شهدت مناطق ريف حلب الغربي والجنوبي وريف إدلب الجنوبي الشرقي في الأسابيع الماضية تطورات متسارعة، حيث شن النظام السوري في 24 كانون الثاني حملة على مناطق ريف حلب الغربي والجنوبي وريف إدلب الجنوبي الشرقي، وتمكن في غضون أيام من السيطرة على مناطق استراتيجية كان قد فقدها منذ بداية النزاع المسلح في سوريا كمعرة النعمان وسراقب، وكامل الطريق الدولي الواصل بين حلب- دمشق والمعروف بـ M4 و M5، حيث بلغت المساحة التي سيطر عليها منذ بدء حملته قرابة 1500كلم2.
والمناطق التي سيطرت عليها قوات النظام كانت تحت سيطرة مرتزقة تابعين للاحتلال التركي، ويتلقون دعمهم بشكل مباشر من النظام التركي، كمرتزقة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) ومرتزقة جيش البادية والملاحم وهما فصيلان صغيران، وولاؤهما لتنظيم القاعدة انشقا عن هيئة تحرير الشام أواخر عام 2017، ومرتزقة الحزب التركستاني الإسلامي، وبقايا مرتزقة داعش، وأحرار الشام، وحركة نور الدين الزنكي، وجيش الأحرار، وفيلق الشام، وجبهة العزة والجيش الوطني السوري.
معظم الفصائل المرتزقة الآنفة الذكر، تم جلبها إلى مناطق إدلب بموجب اتفاقات بين ضامني أستانا (روسيا، وتركيا، وإيران)، من محيط دمشق، وحلب والغوطة.
وللاطلاع على التطورات التي طرأت على إدلب مؤخراً، وأسباب التقدم السريع لقوات النظام، أشار عضو الهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي آلدار خليل، في حوار لوكالتنا، إلى أن ما يجري في إدلب هو بموجب اتفاقات أُبرمت بين الدول المتصارعة في سوريا، والشعب السوري وحده من يدفع ضريبة ذلك، وأكد خليل أن النظام التركي يستطيع حل هيئة تحرير الشام، مبيّناً أن من يؤسس شيئاً يستطيع حله.
وفيما يلي نص الحوار:
بموجب اتفاقيات أستانا وسوتشي تم جمع فصائل المرتزقة في إدلب، ومؤخراً شن النظام السوري حملة في ريف محافظتي إدلب وحلب، وحقق تقدماً ملحوظاً وسريعاً، كيف تقيّمون هذا التقدم وما أسبابه؟
بدايةً يجب أن نرى حقيقة بعض الأمور، ألا وهي ولسوء حظ الشعب السوري، لم تظهر معارضة منظمة وحقيقية أو معارضة لها مواقف ديمقراطية ووطنية للمطالبة بحقوق الشعب. على الرغم من وجود شخصيات ديمقراطية ووطنيين في سوريا، والمؤسف أن التنظيمات الراديكالية والمرتزقة الذين هم ضد الديمقراطية والحضارة الديمقراطية أظهروا أنفسهم بأنهم يمثلون الشعب السوري، وأثّر ذلك بشكل سلبي وكبير في الثورة السورية.
ومن أسس هذه التنظيمات المرتزقة التي هي ضد الفكر الديمقراطي، ودعمها واستخدمها هي الدولة التركية، لعدّة أسباب ألا وهي أنها جارة لسوريا ولها تأثير، وثانياً لأن رئيس الجمهورية التركية في الأساس هو الرئيس الفعلي للإخوان المسلمين والجهاديين.
وفي الداخل، أي الجهة المقابلة كانت هناك التنظيمات التابعة للنظام الذي أصر على عدم تطوير الحلول الديمقراطية في سوريا، ومنع إظهار التنوع الموجود ضمن سوريا.
كل هذه الأسباب أدت لتأزم الأزمة السورية منذ عام 2011 إلى الآن، ودفع الشعب السوري ضريبة مصالح الدول المتصارعة في سوريا، وأود هنا أن أوضح ذلك بمثال؛ أثناء هجمات الاحتلال التركي على عفرين اتفقت تركيا وروسيا التي تمثل سوريا، على تخلي تركيا عن المعارضة المسلحة في محيط دمشق أي الغوطة، لأن هذه المجموعات كانت تمثل خطراً على دمشق لذا تم السماح لتركيا باحتلال عفرين.
عفرين هي ضحية الاتفاق الذي تم بين تركيا وروسيا، حيث تم نقل المجموعات التي كانت تدعمها تركيا وتحاصر دمشق إلى إدلب، وبعدها تتالت الصفقات حيث تم نقل المرتزقة من تدمر وحمص وحلب إلى إدلب.
