الحكومة السورية ومواقفها السياسية.. هل يمكن أن يؤثر على مشروع الإدارة الذاتية؟

أظهرت الحرب في أوكرانيا عمق الانقسام السوري، فكانت ردود الأفعال متعاكسة تبعاً لطبيعة الاستقطابات الداخلية، وتبعاً لاختلاف مناطق السيطرة، وأيضاً في المنطقة التي احتلتها تركيا، ومعها مجموعات مسلحة سورية وأجنبية.
باتت أغلب الجهات والدول تترقب نتائج الحرب وما يمكن أن تتركه من آثار واسعة في مشاريعها التي لا يمكن التنبؤ بمصيرها ومستقبلها.
وقبل أسبوع، أعلنت الحكومة السورية، اعترافها بـ”جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك”، وذلك بعد أن بحث الرئيس بشار الأسد الاعتراف بـ”جمهورية دونيتسك” قبل شهرين مع وفد برلمانيٍ روسيٍ ضم ممثلين عن جمهورية دونيتسك زار دمشق.
فإنَّ خسارة روسيا الحرب ستمنح واشنطن مزيداً من الأوراق الضاغطة لإيجاد وضعية خاصة بها في النسيج السوري، نتيجة التباين الفكري والأيديولوجي، وتجاربهم السيئة، ولاسيما بإعطاء الضوء الأخضر لتركيا لاجتياح مناطق الشمال السوري وتهجير سكانه، وهم يراهنون على عودة العلاقة التاريخية مع موسكو لإحداث تغيير سياسي يجعلهم شركاء في إدارة سوريا.
والجدير بالذكر بأن الإدارة الذاتية تدير مساحة واسعة من مناطق شمال وشرق سوريا، بمشروعها الديمقراطي وجناحها العسكري، قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وإن نتائج الحرب في أوكرانيا سيكون لها آثار جدية على مناطق الشمال السوري.
ويبقى السؤال بأنه لماذا تستطيع الحكومة السورية الاعتراف بالجمهوريتين المذكورتين، ولا يمكنها إعادة النظر بالاعتراف بمشروع الإدارة الذاتية في مناطق شمال وشرق سوريا؟
ولا تعترف حكومة دمشق بالإدارة الذاتية، بالرغم من الهجمات والانتهاكات التي تمارسها تركيا على مجمل المناطق، ولا حتى الاعتراف بأن تركيا تحتل مناطق ومدن داخل الأراضي السورية، الذي تسبب بنزوح وتشرد الآلاف من السكان.
وأبدت الإدارة الذاتية استعدادها على الدوام بالحوار مع الحكومة السورية، وجميع الأطراف المهتمة بمشروعيتها وإدارتها، ضمن سياق الحفاظ على مشروعها الذاتي، ومكتسبات وثقافات جميع المكونات والديانات التي تحتضنها دون تمييز.
وتأتي مخاوف الانتصار الروسي من أن يجعل موقف موسكو في وضع مريح لفرض شروطها على أنقرة، للتخلّص من التنظيمات الإسلامية، ما يجعلها مجردة من قوتها، ومعرضة لفقدان الذرائع للاحتفاظ بالأراضي السورية التي احتلتها، وخصوصاً عذر اللاجئين السوريين، وإيجاد الحل السياسي ومبررات تهديدات الأمن القومي.