حقبة العلاقات الدبلوماسية انتهى مع هذا التصعيد الأمريكي في الشرق الأوسط


حمل استهداف القيادي في فيلق القدس قاسم سليماني بشكل مباشر من قبل واشنطن العديد من إشارات الاستفهام على ماهية وغاية إقدام الولايات المتحدة الامريكية على خطوة مماثلة في هذا التوقيت فهل ينذر هذا التصعيد من قبل واشنطن بتغييرات جديدة قد تصيب السياسة العالمية والعسكرية تجاه الشرق الأوسط، أم أنها تمهيد لمئوية حرب قد تبدأ في المنطقة؟؟ إلا إن السؤال الأبرز يبقى في المقدمة وهو كيف استطاعت الولايات المتحدة الامريكية الاقدام على خطوة جريئة كهذه في الشرق الأوسط وسط تغافل بعض القوى كـ روسيا وتركيا عن الضربة القاسمة التي اصابت إيران وأدت إلى قتل مهندس سياسات إيران الخارجية قاسم سليماني.

يمكن القول بأن روسيا وتركيا لم ينخرطا فعلياً في توجيه ضربة قوية كهذه لإيران في المنطقة في إشارة على الانخراط كعمل عسكري، إلا أن هذه القوتين كانا ضمن مخطط استهداف أعصاب إيران وذلك من الناحيتين القيادة السياسية والاستخباراتية، في احدى اللقاءات السرية جمع كل من روسيا وتركيا وامريكا وضع مخطط استهداف مهندس مخططات إيران الخارجية وجرى التطرق إلى كيفية توجيه الضربة إلى سياسات إيران الخارجية من خلال قتل قاسم سليماني وتمخض عن الاجتماع موافقة جميع الأطراف على هذا المخطط والذي احيك بدقة متناهية.

إلا أن بعض النقاط التي كانت ضمن هذه المخططات جرى الوقوف أمامها فـ بعيد هذه اللقاء الذي جمع القوى الثلاثة تم الاتفاق على عدة نقاط بارزة وهي تسليم واشنطن ملف سوريا إلى روسيا وضمن ذلك يتم تسليم ملف شمال وشرق سوريا أيضاً إلى الروس وتسيطر قوات النظام على محافظة إدلب أقصى شمال غربي سوريا ويصبح مركز القرار السوري روسيا بدلاً من واشنطن وتلتزم تركيا الصمت حيال سيطرة النظام على إدلب بالمقابل تلتزم روسيا الصمت حيال هجوم تركيا على كوباني وفي الوقت ذاته تلتزم كلٌ من تركيا وروسيا الصمت حيال قتل واشنطن لقاسم سليماني.

أردوغان كان ولا تزال تعيش في حلم السيطرة على مدينة كوباني وذلك نظراً لقدسية هذه المدينة عند المكون الكردي في مناطق شمال شرق سوريا بالرغم من محاولاتها للسيطرة عليها أثناء احتلال تنظيم داعش الإرهابي لها، وفي هذا السياق وتأكيداً كان قد صرح السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام حول عدم سماح القوات التركية الاقتراب من مدينة كوباني إلا أن مخطط الولايات المتحدة الامريكية وروسيا وتركيا تخطى كافة المحظورات افسحت المجال في أمام القوات التركية التوغل في مناطق شمال شرق سوريا مرة أخرى.

في السياق ذاته قامت روسيا بتزويد واشنطن بمعلومات حول تحركات قاسم سليماني بالإضافة إلى أنها قامت بتقديم معلومات دقيقة عن الوفد الذي استقبل سليماني في مطار بغداد الدولي وعلى أثره قامت المقاتلات الجوية الامريكية باستهداف مباشر لقاسم سليماني.

وهنا يكون نهاية المخطط. ارسال قوات قوامها 3500 مقاتل امريكي إلى الشرق الأوسط وهذه القوات ستعيد انتشارها في المنطقة وذلك للتحضير للحرب التي تقرع الأن، فـ حقبة المصالح السياسية والعلاقات الدبلوماسية انتهى مع هذا التصعيد الأمريكي في المنطقة وبدأت حقبة جديدة في الشرق الأوسط وهي لمن يمتلك القوة العسكرية الكافية بمعنى أخر فأن المرحلة القادمة ستكون الدبلوماسية العسكرية هي الخيار الوحيد الذي سيحدد ملامح المنطقة فيما بعد والبقاء للأقوى.

حرب إيرانية أمريكية تفوح في الأفق وتداعيات هذه الحرب ستغزو كامل الشرق الأوسط وستتركز في “ليبيا، اليمن، العراق، لبنان، سوريا” خلاصة نستطيع القول بأن واشنطن قد سلمت ملف سوريا إلى روسيا وقامت بتسليم ملف غرب كردستان إلى تركيا وملف إيران والعراق استحوذت واشنطن عليهم

وهنا يبقى التكهن مقابل حسابات هذه الدول الثلاثة ومخططهم الذي احاكوه إلى أي درجة سيكون تأثيرها على أرض الواقع وكيف ستكون فاعلية هذا المخطط ويبقى السؤال هنا إلى أي درجة ستكون ردة فعل دول الشرق الأوسط تجاه هذا المخطط ومقاومة الشعوب التي تعيش في المنطقة وحده ذلك سيبين ملامح المنطقة فيما بعد.