ما وراء التصـ.ـعيد الأميركي الإيراني في سوريا ؟

ثلاث جولات من القصف المتبادل بين ضفتي الفرات بدأت ليل الخميس الماضي واستمرت لـ 48 ساعة وضعت القوات الأميركية في قاعدتي العمر وكونيكو وكامل الخط من مدينة دير الزور وحتى مدينة البوكمال على أهبة الاستعداد، وسط تهديدات أمريكية بالرد السريع على كل هجوم تتعرض له قواتها في المنطقة.

هذه المناوشات المتبادلة بين “الحرس الثوري الإيراني” و”القواعد الأميركية”، ما هي إلا بداية حالة جديدة مرتبطة بتغيرات دولية وتحركات إقليمية، وفق ما أفاد مراقبون للشأن.

اقتصر الرد الأميركي على استهداف مقار ومستودعات للحرس الثوري الإيراني في مدن البوكمال والميادين ودير الزور، ما أسفر عن مقتل 11 من المجموعات الموالية لإيران من الجنسية السورية، و3 من قوات الحكومة السورية، و5 من المجموعات الإيرانية من جنسيات غير سورية، وفق المرصد السوري. لكن المجموعات المسلحة الإيرانية أخلت مواقعها تجاه البادية السورية وأبقت على منصات إطلاق صواريخ لتعاود استهداف المواقع الأميركية، وفق ما أفادت وسائل إعلامية.

من جانبه علق السيناتور ليندسي جراهام على رد الفعل الأميركي قائلا  في بيان: “من الواضح أن الاستجابة الضعيفة وغير المؤكدة للهجوم الأولي لم تنجح. أخشى أن تؤدي الردود الضعيفة وغير المؤكدة إلى مزيد من القتلى الأميركيين، وزيادة جرأة أعدائنا”.

وبالفعل، توعد المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني كيوان خسروي، بـ”ردّ حاسم” على القوات الأميركية بعدما استهدفت “قواعد إيرانية” بريف دير الزور شرقي سوريا، محذراً: “أي مُسوّغ لاستهداف القواعد التي تم إنشاؤها بناء على طلب (الحكومة السورية) للتصدي للإرهاب وعناصر الدولة الإسلامية في هذا البلد سيقابل برد مضادّ وحاسم”.

للمرة الأولى يذكر تصريح إيراني رسمي كلمة “قواعد عسكرية”، بعد أن كانت طهران تشدد على أن وجودها العسكري في سوريا يقتصر على “المستشارين”

ويحلل مراقبون ومتابعون لملف التصعيد الأميركي الإيراني في سوريا أنه، في حين تتجه أنظار إدارة بايدن لشرق العالم ويستعد الجيش الأميركي لنقل طائراته الحديثة إلى المحيط الهادئ وأوروبا لردع الصين وروسيا والإبقاء على قوات بحرية وبرية محدودة بمنطقة الشرق الأوسط، بدأت دول الشرق الأوسط تعي الاستراتيجية الأميركية المقبلة.

حيث أعلنت طهران والرياض بشكل مفاجئ في العاشر من آذار الجاري اتفاقهما على استئناف العلاقات الدبلوماسية بعد 7 سنوات من القطيعة، ويجري الآن التنظيم للقاءات على مستوى وزراء الخارجية وزعيمي البلدين.

ووفق ما حلل سياسيون ومواقع إعلامية فإنه وبعد الاتفاق مع السعودية والترحيب بعودة الحكومة السورية للحضن العربي، قد يبدو التصعيد الإيراني مناقضاً للمنطق الذي يستدعي أن تبدي فيه طهران بوادر حسن نية تبدد أي قلق سعودي، لكن الملف السوري لم يكن حاضراً بين البلدين ضمن الاتفاق بقدر ما كان اليمني، ولذلك فإن التفاهم حول سوريا سواء مع روسيا أو تركيا أو العرب سيكون له طاولة منفصلة، ولذلك تسير السعودية في بوادر التطبيع مع الحكومة السورية ببطء مقصود، حيث كان التصريح السعودي الرسمي بأن ما يحصل يقتصر على إعادة فتح قنصليات لتسيير معاملات مواطني البلدين.

ووفق مراقبون، فإن هذه الجولة الإيرانية التصعيدية هي نتيجة متوقعة للتراخي الأميركي في سوريا والمنطقة وللخطوات العربية التطبيعية غير المشروطة مع حكومة دمشق.

وتوجد القوات الأمريكية في سوريا منذ عام 2015، حيث لا يزال هناك نحو 900 جندي أمريكي منتشرين في المنطقة المعروفة باسم “منطقة شرق سوريا الأمنية”، بهدف هزيمة تنظيم داعـ.ـش الإرهابي.