الأزمات ومقاييس الاختبار المجتمعي

 

لا شك بأنّ في كل مرحلة من المراحل؛ يمرّ العالم أجمع أو مناطق معينة بأزمة أو أزمات؛ شكل وماهية الأزمات بغض النظر عن أسبابها دائماً لها جانب تقيس فيه مجموعة من المبادئ والمواقف التي تبديها الشعوب حيال التطورات والأحداث المذكورة. لو قمنا بتقييم واقعنا وطبيعة مناطقنا وحتى شكل الإدارة الموجودة؛ فإننا نلتمس اختلافاً جذرياً في بنية النظام الموجود لدينا والشكل المعمول به في العالم حديثاً كان أم قديماً، حيث المعيار هو تطور نموذج هو ذاته يشخص حاجات الشعب ويدفعهم لأن يكونوا هم المشرفين على تشخيص الأزمة وسبل الخلاص منها.

أزمة كورونا لها تداعيات صحية؛ وكذلك توجد أزمات كثيرة في منطقتنا هي أزمة الشعوب ذاتها التي لا تتوافق توجهاتها مع الأطروحات المفروضة من قبل الدولة كنظام، وكذلك أزمة الهوية المشوهة والتاريخ المحّرف؛ كل هذه الأمور مقاييس تحدد مدى ثقافتنا ووعينا ومسؤولياتنا بشكل عام في الدفاع والنضال من أجلها، ففي الوقت الحالي؛ نحن أمام اختبار مباشر لمدى وجود التكافل المجتمعي فيما بيننا. بمعنى يجب ألا يشعر أحد كفرد بأنه بخير ولديه توفر في حاجياته الأساسية وبالمقابل هناك من يفتقد إلى جزء منها. أيضاً لا يمكن تسمية شعور الفرد بالأمان بدون وجود هذا الشعور لدى المجتمع من خلال كل الأفراد ثم المجموعات كالكومينات والمجالس إلخ.

أزمة كورونا لما لها من تطورات فريدة كقيامها باختبار عنصر الوقاية الذاتية وكذلك مدى الشعور براحة الآخرين من مختلف الجوانب؛ تحتم علينا بأن نشعر شعوراً عاماً حيال بعضنا البعض وأن تكون المساعدة في التوعية والوقاية وحتى العون المادي والمعيشي والخدمي موجودة بقوة؛ كوننا في أزمة اختبار.

من ناحية أخرى؛ الاستفادة من عامل الوقت كذلك ضروري؛ بحيث يمكن من خلال الوقت المتوفر العمل على تنظيم العلاقات المجتمعية وتقويتها وكذلك بناؤها بضوابط تخدم المجتمع، كما أن البقاء في المنزل يجب أن يرافقه تطور ذاتي كالقراءة والمراجعة والمتابعة أيضاً للتوجهات التي تقوم بها الإدارة الذاتية والالتزام بمخرجات خلية الأزمة وكذلك نقل الرؤى والمقترحات الهامة؛ للحفاظ على المجتمع من النواحي كافة والتفكير حول تطوير كل الأمور، أيضاً تعليم الأطفال وتوعيتهم بالإمكانات المتاحة؛ بمعنى الخروج من النمط الذي فرضته الرأسمالية وحداثتها وجعلت من المجتمعات رهينة ضوابطها ومحدداتها هي. إنه وقت للتحرر من كل القيود التي تلزم المجتمع بأن يكون فاقد روحه كجماعة.

أما بالنسبة للإدارة الذاتية؛ فهي تمثل بشكلها وجوهرها الشعوب وإرادتها بمختلف توجهاتهم؛ هي إدارة الشعب لنفسه، حيث العلاقة مع الإدارة؛ يجب أن تكون كالعلاقة مع الذات وهنا لا نقصد اختراع شكل جديد للعلاقة، بل نريد أن تكون العلاقة كما هي في حقيقتها؛ بحيث نشعر أن زيادة العبء على الإدارة والضغط عليها هو ضغط وعبئ على كل فرد وكل عائلة في مناطق شمال وشرق سوريا. لذا؛ يجب أن يتعاون الجميع في تخفيف العبء على الإدارة؛ كون نجاحها هو نجاح للجميع والعراقيل التي أمامها وسبل تجاوزها دليل على مدى وعينا. والتزمنا كمجتمع وكأفراد في الحفاظ على منطقتنا؛ كي لا تكون عرضة لأية مخاطر وتحديات. نرى بأن العالم عبر شخصيات وأفراد باتوا يعملون على دعم دولهم وحكوماتهم بغض النظر عما إذا كانت تلك الحكومات تمثلهم أم لا! فما بالكم في الوقوف ومساعدة إدارة هي نابعة من رغبة الشعوب المختلفة وتمثل إرادتهم السياسية والمجتمعية؟!. نحن أمام مقاييس وجدانية وأخلاقية وكذلك اختبار للمسؤوليات والوعي دون شك.

آلدار خليل