النظام تنازل عن بعض الأجزاء في الشمال السوري في سبيل تنظيف باقي المناطق السورية من المجموعات المرتزقة المرتبطة بتركيا، وأردوغان ليس بشخص صاحب مبادئ وقيم، فهو ليس مستعداً لبيع السوريين والثورة السورية فحسب، بل باع القيم التاريخية التركية وضحى بالتطورات التي حصلت في تركيا، والثقافة المؤسساتية في سبيل البقاء في السلطة.
هل ما يحصل في إدلب مخطط له مسبقاً؟
نعم، المخطط كان يجب أن يُنفذ في العام الفائت، ولكن تركيا لم تكن قد أنجزت بعض حساباتها، وأمريكا كان لها دور رئيس في حملة إدلب، الآن تم دق المسمار الأخير في نعش ما تسمى “بالمعارضة”، على الرغم من وجود بعض المجموعات في إدلب ومحيطها، إلا أن النظام تمكن من السيطرة على عدّة نقاط استراتيجية، وطريقي M4 وM5 وتم تنظيف محيط حلب التي كانت مركزاً أساسياً للمجموعات المرتزقة منذ الثمانينيات، فكانت مركزاً للإخوان المسلمين والمجموعات التابعة له، وبهذه الحملة تم تدمير قلعة الإخوان.
وما تبقى الآن هي إدلب وبعض المناطق التابعة لها، ويتم الاتفاق حول كيفية تسليمها للنظام؛ وما أود قوله إن أردوغان باع المعارضة السورية، التي تدّعي بأنها معارضة سورية وفي الحقيقة هي ليست معارضة، ولا تمثل الشعب بل هي معارضة تابعة للأجندات الخارجية التي تهدف لتأسيس إسلام سياسي، ليس في سوريا فحسب بل كانت هناك محاولات في مصر وفشلت، والآن تحاول تطبيق ذلك في ليبيا.
حتى تنفيذ بنود قرار الأمم المتحدة 2254 الذي صدر لتبني مطالب الشعب السوري، منذ صدوره وإلى الآن لم يكن بحسب مطالب الشعب السوري، والذين تم اختيارهم للتفاوض مع النظام لم يكونوا ممثلي الشعب السوري، بل كانوا ممثلي المرتزقة، وتم اختيارهم من قبل تركيا، ولم تخترهم الأمم المتحدة، حتى أعضاء اللجنة التحضيرية لصياغة الدستور السوري تم اختيارهم من قبل تركيا، وجميعهم كانوا من عناصر المرتزقة.
وصل الحد بتركيا إلى التحكم بقرارات الأمم المتحدة، لذلك تم استبعاد ممثلي شمال وشرق سوريا من المفاوضات واللجنة الدستورية، وتم استبعاد الديمقراطيين والوطنيين أيضاً.
ما أود قوله “قبل بيع إدلب من الناحية العسكرية، تم بيعها سياسياً”.
على الرغم مما ذكرتم إلا أن أردوغان هدد بعملية عسكرية إن لم يوقف النظام عملياته العسكرية نهاية شهر شباط، وفي الوقت نفسه يستقدم قواته إلى مناطق إدلب بشكل ضخم جداً، كيف تقيّمون ذلك؟
أردوغان لا يهدف إلى حماية المرتزقة، عبر استقدامه للقوات، بل هدفه الرئيس كيفية احتلال سوريا، لأنه تم الاتفاق حول إخراج المرتزقة من سوريا.
أردوغان يحاول تثبيت احتلاله لسوريا قدر المستطاع، لتنفيذ خطته الثانية، والتي هي تأسيس جمهورية تركية على غرار الدولة العثمانية بحلة جديدة، ويحاول احتلال هذه المنطقة قبل 2023، لاستكمال مخططه الاحتلالي وصولاً إلى موصل وكركوك.
وبالنسبة لتصريحاته المتكررة، فهي لإخفاء زيف ادعاءاته وخيانته للمجموعات المرتزقة، والمرتزقة يصدقون ادعاءاته، ولتخفيف ضغط المرتزقة يتم إرسالهم إلى ليبيا، ويحاول أردوغان الآن تطوير الارتزاق في ليبيا.
في الأيام الأخيرة تم تداول معلومات حول حل هيئة تحرير الشام وصرح مسؤولون أتراك أيضاً بذلك، برأيكم هل تستطيع تركيا حل الهيئة؟
نعم تركيا تستطيع حل جبهة النصرة أي هيئة تحرير الشام، لأنها هي التي أسستها، يمكن تغيير اسمها أيضاً، أو تأسيس مجموعات أخرى، لأن جبهة النصرة نفذت مهامها، وتركيا ستؤسس مجموعات أخرى وبمسميات أخرى لتنفيذ مخططاتها، وإبقاء وجودها في المنطقة.
ANHA