كشفت صحيفة الاندبندنت العربية، عن أسباب ومزاعم تغيير اسم السفارة الأميركية في دمشق عبر صفحاتها ومنصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لتصبح “السفارة الأميركية في سوريا”، في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة.
وأفاد مراقبون، بأن ذلك جاء تمهيداً لنقل التمثيل الدبلوماسي إلى أماكن خارج مناطق الحكومة السورية، وذلك في المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
ونقلت تقارير إعلامية أجنبية، إلى اجتماع ثلاثي ضم القيادة الأميركية المركزية والتحالف والإدارة الذاتية بهدف نقل السفارة من دمشق إلى الحسكة.
وأشارت المصادر إلى حضور منسقة شؤون سوريا في فريق الشرق الأوسط التابع لمجلس الأمن القومي الأميركي، زهرة بيل.
وذكرت المصادر، بنقل وفد من الموظفين القنصليين إلى مناطق شمال وشرق سوريا، على أن يتم بعدها تعيين كبار الموظفين تمهيداً لتعيين سفير لها بعد انقطاع استمر منذ شباط عام 2012 حينما سحبت واشنطن كادر السفارة بمن فيهم السفير الأميركي، روبرت فورد.
وقال الدبلوماسي السابق في وزارة الخارجية السورية عبدالحميد فجر سلوم، في حديثه لـ”اندبندنت عربية”، أن ما حدث دليل ومقدمة لفتح تمثيل دبلوماسي أميركي خارج العاصمة دمشق، وربما في شرق الفرات أو شمال سوريا حيث سبق أن زار منذ فترة أعضاء من الكونغرس الأميركي هذه المنطقة.
ويرى سلوم أن “إجراء نقل السفارة في حال حدوثه يندرج ضمن مخطط تفتيت الأراضي السورية وترسيخ ما يطلق عليه حكم الأمر الواقع من خلال تثبيت الفصائل المتشددة على امتداد مساحة البلاد، على أن تفضي مع مرور الوقت حدوداً دولية، وهذا أمر يصعب تحقيقه حالياً في ظل الصدام الروسي – الأميركي في أوكرانيا”.
ولم يستبعد الدبلوماسي السابق أن تمارس السفارة في دمشق نشاطها من إسطنبول على أن تعاود نشاطها من داخل الأراضي السورية في وقت لاحق.
وتابع: “هناك معلومات تفيد أيضاً بأنه يمكن للسفارة أن تنقل أعمالها إلى مبنى السفارة الأميركية في بيروت بعد الانتهاء من تجهيزه، وهو مبنى ضخم وضخامته تحمل كثيراً من المؤشرات”.
في المقابل، هناك جهات تعتبر أن السفارة تتجهز لنقل أعمالها إلى الشمال أو الشرق السوري، وبحسب وصفهم “هذا يندرج ضمن الضغوط الدولية على دمشق والعقوبات السياسية والاقتصادية، وفي حال حدوثه سيكون ضربة موجعة للعاصمة السورية”.
في الوقت ذاته، لا تخفي الجهات المعارضة التابعة للنفوذ التركي خشيتها من فتح السفارة ضمن الأراضي التابعة للإدارة الذاتية الكردية، وهو بلا شك سيعطي للأحزاب الكردية والفريق الانفصالي شرعية، وهذا ما تخشاه تركيا أيضاً.
كما اعتبر متابعين للشأن السياسي بأن إنشاء سفارة أميركية في الشمال السوري سيتيح تقديم تسهيلات وخدمات واسعة للسوريين والرعايا الأميركيين، وسيحقق حماية لمصالح الولايات المتحدة، لا سيما بوجود قوات عسكرية أميركية ضمن آبار النفط.
وفي السياق، أعربت السفارة الأميركية مؤخراً عن “قلقها” إزاء التقارير حول استخدام القوة في السويداء جنوب سوريا.
وأشارت في بيان لها، إلى دعم حق الشعب السوري في التظاهر السلمي من أجل الكرامة والحرية والأمان والعدال، منوهة إلى الحل السياسي وفقاً للقرار الأممي رقم 2254 كحل وحيد، وممكن لهذا النزاع.
وكان آخر السفراء الأميركيين في سوريا، فورد، تسلم مهامه في 29 ديسمبر (كانون الأول) 2011 بعد قرار من الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما.
وجاء عقب انقطاع دام ست سنوات حين استدعت الولايات المتحدة سفيرها السابق إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في فبراير 2005.
وجاء إجراء تغيير اسم السفارة تزامناً، مع تطورات داخلية منها الحراك الشعبي في السويداء جنوب البلاد احتجاجاً على الواقع المعيشي المتردي.
كما يعتقد الدبلوماسي السوري سلوم بأن سوريا باتت وسط تقاطع النيران الروسية – الأميركية بعد الحرب الأوكرانية، وأظهرت دمشق تحمسها الشديد في تأييد خطوة موسكو، وهو ما أثار حفيظة واشنطن.
وقال “أميركا لا تنسى، فهي تسجل كل شيء وتحتفظ به للوقت المناسب، السياسة لعبة شطرنج على رقعة واسعة، وكما حسابات اللعبة تحتاج إلى حرفية عالية وتفكير عميق وحسابات دقيقة قبل القيام بأي حركة، فكذلك السياسية، تحتاج إلى المهارات ذاتها حتى لا يفاجئك الخصم في لحظة مفاجئة بعبارة (كش ملك)”، وفق ما نقلت الصحيفة.