هذه هي الأيام التي لا يمكن أن نتوقف فيها عن الشعور بالاندهاش، لاسيما بعد أن سمعنا بآخر حدث: وهو امتنان وفد الاتحاد الأوروبي إلى تركيا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال الوفد ردا على رسالة أردوغان التي سلمها الاتحاد الأوروبي في مناسبة 9 مايو، وهو يوم أوروبا “شكرا لك على تمنياتك الطيبة، سيدي الرئيس”.
وكتب أردوغان “يجب أن نستغل الفرص التي ستوفرها هذه الأيام الصعبة من أجل تنشيط العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي. آمل أن يكون الاتحاد الأوروبي، الذي اتخذ موقفا تمييزيا واستبعاديا تجاه دولتنا بشأن مختلف القضايا حتى الآن، قد فهم الآن أننا جميعا على نفس القارب. إن مشاركة تركيا – كونها مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وكونها جزءاً من الاتحاد الجمركي، وأحد أهم شركاء التجارة والاستثمار في الاتحاد الأوروبي – في جميع التدابير والجهود التي سيبذلها الاتحاد خلال فترة الوباء وبعدها، سيجعل الاتحاد الأوروبي أقوى.
وبصرف النظر عن المساهمات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية، فإن العضوية الكاملة لدولتنا ستجلب رؤية أكثر تشاركية واحتضانًا للاتحاد الأوروبي، وستحولها إلى جهة فاعلة عالمية. نحن عازمون على الحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، الذي نعتبره هدفنا الاستراتيجي على الرغم من كل المصاعب التي نواجهها أثناء عملية المفاوضات”.
إذا أخذ أي شخص، بما في ذلك أولئك داخل الاتحاد الأوروبي، هذه الكلمات على محمل الجد، لكان من الممكن أن تعني الرسالة تغييرًا كاملًا في الجوهر، واتخاذ منعطف حاد من حيث المسار الذي يدفع الرئيس ورجاله البلاد نحوه، والرجوع من حافة الهاوية حيث الاحتمال الوحيد هو، كما هو الحال الآن، اضطراب اجتماعي واقتصادي عميق.
يجب ألا نتفاجأ على الإطلاق، حيث إن جميع الحالمين، ومن بينهم ما يسمى بخبراء الفكر والمحللين، سوف يطلقون التنبؤات الوردية، كما لو أن الدولة تقع على بعد بوصات فقط مما يذكره أردوغان بأنه “عضوية كاملة في الكتلة”. سيعلنون بلا شك أن النهاية السعيدة قريبة جدا. لكن لا يجب أن نعطي بالاً لهم.
لكن مشكلة كلمات خطابه لا تعني شيئاً مقابل الهتافات الساذجة الغبية الصادرة عن وفد الاتحاد الأوروبي. ونأمل بالتأكيد أن هذا الحماس الرائع لن يكون له علاقة بالخوف من أن يطلق أردوغان العنان لتدفق اللاجئين إلى الأراضي الأوروبية كما هدد قبل ذلك.
إن الامتنان المؤسف لسفير وفد الاتحاد الأوروبي في أنقرة، كريستيان بيرغر، للرسالة المنافقة للرئيس أردوغان حول أهمية يوم أوروبا، وكذلك ما يسمى بالعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، ليس فقط غير ذي صلة عندما يتعلق الأمر بجوهر هذه العلاقات، ولكن يتناقض أيضًا مع روح ومبادئ أوروبا، التي تشكر رئيس النظام الشمولي المتورط علناً في الحروب في ليبيا وسوريا والتهديد المستمر لدولتين على الأقل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وفي حقيقة الأمر، يعد الواقع المتعلق بالأزمة النظامية في تركيا، وقمعها الداخلي الشرير، وعلاقاتها التي انتهت تقريبًا مع الاتحاد الأوروبي، هو الأمر المضحك ذاته. فالموقّع على الرسالة هو حاكم تركيا ذو الإرادة الحديدية، الذي أعلنه دليل “بيرتلزمان ستيفتونغ 2020″ ديكتاتوراً”
أنا متأكد من أن بيرغر وفريقه في أنقرة، بالإضافة إلى أعلى مستويات مفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، على علم بهذا الحكم
ولكن ما هو “يوم أوروبا”؟ إنه تتويج انتصار الحرب العالمية الثانية على النازية وتعميم السلام في القارة. وبشعار “لن يحدث ذلك مرة أخرى”، اتخذ الأوروبيون موقفاً غير متحيزاً ضد الأيديولوجيات الشمولية الحربية. ووضعوا الأساس لاتحاد تاريخي، وقضوا على الحدود المادية والعقلية.
وفي ظل هذه الأزمة العالمية التي نمر بها، قد يفكر الرئيس أردوغان، الذي يصر على إكمال رحلته نحو الحكم الشمولي، أنه يستطيع أن يتأرجح ويتجه إلى أي ناحية يرغب فيها. قد يأمل أن يفقد القادة الأوروبيون، الذين سماهم النازيين، الذاكرة. وقد يستمر في لعبة القط والفأر، ولكن الجانب الأوروبي يثبت عادةً أنه صريحً، منفتح، ومباشر في نهجه.
تمثل الرسالة فرصة كبيرة لتذكير أردوغان وحليفه من حزب الحركة القومية اليميني المتطرف، دولت بهجلي، والفريق الإداري، بالمهام التي تتطلبها العضوية الكاملة بالاتحاد الأوروبي من أنقرة.
وفيما يلي نستعرض بعض الخطوات الضرورية المتوقعة من الرئيس التركي التي ستبدأ في إقناع الناس في جميع أنحاء العالم بعزمه على المطالبة بعضوية الاتحاد الأوروبي:
- إعداد الأساس لدستور ديمقراطي، يضمن الحقوق والحريات الأساسية؛ تمكين تركيا من العودة إلى الديمقراطية البرلمانية؛ واتخاذ خطوات نحو لامركزية الإدارة. إعادة حقوق جميع مؤسسات الدولة في العمل بحسن نية وجدارة واستقلالية. ولنبدأ بالبنك المركزي.
- إعادة إنشاء نظام الضوابط والتوازنات.
- إعادة ترسيخ الفصل بين السلطات.
- إعلان العفو العام. هناك أكثر من 50 ألف سجين سياسي في البلاد. أطلقوا سراح جميع الذين لم يتورطوا في جرائم سياسية عنيفة وفي محاولة الانقلاب عام 2016 والأعمال الإرهابية الإسلامية.
- سوف تتطلب أزمة “كوفيد 19” وعصر ما بعد الوباء سياسات هوية أقل، ولكن ترابط أعمق عبر الحدود. إن إحدى علاقات الاتحاد الأوروبي الأساسية، المحددة في معايير كوبنهاغن، هي علاقات حسن الجوار. توقفوا عن مضايقة اليونان وقبرص على أسس متعصبة. توقفوا عن استخدام اللغة العسكرية. لا تختلقوا وتصعدوا النزاعات. ارجعوا إلى طاولة المفاوضات. ابحثوا عن حل وسط بدلاً من تطبيق الحد الأقصى.
- التوقف عن تهديد الاتحاد الأوروبي باستخدام اللاجئين كذريعة في الصراعات.
- التوقف عن قمع جماعات المعارضة المحلية. أنت رئيس دولة، وليس فقط حزب. إذا كنت جادًا بشأن العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، فعليك التصرف وفقًا لذلك ونقل تركيا إلى عصر جديد
أحوال – ياوز بيدر