هل سيحاول الدب الروسي بقيادة بوتين أخذ الجمل بما حمل في سوريا بدءاً من إدلب كأهم محافظة سوريّة تقف في أخطر زاوية في المشهد السوري لصالحها مع النظام السوري؟ أم هي صفقة أخرى من الصفقات الهامة والمؤقتة ما بين روسيا وتركيا كحليفين تقف مساحة علاقاتهم بين مد وجزر متقلب بين الفنية والأخرى؟ بعدما فتحت روسيا أبواب احتلال عفرين لأردوغان مقابل حلب وصفقات الأسلحة إلى جانب استغلالها ضد الند الأمريكي تيمناً بالخلاص من عقدة إدلب. لكن عادت هذه الكرة مرة أخرى مع سياسة أردوغان التي تشبه سياسة ابن آوى في استغلال الفرص للهجوم على فريسته بطريقته الخاصة كما يفعله الآن في سياساته ضد الشعب السوري. في الحقيقة للإجابة على هذه الأسئلة يمكننا أن ننتظر تقدم مرتزقة أردوغان تجاه مدينة سراقب وما بعدها ليتبين أكثر نية الاتفاقية الدائرة ما بين القوتين فيما إن كانت قائمة على ترك أردوغان مرتزقتها هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة” وفصائل الزنكي تحت رحمة الطائرات الروسية أم هناك ما يجوب تحت الطاولة والتي تشير بوادرها بخبايا أخرى ألا وهي تسليم روسيا مناطق أخرى للاحتلال التركي في شمال شرقي سوريا على شاكلة ما حدث قبل وبعد احتلال مدينة عفرين.
جاء استياء أردوغان تحديداً بعد دخول قوات النظام إلى معرة النعمان والتي تعتبر من أهم المدن الواقعة على خط أم 5 وخط أم 4، وزاد من تصعيد تهديداته والتي لم يكف عنها بأشكال عديدة، أهمها نيته في حل الأزمة السورية بالاحتلال والتغيير الديمغرافي والاغتصاب الموجود في المدن الواقعة تحت سيطرته، إلى جانب تنفيذ اتفاقية أضنة. ولكن عندما يدور الحديث حول حلب تنتاب روسيا غصة لتبحث عن الدواء في إبرام اتفاقية تُبعد المخاطر عن هذه المدينة التي تشكّل شريانها الأهم في سوريا، وتتوجه إلى شمال شرق سوريا لأنها الأكثر سهولة في إجراء التغييرات لصالح الطرفين. لا يمكن لروسيا ترك أبواب مدينة حلب لتركيا وذلك لتقوية ساعد النظام في أكبر مساحة ممكنة، وربما تتحول إدلب إلى محطة لنهاية المشوار بين الدب وابن آوى، ولكن هناك احتمال وارد أيضاً في هذه اللعبة ألا وهي احتلال الدولة التركية لجزء آخر من شمال شرق سوريا مقابل مساومة ملغومة في إدلب، حتى وإن جاء نداء أردوغان للعالم في استنجاده من مستنقع إدلب وحتى في احتلاله لسوريا مقابل كافة التنازلات التي قدمها ومازال، ولكن تبدو المسالة أكثر خطورة الآن على سياسته في سوريا أكثر من أي وقت مضى.
تعاني السياسة التركية التي اعتمدت على الاحتلال عبر تنمية داعش والنصرة من عقم مرير سيكلفها الكثير، وتحديداً في سوريا، وما تبقّى من تنفيذ المخطط التركي في احتلال أجزاء أخرى من شمال شرق سوريا، ستنصدم بالصراع الروسي الأمريكي إلى حد ما، كون الأطماع التركية في سوريا بنيت على سياسة عنصرية تريد إسقاط دعائمها وخاصة استهدافها لإدارة شمال وشرق سوريا التي شكلت القوة الرئيسية في دفع الثورة السورية، وبالتالي تشكيل نظام ديمقراطي حيث تستطيع كافة الشعوب التعبير عن إرادتها كما انتصرت في حربها ضد داعش ودافعت عن وحدة الأراضي السورية ضد تركيا.