة للهواتف النقالة تحت الحراسة القضائية، وعيّنت أعوانها في مجلس إدارة تلك الشركة
أصبحت الأسر العلوية ومعيشتهم وخبزهم اليومي يعتمد على رحمة مؤسسات الأمانة السورية للتنمية التي تسيطر عليها مباشرة أسماء، بعد أن كانوا تحت سيطرة عائلة مخلوف منذ سبعينيات القرن الماضي.
تركت أسماء النشاط الاقتصادي لماهر الأسد وأبعدته في المواجهة الناجحة التي خاضتها ضد رامي مخلوف وجماعته. بالإضافة لذلك، تمكنت من فرض سيطرة أقربائها المباشرين وأحد أشقائها على الأقل، على عدد من القطاعات الاقتصادية.
يمكن تحسس بصمات أصابعها عبر قطاعات متعددة من الاقتصاد السوري، بما في ذلك العقارات والبنوك والاتصالات، وإن كانت محجوبة وراء ستار من الشركات الوهمية والمناطق الحرة والحسابات الخارجية المملوكة لشركاء مقربين.
والبداية كانت نظام البطاقات الإلكترونية الجديد لتوزيع المواد الغذائية الذي أدخله النظام مؤخرًا، فالشركة المسؤولة عن البطاقات مملوكة لابن عمها مهند الدباغ، الذي يمتلك حصة 30% رسميًا.
يقول المحللون وخبراء الإغاثة إن تجربتها في إدارة المنظمة غير الحكومية قبل الحرب سمحت لها بصياغة نظام مساعدة إنسانية فاسد بشكل منهجي في البلاد، مع وجود شبكتها في جوهرها. وقالت مصادر سورية وعمال إغاثة إن العلاقة كانت سافرة لدرجة أن أسماء ستستضيف اجتماعات في مكتبها بالقصر الرئاسي للتفاوض بشأن عقود المنظمات غير الحكومية الدولية.
نظريًا، يمتلك غالبية أسهم الفندق رجل أعمال يدعى سامر فوز. وقد عوقب من قبل الولايات المتحدة بسبب علاقاته المالية مع النظام. لكن أربعة رجال أعمال سوريين وخبيرين وأحد أقارب فوز يدّعون أن جزءًا من أرباحه ينتهي في جيب أسماء.
وكون عائلة الأسد كان ولا زال هدفها الوحيد هو جمع الأموال والسيطرة على خيرات سوريا وكل الطرق التجارية فيها على حساب الشعب الذي يعيش معظمه تحت خط الفقر، فقد نشبت الخلافات الاقتصادية ووفق تقارير إعلامية بين كل من أسماء الأسد وشقيق زوجها ماهر الأسد، فيتنافسون على المبالغ المالية الطائلة وبلع خيرات البلاد الداخلية وما يربطها من علاقات اقتصادية خارجية، ولا يهم من يقتل ومن يهاجر وما يدمر من البلاد.