انتشرت انتقادات واسعة من قبل إداريين وشخصيات اعتبارية لدى الحكومة السورية، ضد القرار الرسمي الذي أعلنت عنه الحكومة، الإثنين الماضي بتطبيق قرار رفع الدعم الحكومي عن أكثر من نصف مليون عائلة.
وذلك الأمر الذي أثار سخطاً شعبياً واسعاً، في ظل التدهور المعيشي والاقتصادي والخدمي الذي يعاني منه الشعب السوري في مناطق سيطرة الحكومة السورية، حيث كان غالبية المنتقدين للقرار الحكومي، هم من مؤيدي الحكومة وشخصيات كانت مدافعة عنه بالدرجة الأولى.
وبدأت دعوات التخلي عن القرار بتصريح من وزيرة سورية الاثنين الماضي، أعلنت فيه أن الدولة استبعدت فئات عدتها “الأكثر ثراء”، من الدعم الحكومي للمواد الأساسية كالخبز، والغاز، والمازوت، والمواد التموينية، مع العلم أن دخل تلك الفئات لا يتجاوز الـ30 دولاراً أميركياً شهرياً.
وأعلنت معاونة وزير الاتصالات والتقانة، فاديا سليمان، أن من بين تلك الفئات مالكي أكثر العقارات ومنازل وسيارات الأكثر ثراءً، إضافة إلى المغتربين الذين غادروا البلاد منذ أكثر من عام، والمقدّر عددهم تقريباً بنصف مليون سوري، على أن يضطروا لشراء المواد الأساسية بسعر السوق الحرة، وخاصة الخبز ومواد المحروقات.
كما أثار القرار سخطاً واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أن أصواتاً كثيرة هي من مقربي الحكومة السورية واشتهرت بالدفاع عنه طيلة سنوات الأزمة، قد طالبت بتغيير القرار بشكل فوري.
وأعلن خبير اقتصادي مؤيد للحكومة السورية، أنه سيتقدم بطلب لوزارة الداخلية من أجل الخروج بما سمّاها “مظاهرة سلمية”، أمام البرلمان وسط العاصمة دمشق من أجل التنديد بالقرار.
فيما اعتبرت نائبة عميد كلية الإعلام بجامعة دمشق، نهلة عيسى، بأن ما يجري تعسفاً، بما وصفته بأن “ملء خزينة الدولة لا يأتي على حساب كرامات الناس”، وكشفت أنها لا تملك سوى سيارة، وراتب شهري لا يتجاوز 200 ألف ليرة سورية.
وأشارت أصوات أخرى مؤيدة للحكومة أيضاً، بأن القرار الأخير، هو قرار ظالم بحق شريحة كبيرة من المواطنين، حيث إنها حرب سلاحها رغيف الخبز، حيث ناشد البرلماني ناصر الناصر بحجب الثقة عن الحكومة، مؤكداً أن قرار رفع الدعم قرار ظالم وغير مدروس ويجب إلغاؤه فوراً.
وفي الثلاثاء الفائت وفي تصريحات إذاعية، أعلن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، عقب الانتقادات المذكورة، بأن ما حصل هو “أخطاء تقنية وليس قراراً”، أن “وزارة الاتصالات خصصت موقعاً لتلقي طلبات الاعتراض من قبل المواطنين الذين أُزيل عنهم الدعم بشكل خاطئ”.
في حين عقدت حكومة السورية، أمس الأربعاء، اجتماعاً وصفته بـ”العاجل”، لبحث الاعتراضات التي تلقتها دون أي تغيير، حيث طالب أعضاء في “مجلس الشعب” خلال الاجتماع، بإيقاف تنفيذ قرار رفع الدعم لحين دراسته، مشيرين إلى أنّ موضوع الخبز “خط أحمر، ولا يجوز أن ينحرم أحد منه تحت أي ظرف”.
وقال فيصل جمول إنّ ” الحكومة ارتكبت خطأ كبيراً، ولا بّد من دراسته بشكل أدق وأكثر تفصيلاً، حتى يكون متطابقاً مع المعلومات الحقيقية ويحقّق مصلحة للمواطنين المستحقين للدعم، حيث أن جميع أعضاء البرلمان رفضوا قرار رفع الدعم، وطالبوا بإيقاف العمل به لحين دراسته دراسة دقيقة.
وفي السياق ذاته، بررت بعض الأصوات الإعلامية القرار بأنه نتيجة “عجز الحكومة على تمويل المواد المدعومة، لانعكاس غليان الأسواق العالمية على الكميات المتاحة من المواد الغذائية”.
وتعاني المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية منذ سنوات، من عدة أزمات شملت الوقود والطاقة والخبز إضافة إلى انهيار الليرة ما عاد بآثار كارثية على كل مفاصل الحياة فيها وجعل منها حياة متاحة بشق الأنفس.